الاهتمام بالمعلومة الأمنية تطور مع ظهور الإرهاب

الجزائر عملت من أجل ضمان الحق في الإعلام ومنع الترويج للتطرف

حكيم. ب

ارتفعت حدة الاهتمام بالمعلومات الأمنية في الجزائر منذ 1990، حيث كان لتدهور الوضع الأمني وظهور الإرهاب أحد أكبر الأسباب التي جعلت الصحافة المكتوبة الجزائرية توجه اهتمامها لإعلام الجمهور ومحاولة تجسيد مبدإ الحق في الإعلام في أولى التحديات.

أظهرت الممارسة الإعلامية التي كانت تحت غطاء دستور 23 فيفري 1989 وقانون إعلام 90-07 وتعاملها مع الأخبار والمعلومة الأمنية، العديد من النقائص والكثير من الأخطاء، خاصة بعد توسع العمليات الإرهابية ضد قوى الأمن المشتركة.
وحذر الكثيرون آنذاك من فخ الوقوع في الترويج للأعمال الإرهابية ومنح مقترفيها، دون قصد، فضاء واسعا لتبرير همجيتهم وتحقيق مكاسب في الخارج، وهو ما جعل السلطات تسنّ عدة قوانين حاولت من خلالها التوفيق بين الحق في الإعلام من جهة ومنع الترويج والدعاية للأعمال الإرهابية من جهة أخرى.
بما أن التجربة الإعلامية كانت فتية، فقد حاول الكثير من الإعلاميين تحدي التشريعات الاستثنائية التي صاحبت حالتي الحصار والطوارئ، لكن مع مرور الوقت وتطور الهمجية الإرهابية أيقن الإعلاميون أهمية مراجعة التعامل مع المعلومة الأمنية، من خلال رفض الترويج للجماعات الإرهابية وتشديد الخناق عليها، وهو ما أفضى للإسراع القضاء على الإرهاب وكسر شوكته.
عرفت الجزائر في بداية تسعينيات القرن الماضي، إصدار الدولة المرسوم التشريعي رقم 92/03 المؤرخ في ربيع الثاني 1443 الموافق لـ30 سبتمبر1992 المتعلق بمكافحة الإرهاب، يدخل في هذا السياق الحد من الاعتداءات والهمجية ضد الشعب والدولة الجزائرية وتكييف التشريعات القانونية مع المستجدات التي طرأت على الساحة السياسية الوطنية بعد ظهور المجلس الأعلى للدولة في 16 جانفي 1992 الذي ترأسه الراحل علي كافي وتضمن القانون 43 مادة موزعة على 4 أبواب هي، المخالفات ذات الطابع الإرهابي - المحاكم المختصة - القواعد الجزائية - والإجراءات الانتقالية. وقد ساهم هذا التشريع في التقليل من الدعاية للأعمال الإرهابية، مع وضع خطوط حمراء للتعامل مع الأخبار الأمنية.
ونصت المادة 20 من المرسوم على: «توضع وسائل الإعلام تحت تصرف سلطة ضباط الشرطة القضائية الذين يمكن لهم، بناء على رخصة من النائب العام لدى مجلس القضاء الخاص، أن يطلبوا قانونا من كل عنوان أو لسان إعلامي نشر إشعارات وأوصاف أو صور أشخاص يجري البحث عنهم أو مطاردتهم». وقد انخرطت وسائل الإعلام بقوة في ذلك المسعى وتمكنت من تجنيد الرأي العام ضد آفة الإرهاب، كما ساهمت من خلال نشر صور المشتبه بهم والمطلوبين في مكافحة الإرهاب بطريقة فعالة جدا.
كما قامت وزارة الداخلية بتأسيس لجان المراقبة أو خلايا الاتصال، كما اصطلح على تسميتها آنذاك، على مستوى الطبع في 7 جوان 1994 لمراقبة الأخبار الأمنية، وهذا تبعا لحالة الطوارئ المعلنة في البلاد. وقد قامت تلك اللجان على مستوى المطابع بإلغاء الكثير من المقالات التي كانت مكتوبة بدون مصدر وتدخل في سياق الدعاية للأعمال الإرهابية.
الوعي والانفتاح وراء التطور
بعد سنوات من الممارسة الإعلامية وظهور خيوط المؤامرة التي كانت تحاك ضد الجزائر، من خلال الرهان على الإرهاب لتحطيم البلاد، زاد وعي الصحافة الجزائرية المكتوبة في التعامل مع المعلومة الأمنية، خاصة مكافحة الإرهاب، حيث روّجت لقانون الرحمة ونشرت الكثير من المقالات والتحقيقات التي ساهمت في إقناع الكثيرين من المغرر بهم في العودة لأحضان المجتمع.
كما كان للتعامل الإيجابي مع مبادرة الوئام المدني والمصالحة الوطنية دور كبير في استتباب الأمن والسلم في الجزائر، وحتى في السنوات الأخيرة.
وفي ظل التجربة الكبيرة للإعلام الجزائري، ومع زيادة دورات التكوين وانفتاح مختلف المؤسسات الأمنية، التي باتت تصدر أخبارا دورية حول مختلف العمليات ضد الجماعات الإرهابية والنشاطات المختلفة، نشأت علاقة وطيدة بين المؤسسات الإعلامية والمؤسسة العسكرية ومصالح الدرك والشرطة وحتى الجمارك، وباتت جل المقالات تكتب من مصدر موثوق يزيد من مصداقية واحترافية وسائل الإعلام.
وانعكس هذه العلاقة إيجابا على صورة الجزائر في الخارج، حيث تم تكسير الحصار الإعلامي المفروض على الجزائر وبات الجميع يستقي الأخبار الأمنية من مختلف وسائل الإعلام الجزائرية، خاصة بعد الانفتاح على السمعي البصري والتقليل من التبعية للخارج في مجال استقاء المعلومات الأمنية.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024