أحــدث التقنيـــات في مجــال الطــيران الأمنــي.. كفـــاءة وريــادة
القائـد الطيـار صديـق ساعـد: سعـي مستمـر لتعزيـز الجاهزية وضمان مستقبل آمن ومستدام
بين 260 و300 طلعة جوية سنويا تبعا للظروف المناخية وعـدد المهمـات الميدانيـة
أكثر من 300 طلعة جوية سنويا.. تدخل سريع واستجابة فوريـة
تجاوز الأطر التقليدية لمفهوم العمل الأمني بفضل رؤية استشرافية قويمة
جميع عمليات الصيانة والمتابعة تتمّ حصريا بأيد جزائرية خالصة
في خضم التحولات المتسارعة التي يشهدها العالم في المجال الأمني، تواصل الشرطة الجزائرية ترسيخ مكانتها كدعامة أساسية للاستقرار الوطني، وحصن منيع لحماية المجتمع، في مسيرة الجزائر نحو التنمية والازدهار.
نجحت الشرطة الجزائرية بفضل رؤية استشرافية قويمة، في تجاوز الأطر التقليدية لمفهوم العمل الأمني، لتكرّس حضورًا احترافيًا يرتقي بها إلى مصاف المؤسسات الأمنية الحديثة.
في هذا المسار، برزت الوحدة الجوية للأمن الوطني كأحد أبرز رموز هذا التحول، مستفيدة من التكنولوجيات المتطورة والمهارات العالية التي تميز فرقها.وتبرز الوحدات الجوية للأمن الوطني كعنصر استراتيجي، ومكون أساسي لهذه الدينامية، نظرا لما تتمتع به من تجهيزات متطورة وجاهزية ميدانية عالية، مما يجعلها في طليعة فرق التدخل السريع والاستجابة الفورية، مثلما أكد العميد الأول للشرطة، مختار صديق ساعد، قائد الوحدة الجهوية للأمن الوطني بوهران.
روح الفريق والتدريب المتواصل.. سر التفوق
أفاد القائد الطيار مختار صديق ساعد، خلال زيارة جريدة “الشعب” إلى مقر الوحدة الجهوية، أن “هذه الوحدات، تمثل تجسيدا حيّا لإرادة جهاز الأمن الوطني في السعي المستمر نحو تعزيز الجاهزية وضمان مستقبل آمن ومستدام”.
جاءت زيارة “الشعب” إلى مقر الوحدة، المتواجد بالمطار الدولي أحمد بن بلة، جنوب ولاية وهران، لتقديم رؤية ميدانية شاملة، تُبرز ما تتميّز به هذه الوحدة من تنظيم محكم وكفاءة عالية. وكان في استقبال بعثة “الشعب”، العميد الأول للشرطة، الطيار مختار صديق ساعد، الذي قدم عرضا مفصلا عن الهيكل الإداري وآلية توزيع المهام والجهود المبذولة، ما يعكس مستوى عالياً من الاحترافية في العمل.
خلال الجولة، لاحظت “الشعب” مدى الانضباط السائد في بيئة العمل، إلى جانب التناغم المثالي بين أفراد الطاقم، ما قدّم صورة جلية عن روح الفريق والتفاني الذي يميز أداء هذه النخبة وعملها الأمني الدقيق.
وفي تصريح للعميد الأول للشرطة، صديق ساعد، أكد أن “الوحدة الجوية الجهوية، تُعدّ مثالا يُحتذى به في مجال الفعالية العملياتية والتنسيق الميداني”. وأضاف: “يمتد إقليم اختصاص الوحدة ليغطي 12 ولاية في غرب البلاد، ما يمنح جهاز الأمن الوطني أبعادا جديدة من التفوق الجوي والدعم اللوجستي عالي المستوى، ويعزز التناغم بين الوحدات الأرضية والمروحيات، بما يضمن جاهزية واستجابة فعالة في مختلف الظروف”..
واستنادا إلى التوضيحات المقدمة، تخضع الوحدة الجوية التابعة للأمن الوطني، لإشراف مباشر من قائد الوحدة الذي يتكفل بالتنسيق بين مختلف المصالح التابعة لها، بما يضمن تكامل الأداء في الجوانب الفنية، اللوجستية والتقنية”.وينقسم التنظيم الداخلي للوحدة إلى مجموعة من المكاتب المتخصصة، يأتي في مقدمتها مكتب العمليات، الذي يعد حجر الأساس في التنسيق والتنفيذ؛ إذ يضم قاعة العمليات لمتابعة الطلعات الجوية، إضافة إلى مكتب رسم الخرائط الذي يوفر دعما بصريا ومعلوماتيا للبعثات.
