طباعة هذه الصفحة

مؤكدا خلال الاجتماع الوزاري بمدريد

مساهل يعرض الخبرة الجزائرية في مكافحة التطرف العنيف واستئصاله

نجاعة النتائج المحققة تقوم على إستراتيجية منسجمة ومدمجة

عرض وزير الشؤون المغاربية والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية عبد القادر مساهل، مساء أول أمس، بمدريد الخطوط العريضة للخبرة الجزائرية في مجال مكافحة التطرف العنيف واستئصاله.

في تدخل له خلال الاجتماع الوزاري الخاص بلجنة مكافحة الإرهاب للأمم المتحدة حول تدفق المحاربين الإرهابيين الأجانب أكد مساهل أن الخبرة الجزائرية تعتمد على إبقاء القوات المسلحة ومصالح الأمن في مستوى عالي من التجند والحيطة أثناء أدائها لمهمتها المؤسساتية المتمثلة في الحفاظ على النظام العام وأمن الأشخاص والممتلكات.
ويقود مساهل وفد هام يضم المدير العام للأمن الوطني اللواء عبد الغاني هامل وممثلي العديد من الوزارات.
وعرض الوزير خلال اللقاء الخطوط العريضة لتطبيق سياسة شاملة لاستئصال التطرف مرفوقة بإجراءات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية ودينية مع إشراك كل المؤسسات والمواطنين وتجنيد كل الموارد الهامة للبلاد.
وشكل اللقاء مناسبة للوزير لتقديم نتائج الندوة الأخيرة التي عقدت بالجزائر العاصمة حول مكافحة التطرف العنيف واستئصاله مبرزا الإجماع الذي تم التوصل إليه حول الحاجة إلى تفضيل مقاربات مدمجة وضرورة انتهاج سياسات وقائية على المدى الطويل.
وتطرق مساهل إلى خطورة ظاهرة المقاتلين الأجانب وضرورة اتخاذ المجتمع الدولي لإجراءات وقائية على المستويات الوطنية والثنائية ومتعددة الأطراف والآليات العملية التي يجب إنشاؤها لمكافحة هذه الآفة، مجددا استعداد الجزائر لمواصلة تعاونها وتقاسمها لخبرتها مع شركائها الأجانب.
وأشار الوزير قائلا «ان لقاء مدريد يشكل مناسبة لتحديد معالم مقارباتنا الأمنية ضد التحدي الإرهابي واستعراض الإمكانيات المجندة على المستويين الوطني والدولي للتصدي لممارسات تجنيد الإرهابيين ومكافحة السيطرة على عقول الشباب وخطابات الدعاة المتطرفين المؤيدين لإيديولوجية الإقصاء والكراهية».
وأضاف «ان المسألة الشائكة للإرهابيين الأجانب في مختلف مناطق القتال لا سيما في الساحل والشرق الأوسط تشكل محل انشغال أمني كبير وتهديدا خطيرا على استقرار وأمن دولنا ومناطقنا».
وأكد مساهل قائلا «ان ظاهرة المقاتلين الأجانب والإرتفاع المتزايد لعدد المجندين و تضاعف البلدان الأصلية قد اتخذت في الأشهر الأخيرة أبعادا خطيرة غير مسبوقة. ويتعلق الأمر بالنسبة لنا بإبراز الخطاب الذي هو سبب التحاق الشباب المجند بصفوف الجماعات الإرهابية قصد تحليله بشكل أفضل».
كما يتعلق الأمر «بالتحضير لرد منظم للتصدي لإيديولوجية الإقصاء ونشر قيم التسامح والإحترام المتبادل».
وأضاف انه «من مسؤوليتنا التشكيك في أسس المفاهيم والمصادر المذهبية التي هي أساس التطرف العنيف» مشيرا إلى أن الهدف هو «تعزيز قدرات الدولة على مواجهة محاولات الجماعات الإرهابية تدمير هياكل الدولة واستخلافها بنظام الظلام المتطرف».
وقال مساهل أن الندوة الدولية حول مكافحة التطرف العنيف واستئصاله التي عقدت بالجزائر يومي 22 و23 يوليو الجاري «كانت فرصة للمشاركين لبحث السبل والوسائل الكفيلة بتحديد استرتيجيات لمكافحة هذه الآفة».
وأضاف أن هذه الندوة خرجت بتوافق حول ضرورة تفضيل مقاربة مدمجة وتبني سياسيات وقائية على المدى الطويل مشيرا إلى أن المشاركين أكدوا «خاصة على خطورة المشكل وضرورة تضييق الخناق على هذه الظاهرة وتنظيم التعاون الدولي من أجل التكفل الفعلي بها»، معتبرا أن الخطر الذي يشكله تواجد محاربين أجانب في مناطق القتال «يجب أن ينظر إليها من الآن فصاعدا من زاوية أمن استقرار البلدان الأصلية و زاوية العبور وكذا تحت تأثير تزايد خطر الدعاية لأوساط الأزمات والحروب غير المتكافئة في العديد من مناطق العالم».
