الكـرة ليسـت في الملعـب الجزائــري

تعليقا على التصريح الذي نشر الثلاثاء الماضي للسيد حليم بن عطاء الله، قال الدكتور محيي الدين عميمور، الرئيس السابق للجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان: لا ألوم بعض المغنيين الذين يرتزقون من التماهي مع بعض طروحات الأشقاء، طمعا في مال أو جنسية، لكنني أفضل ألا يعطي الرفقاء الفرصة لضعاف النفوس للإساءة لهم بسوء ترجمة النوايا الطيبة، وما نشر على لسان دبلوماسي جزائري مؤخرا قد يُعطي الفرصة ليسيء لهم من يدعون بأن الدبلوماسية الجزائرية تعاني من إخفاقات جعلتنا محط سخرية من كنا نسخر منهم في الماضي.
فالمعلق يريد حلا على شاكلة حل «إيفيان» وبعيدا عن المسارات الأممية، ويستدل على ذلك بفشل زيارة بان كيمون الأخيرة للمنطقة، في حين أن المفاوضات الجزائرية الفرنسية، التي ارتكزت أساسا على صمود الشعب الجزائري، ما كانت لتحقق فعاليتها الكاملة بدون الضغط الأممي منذ أدرجت القضية في الأمم المتحدة في منتصف الخمسينيات، بالإضافة إلى أن نموذج إيفيان لم يُستبعد كوسيلة لإحلال السلم في منطقة المغرب العربي، بدليل المفاوضات المباشرة التي تمت بين النظام المغربي والقيادة الصحراوية التي شجعتها القيادة الجزائرية، ولكنهالم تحقق أي نجاح نتيجة لتعنت المغرب، وهو تعنت أكدته ردود الفعل المغربية على زيارة الأمين العام للأمم المتحدة الأخيرة للمنطقة، الذي لم يفعل إلا أنه رفض منطق السيادة المغربية على الصحراء، منسجما في ذلك مع الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية ومع توجه منظمة الوحدة الإفريقية.
والمعلق هنا يتناقض مع نفسه، فهو يدعو إلى الحل «الإيفياني» لكنه يعترف بأن «المغرب قد ينزعج من رؤية البوليزاريو على نفس الطاولة معه»، ولا يقول لنا بالتالي كيف يتم التفاوض مع من لم يعد يريد التفاوض، بعد أن أجهض هو نفسه كل جولاته.
ويقول عميمور: حقيقي أن إعادة فتح الجزائر لحدودها مع المغرب يمكن أن يستجيب لآمال الشعبين الجارين، لكن هذا لا يمكن أن يتم بدون اتفاق شامل بين البلدين، وهو ما أتفق فيه مع الديبلوماسي السابق، لكن كيف يمكن الاتفاق بدون اعتراف المغرب، ولو ضمنيا، بأن اتهامه للجزائر في منتصف التسعينيات كان ظالما، وأدى إلى الموقف الحاد للرئيس اليمين زروال، والذي أدى إلى غلق الحدود البرية.
ومن المضحك أن يُلمّح البعض، كالسيد العثماني، وزير خارجية المغرب الأسبق، بأن فشل اتحاد المغرب العربي ناتج عن التسمية، انطلاقا، كما يدعون، من أن المغرب يضم مزيجا من العرب والأمازيغ، وبغض النظر عن النسبة العددية لمن يرفضون التسمية العربية للاتحاد، لمجرد تسجيل الكراهية لكل مت هو عربي.
والمعلق يتجاهل السبب الحقيقي في فشل الاتحاد، الذي تم إنشاؤه بضغوط وتدخلات خارجية المؤكد أنه يعرفها جيدا، وهو أن الاتحاد ولد عليلا، وأجهز عليه النظام المغربي برفضه التصديق على معظم الاتفاقيات التي وقعت بين البلدان الخمسة، بالإضافة إلى عرقلته عقد القمة المغاربية منذ منتصف التسعينيات، وإصراره على إصدار البلاغات المنددة في أيام العطلات، ومواصلة التحريض الساذج ضد الجزائر.
أما التسمية، فالعروبة هنا ليست تمسكا بعرق أو سلالة ولكنها انتماء حضاري بناه الأمازيغ الأحرار منذ اليوم الأول لدخول الإسلام، الذي قال عنه الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد بأنه عرّب الأمازيغ.
ويختتم الوزير الأسبق للثقافة والاتصال تعليقه قائلا: قلت يوما بأن اقتراح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب هو اقتراح شجاع، رغم أنني أعلم أنه جاء نتيجة لضغوط أمريكية، وكنت آمل أن يدرج هذا الاقتراح مع الاقتراحين الأولين، أي الانضمام الكامل أو الاستقلال الكامل للصحراء الغربية، ويعرض الأمر على استفتاء شعبي شفاف، بعد حوار مخلص وصريح مع القيادات الصحراوية يضمن لها موقعها في البناء الجديد، باستلهام مفاوضات إيفيان التي يذكر بها الديبلوماسي الجزائري السابق.
ويختتم عميمور تعليقه بالقول : إن التعنت المغربي هو السبب الرئيسي في دخول الأزمة إلى النفق المسدود، ومحاولة بعضنا الإمساك بالعصا من منتصفها عند التعامل مع قضايا المنطقة هو هروب من مواجهة الواقع، لكيلا أقول ما قد يعتبر إساءة للرفقاء.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024