ويتكامل مع ذلك مكتب التحويل الآلي الذي يتولى معالجة تقارير الطيران وتوجيهها نحو القيادات المعنية، إلى جانب قسم تكوين الطيارين المسؤول عن تأهيل الكوادر الجوية، وقسم الحوسبة ووسائط الإعلام المعني بمعالجة الفيديوهات والبيانات الميدانية.أما من الجانب التقني، فيبرز مكتب الصيانة باعتباره الجهة المسؤولة عن ضمان سلامة الطائرات وجاهزيتها، ويضم ثلاثة أقسام متخصصة: فحص وإصلاح الهياكل وصيانة المحركات، بالإضافة إلى معالجة المنظومات الإلكترونية والكهربائية للطائرات؛ حيث تُنفّذ عمليات الصيانة ضمن برامج وقائية ودورية من المرآب إلى المدرج.
وفيما يتعلق بالجانب الإداري، يتولى مكتب الخدمات اللوجستية الإشراف على شؤون الموظفين، بما في ذلك المورد البشري والجوانب الاجتماعية، إلى جانب إدارة الوثائق والمراسلات الخاصة بعمل الوحدة. أما من الناحية الأمنية، فهناك مكتب أمن الطيران، الذي يُعنى بحماية العمليات الجوية من المخاطر المحتملة، وذلك عبر مراقبة دقيقة وتنفيذ إجراءات السلامة المخصصة للطواقم والمعدات.ويكتمل الهيكل التنظيمي بمكتب التجهيز والأمن والسلامة، الذي يعمل على توفير بيئة عمل آمنة وخالية من المخاطر، من خلال تطبيق تدابير الصحة والسلامة المهنية، وتحضير خطط الطوارئ، والتدخل الفوري عند وقوع الحوادث أو الحالات الاستثنائية.
في سياق ذي صلة، أكد محدثنا أن “أفراد الوحدة يواصلون أداء مهامهم على مدار الساعة، دون توقف، سعيا لضمان أقصى درجات الاستعداد العملياتي والحفاظ على المستوى الاحترافي العالي الذي يميزهم. ويعكس هذا الالتزام، التوجه نحو اعتماد أحدث التقنيات في مجال الطيران الأمني، مما يدل على احترافية عالية واستعداد دائم لمواجهة التحديات المتنوعة.
وأوضح قائلا: “الطيارون والتقنيون، يستفيدون من برنامج تدريب مستمر، يتضمن دورات داخل البلاد وخارجها، أبرزها في إيطاليا، بما في ذلك تدريبات باستخدام محاكاة الطيران، بالإضافة إلى دورات تخصصية تهدف إلى مواكبة التطورات العالمية في مجال الطيران”.
فعاليــة فــي الأداء..
وأكد محدثنا أن “الوحدة الجهوية- وهران، تُنفذ سنويا ما يتراوح بين 260 و300 طلعة جوية، وذلك تبعا للظروف المناخية وعدد المهمات الميدانية”. مشيرا إلى أن “هذه الطلعات تنقسم إلى نوعين: الأولى، تكوينية تهدف إلى تعزيز القدرات المهنية. والثانية، ميدانية تُخصص لتنفيذ دوريات جوية”.
في سياق متصل، ثمن المسؤول الأمني ذاته جاهزية الأسطول الجوي التابع للأمن الوطني، مؤكدا أنه “يضم طائرات حديثة ومتطورة من طراز AS355 “سنجاب”، وAW109، المصمّمة خصيصا لتلبية المتطلبات الأمنية الدقيقة”. وأوضح، أن “هذه الطائرات مزودة بأنظمة بصرية ورادارية متقدمة، تشمل كاميرات عالية الدقة وتقنيات متطورة تتيح تصوير أدق التفاصيل حتى في ظروف الإضاءة الخافتة، بل وتعمل بكفاءة أثناء الليل”.
تحديثات تقنية وصيانــة محليـــة كاملـــة
وأشار العميد الأول للشرطة، صديق ساعد، إلى أن الطائرات تخضع بشكل دائم لعمليات التحديث باستخدام أنظمة وتقنيات متطورة، الأمر الذي يعزز من فاعلية الأداء الميداني ويضمن استجابة دقيقة وسريعة للمهام الحساسة. وشدّد على أن “جميع عمليات الصيانة والمتابعة تتم حصريا بأيدٍ جزائرية خالصة، ما يعد إنجازا نوعيا يُجسد الإمكانات والكفاءات الوطنية في هذا المجال المتخصص”. وأضاف، أن “فنيي الصيانة، يمتلكون خبرات متقدمة ومتعددة التخصصات، تشمل هندسة هياكل الطائرات، أنظمة الدفع، بالإضافة إلى الأنظمة الكهربائية والإلكترونية، مما يعزز من جاهزية الأسطول ويضمن أعلى مستويات السلامة والأداء”..