واستطرد قائلا أن «تجربة الجزائر في مجال استئصال التطرف والوقاية من تدفق المقاتلين الإرهابيين الأجانب ونجاعة النتائج المحققة تقوم على إستراتيجية منسجمة ومدمجة مما سمح لبلدنا بالحصول على نتائج ملموسة في هذه الميادين».
وأضاف أن هذه الإستراتيجية «تستدعي الحفاظ على مستوى عال من تعبئة ويقظة القوات المسلحة ومصالح الأمن ضمن مهامها المؤسساتية في حماية النظام العام وأمن الأشخاص والممتلكات».
كما اعتبر أن مكافحة الإرهاب بمختلف أشكاله بما فيها التطرف العنيف وسياسات استئصال التطرف «تستدعي كذلك وجود دولة قوية تقوم على القانون وتضمن احترامه مهما كانت الظروف».
وأضاف أن «الممارسات الجيدة المنبثقة عن التجارب الوطنية والتبادل المثمر حول أصحاب الدعاية الإجرامية الذين يشهرون للإرهاب من شأنها أن تفيد جميع الدول من أجل تعزيز ردنا العملياتي وتجفيف منابع تجنيد وتمويل الشبكات الإرهاب على المستوى العالمي».
وقال مساهل أن مكافحة التطرف العنيف «يجب أن يكون كذلك على شبكة الإنترنت والشبكات الاجتماعية التي تشكل اليوم الدعائم المفضلة للدعاية الإرهابية وأحسن وسيلة لتجنيد الجماعات الإرهابية».
واستطرد أن «الأمر بالتالي يستدعي الخروج بوفاق دولي من أجل جعل شبكة الإنترنت وسيلة قوية في خدمة تقدم الإنسانية وليس آلية تدمير تحت خدمة التطرف والعنف الذي تزيد من حدته التجاذبات الجيوسياسية».
وأضاف في نفس السياق أن «مسؤوليتنا المشتركة تفرض علينا أن نتسلح بالوسائل الأكثر نجاعة في مجال الوقابة ضد اديولوجيات العنف والطرق المدمرة للتجنيد التي تستهدف الفئة الأكثر هشاشة من شبابنا»
و أشار الوزير إلى أنه «ضمن هذا المنظور أكد المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب فعاليته خاصة من خلال اقتراح بدائل عملياتية تشمل الطرق المنسقة في مجال مكافحة الخطاب التطرفي ونشر الأفكار التي تبرر اللجوء إلى العنف وكذا ترقية القيم الإنسانية العالمية التي تدعو إليها جميع الأديان».
وأضاف أن تحدي تجريم فعل الإرهاب الذي وسعته لائحة مجلس الأمن رقم 1373 (2001) ليشمل كافة الأعمال الارهابية «يجب أن يشكل مرجعا حين يتعلق الأمر كما تم اقتراحه في جدول أعمالنا باللجوء إلى النظام القضائي وإدارة السجون».
خبرة الجزائر الرائدة في مجال مكافحة الارهاب  
وأكد مساهل أن «هذا المسعى هو الذي اختاره بلدي من خلال تبني برنامج لإعادة الإدماج الاجتماعي والتكوين المهني المكيف لصالح المغرر بهم وهو المسعى الذي أعطى ثماره» مضيفا أن الخبرة الرائدة للجزائر في مجال استئصال التطرف تكتسي بالغ أهميتها في هذا الإطار.
وأضاف قائلا «إن هذه الإستراتيجية التي تبناها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة كللت بالنجاح بعد تنفيذ أحكام ميثاق المصالحة الوطنية الذي شكل قاعدة متينة لإعادة الإدماج الاجتماعي للإرهابيين التائبين وأولئك الذين قضوا فترة سجنهم».
 كما أشار إلى أن هذه التعبئة «كانت صائبة ومجدية بدليل العدد الضئيل للجزائريين المحسوبين في صفوف المقاتلين الأجانب».
وأكد مساهل ضرورة «تثمين الاقتراحات التي ستتوج أعمالنا من خلال تعزيز سلسلة المبادلات لصالح هيأتنا الوطنية المكلفة بمكافحة الإرهاب ووضع بنك معطيات والقيام بمتابعة نشاطات الإجرام».
وفي هذا السياق أشار السيد مساهل إلى أن «هذا المسعى كفيل بتحسين طرق عملنا وتثمين وسائل القضاء على هذه الآفة عبر تجفيف موارد تمويلها الكثيرة والمتنوعة» مضيفا أن الجزائر التي تمتلك خبرة كبيرة في مجال مكافحة الإرهاب تجدد التزامها بمواصلة مكافحتها لهذه الآفة و»الحكومة الجزائرية التي أمثلها في هذا المقام مستعدة لمواصلة تعاونها و تقاسم خبرتها مع جيرانها لإحباط نوايا ومخططات المنظمات الإرهابية وفرض الاستقرار في منطقتنا وتأمين فضاءاتها الحدودية وبالتالي المشاركة في جهود التنمية التي تتطلع إليها شعوبنا».
وقال أيضا «إن الجزائر عازمة على مواصلة تقديم دعمها والإسهام في عملية تعزيز تنفيذ إستراتيجية مكافحة الإرهاب الشاملة».