طباعة هذه الصفحة

من شبكات الكهرباء إلى شبكات السكـك الحديديــة

قوة جزائرية ضاربة لتحقيق التكامل الإفريقي

قصر المعارض: فايزة بلعريبي

”سونلغاز”: نتواجد بالعديد من الدول الإفريقية وخبرتنا تأشيرتنا

”أنسريف”: سننجز 15 ألف كلم من السكة الحديدية آفاق 2030

أوضح الناطق الرسمي لمجمع “سونلغاز”، خليل هدنة، على هامش فعاليات معرض التجارة البينية الإفريقية، التي تتواصل لليوم السادس على التوالي، أن تواجد “سونلغاز” بمعرض التجارة البينية الإفريقية، هو تأكيد على حضور المجمع القوي على المستوى القاري، وخاصة بدول الجوار. من جهة أخرى، تأكيد على مهنية وسمعة المجمع التي اكتسبها، طيلة عقود من الزمن من خلال عدد كبير من المشاريع المنجزة محليا وخارج الحدود.

عن طموحات سونلغاز من خلال المشاركة في هذه التظاهرة الاقتصادية، أجاب هدنة في تصريح لـ«الشعب”، أن المجمع بصدد التفاوض مع العديد من الشركاء الأفارقة، لإمضاء اتفاقيات شراكة لتجسيد مشاريع استثمارية، بالعديد من الدول الإفريقية.
وفي عرضه لاستراتيجية “سونلغاز” وحصيلتها بالعمق الإفريقي، أفاد هدنة أن سونلغاز تصدر ما يزيد عن 500 ميغاواط/يوميا، مشيرا إلى الطموح إلى الوصول إلى دولة ليبيا عبر تونس، ومنها إلى دولة مصر.
 كما قامت سونلغاز بتصدير العدادات الكهربائية، المصنّعة بوحدة العلمة “ساياك”، الذراع الصناعي لمجمع سونلغاز. كما قامت سونلغاز بعملية تصدير 400 عمود شحن للسيارات الكهربائية إلى ليبيا.

تصدير الخبرة... الوجه الآخر للريادة

وبالنظر إلى خبرتها الطويلة وسمعتها العالمية، تمكنت سونلغاز، يقول هدنة، من ضمان تكوين لعمال الكهرباء والغاز بـ14 دولة إفريقية. كما تمتلك سونلغاز 28 مخبرا لتأهيل المعدات التي تستعمل في شبكات الكهرباء والغاز بمعايير دولية.
قام المسؤول الأول عن المجمع، الدكتور مراد لعجال، بإمضاء اتفاقية مع “لاوب- “LAWP”، وهي منظمة إفريقية تضم 14 دولة تحت لواء” سي.دي.أوو”، واتفاقية مع جمعية “ALAEC”، وهي جمعية إفريقية تضم 54 مؤسسة تنشط في مجال الكهرباء والغاز بإفريقيا ودول الساحل.
وزار المجمع وفدٌ من تنزانيا والموزمبيق برئاسة سفير الموزمبيق بالجزائر، وكذا إلى السنغال لإبرام اتفاقيات تعاون. ومن خلال ما سبق استعراضه من إنجازات لسونلغاز، أكد ناطقها الرسمي، أن ما قامت به من إنجازات جعل منها قبلة لاتفاقيات الشراكة وقامة إفريقية في مجال الكهرباء والغاز.
ولأن النجاح على الصعيد الدولي، لا يكتمل الا بنجاح على الصعيد الداخلي، في هذا الصدد، أضاف هدنة أن مجمع “سونلغاز” استطاع أن يضمن على المستوى المحلي، سلسلة القيم من إنتاج إلى توزيع ونقل الكهرباء وتصنيع معدات بنسبة إدماج تفوق 95%، وهو ما يدعو للفخر والاعتزاز للجزائر عامة التي أصبحت قامة إقليمية في مجال الكهرباء والغاز.

السكة الحديدية... الطرق نحو العمق

ومن شبكة الكهرباء إلى شبكة الطرق، أين أكد نائب مدير الاتصال بالوكالة الوطنية للدراسات ومتابعة إنجاز الاستثمارات في السكك الحديدية “أنسريف”، معاذ برياش، في تصريح لـ “الشعب”، أن ذات الوكالة -التي تتكفل بمهام تطوير شبكة السكك الحديدية في الجزائر، من خلال برنامج وطني يهدف إلى تحديث وتوسيع وعصرنة الشبكة الوطنية، عبر تجديد الخطوط القديمة، وكذا إنجاز خطوط جديدة، بالإضافة إلى عصرنة كل هذه الخطوط، من خلال تجهيزها بأحدث أنظمة الإشارة والاتصالات ذات المواصفات العالمية- تشارك في هذه الطبعة من المعرض من أجل إبراز الدور الحيوي للسكك الحديدية في دعم التبادل التجاري بين دول القارة.
وركز معاذ برياش في سياق تصريحه، بشكل خاص على مشروع الخط العابر لإفريقيا، الذي لا يقتصر على ربط شمال الجزائر بجنوبها، بل يمتد ليصل إلى العمق الإفريقي، مما يجعله شريانا استراتيجيا للتنمية والتكامل الاقتصادي. هذا الخط سيساهم في تسهيل حركة البضائع والسلع، وخفض تكاليف النقل، وتعزيز مكانة الجزائر كمحور رئيسي في منظومة النقل الإفريقية، ما يجعله جسرا لوجستيا واقتصاديا فعالا يربط إفريقيا بأوروبا.

