«لوفيغارو» الفرنسية تصف الإرهـابيين بـ«المناضلين» خـلال عمليـة فركيــوة

نورالدين لعراجي

الجاهزية والتصدي لكل أنواع الجريمة عقيدة قواتنا المسلحة

العملية النوعية التي حققتها وحدات جيشنا الوطني الشعبي، أول أمس، بمنطقة فركيوة، المتاخمة للحدود مع ثلاث ولايات، شاركت فيها القطاعات العسكرية لكل من البويرة وبومرداس والبليدة، حيث تم على إثرها القضاء على 25 إرهابيا واسترجاع أسلحة وذخيرة وقذائف، لم تكن بالسهلة لولا فطنة القوات المسلحة والعمل الاستخباراتي الدقيق، الذي في كل مرة يثبت قدرته وتحكمه في المعلومة، هي عملية يمكن وصفها بالضربة القاضية لأفول الجماعات المسلحة التي كانت تخطط لعمليات إرهابية متفرقة أو أنها تحضر لمواعيد ما، تزامنا مع الشهر العظيم، خاصة وأن المنطقة الشرقية للبويرة في الحدود مع ولايتي برج بوعريريج وتيزي وزو عرفتا منذ أزيد من شهرين عملية تمشيط لكل الجبال المتاخمة للولايات السالفة الذكر، والتي أسفرت عن تدمير الكثير من الملاجئ السرية التي يتخذها عناصر الجماعات المسلحة واسترجعت العديد من الأسلحة والمؤونة.

أثبت الجيش الوطني الشعبي مرة أخرى جاهزيته في التدخل العملياتي وتحكمه في استغلال المعلومة والتصدي لكل آفات الإرهاب والجريمة المنظمة بشتى أشكالها، وما العمليات التي تقوم بها القطاعات العملياتية واسترجاع العديد من الأسلحة والذخيرة الحية، سواء على طول حدودنا الجنوبية والغربية أو حتى داخل الولايات التي مازالت تشهد بقايا هذه الأفول الإجرامية، لدليل على التواجد الميداني لحماية أمن الوطن والمواطن.
بعض الأبواق الغربية من خلال وسائلها الإعلامية حاولت أن تضرب الليل خبط عشواء وذر الرماد في العين، معلقة على العملية النوعية التي قام بها الجيش أول أمس، واصفة الإرهابيين بـ»المكافحين» أو بـ»المجاهدين»، لسنا ندري أي جهاد لهؤلاء الإرهابيين الذين عاثوا في الأرض فسادا، وكل الشرائع والدساتير، تندد بأعمالهم وأساليبهم وأفكارهم، حتى المواثيق الدولية والأممية ترفض هذه العناصر وتحاربها وتعاقب كل من يقدم لها الدعم والرعاية والسند، فعن أي نضال وجهاد تتحدث هذه الأبواق؟
إذا كان ما يقوم به الجيش الوطني الشعبي والأسلاك الأمنية المشتركة لمحاربة الجماعات الإرهابية وتطويق المنافذ عليها ومنع تسللها نحو الأماكن الأهلة بالسكان، هي عقيدة وعهد اتجاه الوطن لامفر منه، فكيف نسمي إذن أعمال جماعات الموت هاته التي تتحدث عنها الأبواق اليوم ؟ كلنا يعرف ويعلم أن النصوص الشرعية التي تمنح صفة الجهاد هي كتاب الله، وحده الحاكم ومانح الصفات، ليس شيء بعده ولا قبله، هنا أيضا لا يمكن أن نعادل بين من يخربون بيوتهم بأيديهم وبين من يسهرون الليالي الحالكات لحماية الحدود وأبناء الوطن الواحد.  
الجزائر التي عانت الكثير خلال عشرية ونيف من الزمن، اللاأمن واللااستقرار، لم تصف في يوم من الأيام هؤلاء المارقة بالمكافحين أو المناضلين أو الجهاديين ولم تمنحهم التسمية التي تساوى بين الذود عن الحمى وجهاد الشرفاء والطيبين من أبناء الوطن، وبين أعمال إجرامية منفصلة، فالكلمة التي وصفتهم بها هذه الصحيفة لم نستشف معناها ومغزاها بعد، هل هي عمدا جاءت أم سقطت سهوا وهنا يستوجب التصحيح والاعتذار، فمعالجة الأخبار يسيء للمهنة ويقلل من احترام الوسيلة الإعلامية التي تساوي بين الإرهابي والعسكري، فأي الشرائع التي منحت لهم هذه الصفة وبأي حق؟ فالوطن مازال يتذكر كل مآسيه والتراجيديا التي تسبب فيها زراع الموت.  
ففي الوقت الذي يتحد فيه العالم لأول مرة، حول تجريم هذه الأعمال الإجرامية وضرورة محاربتها، تطل هذه الصحيفة لتمنح شرعية الجهاد لهؤلاء القتلة، في الوقت الذي تسعى أوروبا لمنع الهجرات غير الشرعية نحو الضفة الأخرى خوفا من تسلل عناصر داعش، وإثارة الخلايا النائمة على أراضيها.
بالأمس القريب استنكرت الصحافة الفرنسية والعالمية ماحدث لصحيفة «شارل ايبدو» اثر الهجوم الإرهابي الذي استهدفها، لماذا لم تتحدث هذه الأبواق لوصف القتلة بالمجاهدين ؟ أم أن صفة الجهاد تسقط طالما تتغير البقعة الجغرافية ؟
المواطن الجزائري اليوم يعي جيدا قيمة الوطن والاستقرار وأصبح يفرق بين ماض مقدس للشرفاء من أبناء بلده، وبين مستقبل قادم يريده للسلم ومنددا بهذه الأشكال الإجرامية بكل الوسائل المتاحة، المواطن اليوم يقض وفطن وحازم وعازم أن هؤلاء لايمكن العيش معهم طالما أنهم اختاروا لغة السلاح عوض لغة السلم والوئام.
التدابير التي وضعتها الدولة من خلال قانون المصالحة الوطنية كفيلة بأن تكون مرجعا حقيقيا ليدرك هؤلاء بأنهم أخطأوا في حق شعوبهم ووطنهم، عندما اختاروا العزلة والجهل والقتل، بديلا عن الألفة والرحمة والتصالح، فهل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19450

العدد 19450

السبت 20 أفريل 2024