لمجاهد « صغيرو حسين » لـ « الشعب»:

جريمة استعمارية دون متابعة قضائية

قسنطينة: مفيدة طريفي

نقل الثورة الجزائرية إلى عمق فرنسا
 ٥٤سنة مرت على مجازر الـ 17 أكتوبر 1961 الدامية، لكن الجريمة تبقى معلقة لدى فرنسا الاستعمارية المتمادية في التنكر وعدم الاعتراف بالابادة الجماعية. نتوقف عند هذه المحطة التاريخية التي تعتبر من أهم الأحداث للثورة الجزائرية بالخارج والتي صنعها جزائريون رفضوا الرضوخ لأوامر فرنسا الظالمة.

هي تفاصيل نقلتها “الشعب” لشهادات استذكرها لنا المجاهد “ حسين صغيرو “ عضو بالفدرالية جبهة التحرير الوطني بفرنسا، بالمتحف الولائي للمجاهدين بقسنطينة، أين جمعتنا به أروقة المتحف التي تروي تاريخ الجزائر عبر مجسمات ثورية تلتمس الماضي الدامي لفرنسا وصور للمجاهدين والمجاهدات جعلتها كلمات النشيد الوطني تتحدث عن عزيمة الجزائر لنيل الاستقلال.  هي تفاصيل رواها “عمي حسين” ونحن في حضن التاريخ الذي صنعته شخصيات ظلت في ذاكرة الشعب والأمة، هي شهادات حية نقلها لنا مجاهد عايش فترة الاستعمار بكل تفاصيله الأليمة.
على وقع النشيد الوطني وفي حضن المتحف الولائي للمجاهدين، عاد بنا عمي “حسين صغيرو” لذكرى أليمة ومجزرة بشعة في حق الشعب الجزائري الأعزل، ذكريات لم تخنها السنوات وشجاعة أعادت لنا أحداث 17 أكتوبر 1961 ، بطريقة ثورية.
 بنبرة حاسمة دعا المجاهد في سرد للاحداث لجريدة “الشعب” جيل الاستقلال بضرورة الحفاظ على مبادئ الثورة وترسيخ روح الوطنية أكثر لأن الاستقلال لم يأت بسهولة وإنما جاء بتضحية مليون ونصف مليون شهيد.
وقال المجاهد الذي شدّد في بداية كلامه على هذه الرسالة لجيل الاستقلال في ظرف دولي واقليمي متقلب: “عليكم  بضرورة التعلم من المحطات الهامة التي مرت بها الجزائر آنذاك من بينها أحداث 17 أكتوبر والتي قامت بها الجالية الجزائرية بفرنسا دعما للثورة التحريرية والتأكيد لفرنسا أن النضال الثوري قوي ولا يتوقف بالحدود الجزائرية فقط وإنما نقله أبناءها إلى عقر دارها.”
توقف عمي حسين وأضاف بحرارة : “مظاهرات 17 أكتوبر مرحلة حاسمة في مسار الثورة الجزائرية بالداخل والخارج حيث سمحت بتعزيز الجبهة الداخلية وتثمين إصرار الشعب على الاستمرار في الكفاح المسلح، إلى جانب الصدى الكبير الذي أحدثته القضية الوطنية لدى الرأي العام الفرنسي والدولي.
 وعن تجربته كعضو لفيدرالية جبهة التحرير الوطني تحدث لنا “صغيرو حسين” عن تاريخ الفاتح من نوفمبر الذي استجاب الشعب لدعوة جيش التحرير لاسترجاع السيادة الوطنية وتوحيده لمواجهة الحرب كقبضة واحدة، وأن النضال بالمهجر آنذاك كان صعبا خاصة مع هيمنة نظام “مصالي الحاج” بعد إعلان الثورة بسبب الصراع لكسب الجماهير المهاجرة.
وذكر بالأحداث الهامة التي سبقت هذا التاريخ منها: “إضراب 8 أيام” سنة 1957 الذي شهد سقوط أول شهيد “ربيع ربيع” على أيدي المصاليين الذين حاولوا إجهاض هذه الثورة دون جدوى، كما ذكّر بوقف إطلاق النار المفروض على الجزائريين من قبل الحكومة الفرنسية في الفاتح من سبتمبر 1958،  مما أدى إلى قمع الجزائريين من قبل الشرطة الفرنسية.
 وأشار المجاهد إلى أن “موريس بابون” قد أحضر من قسنطينة لتطهير باريس من جبهة التحرير الوطني”، مذكرا بأن شهري أوت و سبتمبر 1961 شهدا أعمال عنف أدت إلى اغتيالات أخرى في حق الجزائريين.
كما تحدث المجاهد حسين عن الأحداث التي ميزت شهر أكتوبر بالمهجر قبل وقوع المجازر منها فرض مزيدا من الضغط  على الجزائريين الذين توسعت حركة نضالهم الى درجة استمالة الرأي العام الفرنسي وذلك ابتداء من 6 أكتوبر . وهو ما أدى بالسلطات الاستعمارية الى الإعلان عن حظر التجول ضد الجزائريين فقط.
وقال في هذا المجال “اقترفت فرنسا في ذلك اليوم الـ17 أكتوبر 1961 ، جرائم لا توصف ضد المهاجرين الجزائريين الذين خرج نحو  80 ألف منهم  في مسيرة سلمية بباريس بدعوة من قادة جيش وجبهة التحرير الوطني احتجاجا على حظر التجول الذي أمر به مدير الشرطة آنذاك “موريس بابون” على الجزائريين دون سواهم.
وقد عرفت المسيرة منحنى آخر عنوانه القمع والتقتيل الجماعي إذ رمي مئات المتظاهرين في نهر السين الذي بقي شاهدا على تلك الجريمة النكراء ضد الإنسانية.
هي ذكريات أبى عمي حسين أن يسردها بالتفصيل ورغم تقدمه في السن، كان يروي لنا الحدث الدامي الذي ألم بالجزائريين آنذاك ولازالت آثار الجريمة قائمة والجلاّدون بلا متابعة قضائية.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19448

العدد 19448

الأربعاء 17 أفريل 2024
العدد 19447

العدد 19447

الثلاثاء 16 أفريل 2024
العدد 19446

العدد 19446

الإثنين 15 أفريل 2024
العدد 19445

العدد 19445

الأحد 14 أفريل 2024