الخط العابر للصحراء

وأضاف معاذ برياش، أن مشروع السكة الحديدية العابر للصحراء، الذي سيربط الجزائر العاصمة بمدينة تمنراست، على امتداد يقارب 2439 كلم، يعد من بين أضخم مشاريع السكك الحديدية في العالم، التي تنجز في بيئة صحراوية قاسية. ويمر الخط عبر ولايات محورية، مثل البليدة، المدية، الجلفة، الأغواط، غرداية، المنيعة، عين صالح، وصولا إلى تمنراست، مع إمكانية ربطه مستقبلا بالعمق الإفريقي ضمن رؤية الربط القاري.
 أما من حيث تقدم الأشغال، فقد دخلت بعض أجزاء المشروع حيز الخدمة، لاسيما المقطع الرابط بين بوغزول، الجلفة، والأغواط على مسافة 250 كلم، وهو مجهز بخمس محطات حديثة ويستقبل قطارات عالية السرعة.
 كما انطلقت أشغال التحديث على المقطع الرابط بين الجزائر العاصمة والشفة، بطول 152 كلم، وتم إطلاق أشغال الإنجاز فعليا في المقطع الرابط بين قصر البخاري وبوغزول 42 كلم. من جانب آخر، استكملت الدراسات التقنية في عدة مقاطع رئيسية، منها الشفة– قصر البخاري، والأغواط- غرداية- المنيعة- عين صالح وعين صالح- تمنراست.
 ونظرا لطبيعة التضاريس الصحراوية المعقدة، تابع المتحدث، فإن هذا المشروع يمثل شريانا استراتيجيا من شأنه تعزيز التكامل الوطني وفتح آفاق الربط الاقتصادي واللوجستي بين شمال إفريقيا ودول الساحل والعمق الإفريقي”، موضحا أن الشبكة الوطنية للسكك الحديدية، قد عرفت تطورا كبيرا، خاصة في الآونة الأخيرة، حيث دخل الخدمة حوالي 1000 كلم من الخطوط، آخرها ربط تندوف بغار جبيلات على مسافة 135 كلم، ليصل طول الشبكة 5022 كيلومترا. ومع دخول بقية الخطوط التي هي قيد الإنجاز على مسافة حوالي 2000 كلم حيز الخدمة، من المنتظر أن يبلغ طول الشبكة عتبة 7000 كيلومتر، في أفق الوصول إلى 15 ألف كيلومتر بحلول سنة 2030.

