قراءة في مذكرات الرئيس الراحل علي كافي

''هناك من تنصل من المسؤولية الثورية بإلصاق التهم بالآخرين وبدعوى الاهتمام بالعمل السياسي''

حكيم/ب

خصص الرئيس الراحل علي كافي في مذكراته الشهيرة، جزءا للإجابة عن بعض الأسئلة التي ظلت تشغل الرأي العام أثناء وبعد الثورة وأطلق على هذا الجزء «أسئلة يطالب بها التاريخ» ووردت في الصفحات بين ٢٦٥ ـ ٢٦٨.
ومن القضايا التي تحدث عنها الصراعات الكبيرة والخطيرة التي مسّت أعضاء لجنة التنسيق والتنفيذ في تونس حول السلطة، محاولات التكتل واستمالة الولاية الثانية لصفه، ونقل الراحل «فوجىء وفد الولاية الثانية منذ وصوله إلى تونس بالجو السي  الذي كان يهيمن على أعضاء لجنة التنسيق والتنفيذ».
وحدث هذا في ظل سعي قيادة الولاية الثانية لحل مشكلة التسليح التي كادت أن تفشل معنويات جيش التحرير بذات الولاية بعد أن زاد الحصار بسبب خط موريس الذي ضيق الخناق على التمويل وعطل نقل كميات كبيرة من الأسلحة التي كانت متواجدة على الحدود التونسية وحتى المغربية.
وتحدث صاحب المذكرات الصعوبات الكبيرة التي واجهت قيادات الولايات ـ العقداء ـ للوصول إلى تونس من أجل الاجتماع بلجنة التنفيذ والتنسيق لأول مرة ونقل المفاجأة الكبيرة التي قابلوهم بها جماعة الخارج، حيث أكدوا لهم «لدينا مهام تنتظرنا هناك.... في القاهرة، لكم أن تناقشوا وتتخذوا القرارات التي ترونها مناسبة وأصواتنا معكم نحن موافقون على أية خطة تقررونها».
وتساءل الرئيس الراحل حول هذا الوضع بقوله: «هل هو هروب آخر للتسابق على السلطة والاستحواذ على التحالف؟ هل هذا تصرف قيادة مسؤولة عن ثورة جبارة كثورة أول نوفمبر؟».
ورد في نفس الصفحة من المذكرات على هذا السؤال بقوله: «كان ذلك جواب من أقروا لأنفسهم قيادة ثورة عظيمة مثل ثورة أول نوفمبر. ففي الوقت الذي كانت فيه قيادة العدو تدرس وتخطط وتنفذ وتعمل من ناحية على قمع وإبادة الشعب. ومن ناحية أخرى منع جيش التحرير الوطني من أعظم إمكانياته وهو السلاح والذخيرة».
ووصف كافي موقف جماعة الخارج بالإهمال قائلا: «إن موقف لجنة التنسيق والتنفيذ يجسم الإهمال القاتل وعدم الشعور بالمسؤولية التاريخية المنوطة بها ـ مضيفا ـ ماهي المهمة الأكثر واقعية وجدية والتزاما وثورية بالنسبة إلى قيادة هدفها الأساسي تموين جيش التحرير الوطني بالسلاح والذخيرة والتموين. وبالتالي فك الحصار، وتحطيم مخططات العدو الجهنمية».  
وتعبيرا منه عن سخطه الشديد من ذات الموقف أورد قائلا: «هذا هو جواب مسؤولين في أعلى مستوى على قضية بمثل هذه الخطورة والحيوية بالنسبة إلى جيش التحرير الوطني. عندما ندرك التطور المستقبلي لهذا الخط الذي أصبح في الشرق والغرب على السواء حاجزا لا يمكن عبوره، ونقدر الانعكاسات السلبية الضخمة على مسيرة الثورة في جميع الميادين عسكرية بحتة كانت أو بسيكولوجية، فكيف وبماذا نحكم على تصرفات مثل هولاء المسؤولين من إهمال وتهرب من المسؤولية».
وعلق خليفة الشهيد ـ زيغود يوسف ـ على رأس الولاية الثانية، على تحجج البعض بالعمل السياسي للتهرب من الجانب العسكري بما يلي: «إن محاولة التخلص من المسؤولية بدعوى الاهتمام بالعمل السياسي أو محاولة إلصاق التهم بالآخرين، لا ينخدع بها أحد»، مضيفا: «لقد حان الوقت لأن نحدد المسؤوليات نهائيا ونحدد ـ للتاريخ ـ تصرفات الجميع من المنظمة الوحيدة الجديرة بالاهتمام، جيش التحرير الوطني».
وحتى بعد الموافقة على مشروع الولاية الثانية لايجاد الحلول لمشاكل التسليح إلا أنه لم يجد الطريق للتطبيق بما أنه تمت مناقشته في غياب لجنة التنسيق والتنفيذ، وحتى بعد رجوعها قال الراحل «...وأقبر المشروع الذي كان بإمكانه أن يحول مجرى الكفاح المسلح، ويعطي وجها آخرا لجيش التحرير الوطني، وبالتأكيد تقريب يوم النصر».
وتطرق في سياق متصل، إلى القيادتين اللتين تشكلتا بالقاعدة الغربية ومقرها الناظور بالغرب مكلفة بالولايات الرابعة والخامسة والسادسة، ويسيرها العقيدان هواري بومدين وڤايد أحمد المدعو سليمان، أما القيادة الشرقية وقاعدتها في تونس فتكفلت بالولايات الأولى والثانية والثالثة، وتتكون القيادة من محمدي السعيد وعمارة بوقلاز ومصطفى بن عودة والعموري محمد، وعواشرية محمد وهاتان القيادتان لم تعمرا طويلا ولم تقوما بالمهمة المنوطة بهما. وهل كان بإمكانهما أن يفعلا ذلك وهما مستقرتان في الخارج في راحة وبذخ ملغمتان بصراعات بين الولاءات للأشخاص». 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024