ريـــادة أمنيـة..
في أثناء جولتنا، عبر العميد الأول للشرطة مختار صديق ساعد، عن فخره بالتطور المحقق في مجال الدعم الجوي، والذي يجسّد انسجاما فريدا بين التكنولوجيا الحديثة والكفاءات الوطنية، ويضع الجزائر في مصاف الدول المتقدمة أمنيا. وأوضح، أن “الوحدات الجوية تتمتع بقدرة استثنائية على تغطية نطاق ولاية بأكملها في وقت قصير، ما يمنحها تفوقا ملحوظا في تنفيذ مهام دقيقة من ارتفاعات شاهقة، مع التنسيق المستمر مع غرف العمليات الولائية، ويعزز التكامل في المنظومة الأمنية”.
وجدد محدثنا التأكيد على أن “هذه الوحدات الجوية لا تقتصر على كونها دعما تقنيا فحسب، بل تُعد عنصرا محوريا في تطبيق الخطط الأمنية، ورصد التحولات الميدانية بفعالية ودقة، الأمر الذي يساهم في اتخاذ قرارات ميدانية مدروسة تكرّس الأمن والاستقرار في كامل أرجاء الوطن”..
حوامات الأمن.. حمائم الأمان
في السياق، استعرض محدثنا المهام الجوهرية التي تضطلع بها التشكيلات الجوية التابعة للأمن الوطني الجزائري، وفي مقدمتها ضمان تغطية شاملة للمحاور الحيوية والشبكات الكبرى للطرق عبر مختلف الولايات، بما يُمكّن من تقديم وصف دقيق وآني لحالة المرور، بالتنسيق المستمر والدقيق مع غرف العمليات التابعة لمصالح أمن الولايات، وفق تعبيره.
وأكد الطيار القائد، أن “الطائرات المروحية المجهزة بكاميرات عالية الدقة، تُستخدم لرصد شتى أنواع المخالفات المرورية المرتكبة من قِبل السائقين والمركبات، لتُبلغ فورا إلى فرق الأمن العمومي المنتشرة ميدانيا، قصد التفاعل الفوري واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة”.
وأضاف، أن “أطقم الطائرات المروحية، تتدخل أيضا في الحوادث المرورية، من خلال المعاينة الجوية وتوفير تغطية للمكان إلى غاية استعادة السير الطبيعي، وهو ما يسرّع التعامل مع الوضعية بشكل آمن وفعّال”، مشيرا إلى أن “التغطية الجوية للأحداث الهامة، وخصوصا التظاهرات الكبرى كمباريات كرة القدم ذات الجماهير الغفيرة، تُعد من أبرز المهام؛ حيث تتم مراقبة الوضع قبل، أثناء وبعد الحدث، مع تتبع حركة الجماهير والتفاعل مع أي طارئ بالتنسيق الكامل مع قاعات العمليات”..
ولفت المتحدّث، إلى أن “المروحيات مجهزة بكاميرات متطورة عالية الدقة، تُمكن من التقاط لوحات ترقيم المركبات من ارتفاع يزيد عن ألف قدم، حتى ليلا، مما يسمح بمتابعة المركبات المشبوهة والتحقق من معلوماتها آنيًا”. إضافة إلى أنها تساهم في تأمين المواكب الرسمية منذ لحظة الانطلاق وحتى الوصول، سواء قبل،، أثناء أو بعد الحدث، مع إرسال الصور مباشرة إلى الجهات المختصة، ما يسمح بتأمين المسلك وتفادي أي محاولات اختراق أو تعطيل، فضلا عن دعم اتخاذ القرارات الأمنية وفقا لتطورات الوضع الميداني، وفق تعبيره.وفي مجال العمليات الخاصة، أفاد القائد الطيار أن “الحوامات، تُعدّ الوسيلة الأنجع لنقل وإنزال عناصر وحدات التدخل الخاصة إلى الميدان، بفضل سرعتها وقدرتها على الوصول إلى الأماكن الوعرة أو صعبة التضاريس، على غرار أسطح المباني والمرتفعات، ما يمنح عنصر المفاجأة والدقة في تنفيذ المهام الخاصة”..
في ختام الزيارة الميدانية لـ “الشعب” إلى الوحدة الجوية للشرطة في وهران، أكد العميد الأول للشرطة، الطيار مختار صديق ساعد، أن “الوحدات الجوية للأمن الوطني، تمثل تجسيدا للتطور الكبير الذي حققته المؤسسة الأمنية الجزائرية في تعزيز الأمن الشامل.