الخط المنجمي الغربي... ملحمة الحديد والصلب

وتطرق معاذ برياش، إلى الخط المنجمي الغربي، الذي يعد من أضخم مشاريع السكة الحديدية في إفريقيا يمتد على مسافة 950 كلم ويربط مناجم الحديد في غار جبيلات بتندوف وبشار.
الخط مخصص لنقل المسافرين والبضائع، وبالدرجة الأولى نقل خام الحديد من منجم غار جبيلات إلى المناطق الصناعية والتحويلية، ثم إلى الموانئ الكبرى شمالا المربوطة بشبكة السكك الحديدية.
ومن أجل ربح الوقت وتسريع وتيرة الإنجاز المشروع، أضاف المتحدث، تم تقسيم المشروع إلى 4 مقاطع، كل مقطع تتكفل به شركات ذات كفاءة عالية في إنجاز خطوط السكك الحديدية. حيث المقطع الأول يمتد على مسافة 200 كلم وتتكفل بإنجازه شركات وطنية استطاعت في ظرف قصير لا يتجاوز 16 شهرا من إنجاز جزء من هذا المقطع على مسافة 100 كلم من بشار إلى العبادلة، والذي قام بتدشينه رئيس الجمهورية شخصيا خلال زيارته الأخيرة إلى ولاية بشار، حيث أعجب كثيرا بمحطة القطار العبادلة وكان راضيا عن وتيرة الإنجاز بباقي الخطوط.
أما المقطع الثاني، الذي يمتد على مسافة 440 كلم ونظرا لتضاريس المنطقة المعقدة والظروف المناخية الصعبة والعزلة، باعتبارها منطقة صحراوية، فقد أوكلت مهمة الإنجاز لمجمع شركات جزائري- صيني عنده خبرة كبيرة في إنجاز مشاريع في ظروف مماثلة. ويتم العمل حاليا بوتيرة متسارعة جدا تشهدها أشغال إنجاز هذا الخط خاصة، مع تدعيم ورشات وضع السكة الحديدية بقطار متطور مخصص لوضع السكة الحديدية بقدرة تصل إلى 3 كيلومترات/ يوميا، ما أعطى دفعة كبيرة لإنجاز هذا المقطع الذي بلغ مراحله الأخيرة وسيسلم قريبا جدا. أيضا ومن أجل تسريع وتيرة الإنجاز وخفض التكاليف، جهزت هذه المشاريع بمصانع خاصة لصناعة العوارض الخرسانية الأولى من نوعها في الجزائر والتي تتحمل حمالات ضخمة.
ويربط المقطع الثالث تندوف بأم العسل على مسافة 175 كلم ويشهد مراحل متقدمة في الإنجاز، وقد بلغت الأشغال به إلى مرحلة وضع السكة الحديدية وبناء المحطات في كل من أم العسل وتندوف وسيدخل الخدمة في نهاية السنة -بحسب ما صرح المتحدث- وفيما يخص المقطع الرابع الذي يربط منجم غار جبيلات بتندوف على مسافة 135 كلم، فقد انتهت به الأشغال ودخل الخدمة في شهر جويلية الفارط. وعند الانتهاء من هذا المشروع، سيتمكن الخط من نقل شحنات ضخمة تصل إلى 50 مليون طن سنويا، ما يمثل ذلك دفعة كبيرة للاقتصاد الوطني وقفزة نوعية للبنية التحتية اللوجيستية في الجزائر، يقول برياش.

الخط المنجمي الشرقي

الخط المنجمي الشرقي للسكة الحديدية، هو الآخر يعد من بين أهم مشاريع البنية التحتية في الجزائر، لما يحمله من رهانات اقتصادية واجتماعية كبرى. فهو يشكل العمود الفقري لمشروع استغلال وتحويل الفوسفات في شرق البلاد، كما يمثل الدعامة الأساسية لسلسلة إنتاج الحديد -بحسب ذات المتحدث- وسيسمح الخط بنقل نحو 23 مليون طن/ سنويا من المواد المنجمية، انطلاقا من مناجم الفوسفات وخام الحديد الواقعة في شرق وجنوب ولاية تبسة، نحو الوحدات التحويلية والمعالجة، ثم إلى المناطق الصناعية وميناء عنابة.
ويسهم في تعزيز الربط بين ولايات تبسة، سوق أهراس، قالمة وعنابة، وينشط الحركة التجارية في هذه المناطق، موفرا وسيلة نقل آمنة ومريحة، تختصر الوقت وتحسن ديناميكية المبادلات. ويمتد الخط المنجمي الشرقي على مسافة 422 كيلومترا، وتشهد مختلف مقاطعه ورشات كبرى تهدف إلى تصحيح المسار، وإنجاز سكة ثانية موازية، من أجل رفع سرعة القطارات وزيادة القدرة على نقل الحمولات الضخمة.

وتيرة متسارعة وتقدم ميداني

وفي حصيلة لمدى تقدم الأشغال، قال برياش إنه تم الانتهاء من الأشغال على مستوى المقطع الجنوبي الرابط بين تبسة ووادي الكبريت، جنوب سوق أهراس، على مسافة 152 كلم، ودخل حيز الخدمة. كما تم ربط منجم بلاد الحدبة بشبكة السكة الحديدية على مسافة 23 كلم. وانطلقت الأشغال في خط اجتنابي مزدوج حول مدينة تبسة بطول 43 كلم، يهدف إلى تسهيل حركة القطارات دون المرور عبر وسط المدينة.من جهة أخرى، أضاف المتحدث، بدء تنفيذ المقطع الرابط بين وادي الكبريت وبوشقوف بولاية قالمة على مسافة 151 كلم. هذا المقطع يعد من بين أكثر المقاطع تعقيدا بفعل التضاريس الجبلية الوعرة، مما استدعى الاستعانة بخبرات جزائرية وصينية متخصصة، خاصة في إنجاز الجسور والأنفاق، حيث يتم إنجاز حوالي 27 كلم من الجسور و7 كيلومترات من الأنفاق. أما المقطع الشمالي الرابط بين بوشقوف وميناء عنابة على مسافة 54 كيلومترا، فقد بلغ مراحل متقدمة، حيث يجري وضع السكة الحديدية وإنجاز المحطات.