طباعة هذه الصفحة

تجري وقائعه تحت الرعاية السامية لرئيس الجمهورية

المؤتمر الصحي المغاربي بالجزائر يرافع من أجل سياسة جوارية

فنيدس بن بلة

أعطى المتدخلون في المؤتمر المغاربي الصحي الذي تجري وقائعه بفندق «الهيلتون» تحت رعاية رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، أمس، مقاربة عن وضعية القطاع بهذه المنطقة الجيوسياسية الهامة.وكشفوا في تشريحهم للحالات الصحية بدول المغرب العربي الكبير، عن اختلالات جمّة تستدعي علاجها بالتي هي أحسن، بعيدا عن الاندفاعية والتسرّع. وقال أكثر من مختص في اللقاء الذي تحتضنه الجزائر لأول مرة، وتنظمه الشركة الفرنسية (نسيبا) التي لها مكاتب وفروع في مختلف أرجاء المعمورة، أن القطاع الصحي على درجة كبيرة من الأهمية يستدعي التكفل به وإبقائه حلقة مركزية في السياسات الوطنية لتحقيق التنمية المستديمة.. وهي تنمية تكسب قيمتها وجدواها من خلال إقرار التوازن في العلاقة بين الإنسان والمحيط.
وحسب المختصين دائما، فإن موضوع الرعاية الصحية جمع خبراء المنطقة المغاربية بالعاصمة ومنحهم فرصة التلاقي والتحاور في الشأن الطبي المفتوح على كل التطورات، واقتراح حلول التكامل والعمل معا لمحاصرة الأمراض، وتقديم أحسن خدمة لمواطن أنهكت قواه في التوافد على المؤسسات الاستشفائية دون الحصول على الاستقبال الأنسب في كل الظروف.
وحسب المختصين في المؤتمر الذي يتدخل فيه ٦١ خبيرا من المشاركين الـ٢٥٠، فإن الصحة على درجة كبيرة من الأهمية، كونها لم تعد مجرد قطاع استهلاكي يستنزف الأموال، ويشحن الإرادات ويجنّد القرارات السياسية، لكن مجالا منتج، يخلق الثروة والقيمة المضافة والعمل.
وهناك تكمن قيمة المؤتمر الذي قالت عنه صوفي لوراي ـ المديرة العامة للشركة (نسيبا)، أنه حظي بتحضير دقيق لشهور، ولم تختار الجزائر لاحتضانه صدفة، لكن بالنظر لموقعها الجيواستراتيجي ـ المغاربي، وجهودها في ترقية الصحة من خلال ورشات الإصلاح المفتوحة، والتغطية الاجتماعية الممنوحة لعامة الناس، لاسيما المرضى المزمنين.
وشدّد على هذا، الدكتور أمير عبد اللطيف توافق، رئيس اللجنة الاستشارية للمؤتمر، مرافعا عن نوعية المشاركة وتدخل في حدث صحي استثنائي يصنع في الجزائر.
وذكر بالخصوص بالمحاور الكبرى المفتوحة في هذه التظاهرة التي لم يعرف فيها النقاش حدودا وطابوهات، ولم يتوقف عند الحواجز، باعتباره موجه لخدمة الإنسان المثقل بالهموم والصحة، أحد المتطلبات الأولى بالرعاية والاهتمام.
من جهته، فضل الدكتور لطفي بن أحمد، رئيس المجلس الوطني لأخلاقيات الطب، والمجلس الوطني للمصاف الصيدلي، على هذا الجانب، وقال إن كل شيء يسقط في هذا المجال إذا لم تضع أخلاقيات المهنة فوق الحسابات، وتعتلي وترى في الإنسان جوهر الإصلاح والعناية والرعاية.. وهل هناك أقدس من الإنسان المكرّم المبجّل من مختلف الشرائع الدينية والقوانين الوضعية! هل يكفي التوقف عند الأغلفة المالية، والتذكير بالبرامج والإحصائيات، إذا لم تصبّ في ترقية الصحة الجوارية، وتجعل الإنسان في صلب السياسة الصحية!
إنها تساؤلات وردت على لسان البروفيسور عبد الهادي طازي ـ من المغرب ـ الذي أعاد بالحضور إلى العصور الغابرة وتلاحق التطورات وسيرورتها، حيث كان الطب مفتاح التطور والبناء، ومنطلق الاختراع والإبداع، والتعايش الحضاري والثقافي دون وضع خطوط حمراء وممنوعات بين الباحثين أيام العصور الإسلامية البعيدة.
وتجاوب معه البروفيسور عبد الحميد أبركان ـ وزير الصحة الأسبق ـ متوقفا عند الاختلالات التي تعيشها الصحة في الجزائر التي تستقطب الأموال الوفيرة، في صدارتها الاختلالات الجغرافية بين الشمال والجنوب.. وسوء التسيير، ونقص سياسة صحية جوارية، تضفي على الخدمات الطبية وتيرة أكبر وتكفلا بدل الإبقاء أسر الوحدات الكبرى من مستشفيات ومراكز علاجية حبلى بالاكتظاظ.
ويصلح الخلل حسب د. أبركان، من خلال رؤية شمولية وطرح بعيد النظر تكسب الصحة مضمونا اجتماعيا، وتدرجه ضمن التنمية المستديمة. ويصلح الخلل كذلك من خلال إدماج القطاع الخاص الصحي الذي ينمو، لكن ليس بالكيفية والمقاييس، تستدعي إدماجه في الخارطة الصحية، ولا تبقى العيادات الخاصة على الهامش، دون الخضوع لمنظومة واحدة، تبقي من يقدمون عليها أمام معاناة أثناء تعويض الأدوية من صناديق الضمان، الإشكالية المطروحة.