طباعة هذه الصفحة

مقاربة جديدة لتطوير التشغيل

الآليات التي كرستها الدولة حققت نتائج ملموسة

سعيد بن عياد

إدماج العنصر البشري في الفلاحة، الصناعة التحويلية، السياحة والتكنولوجيات الجديدة

 «كلما كان الشاب على دراية بما يدور حوله كلما ضاعف من إرادة المساهمة في بناء الاقتصاد، بحيث ما أن يقهر عقدة الخوف من المغامرة وتنطلق إرادة المبادرة بتقديم شيء لمجتمعه يقوم على تقاسم المنافع وتكات  الجهود»
يبقى التشغيل التحدي الأول على مدار السنة ويتأكد موقعه في عالم الاستثمار في مثل هذه الظروف التي تتسم بصعوبات مالية، تتطلب تجنيد كل الطاقات وحشد كافة الإمكانيات من اجل تنشيط وتيرة النمو من خلال توسيع نطاق الاستثمار المنتج للثروة.
حققت آليات التشغيل التي كرستها الدولة نتائج ملموسة في إحداث مناصب عمل سواء عن طريق وكالة تشغيل الشباب أو صندوق التأمين على البطالة إلى جانب مختلف حلقات منظومة التشغيل المختلفة نتائج يمكن البناء عليها لتدعيم مسار استيعاب اليد العاملة.
لقد تم استدراك النقائص التي سجلت طيلة مسار هذه المنظومة واتخاذ التدابير التي أعادت صياغة ورقة الطريق، خاصة على مستوى وكالة دعم تشغيل الشباب برفع مستوى الدعم المالي واعتماد التكوين للمستفيدين والمرافقة الضرورية في تأسيس المشاريع خاصة من حيث المطابقة مع القوانين ذات الصلة.
بعد هذه المرحلة عمقت الوكالة من مدى تدخلها لتشمل اليوم فئات من الشباب لديهم موارد مالية ويريدون إطلاق مشاريع مقاولاتية، بحيث يتم إدراج الشباب ممن لديهم موارد مالية في منظومة الدعم ليستفيدوا من مختلف التحفيزات والمرافقة لانجاز مشاريع تستجيب للطلب الاقتصادي الراهن وتنسجم مع التوجهات الكبرى للنموذج الجديد للنمو.
من شأن توسيع نطاق المساهمة في إدماج العنصر البشري الحامل لمشاريع تتعلق بالاستثمار في قطاعات خارج المحروقات، مثل الفلاحة والصناعة التحويلية والسياحة وتكنولوجيات الاتصال الجديدة، أن يعطي دفعا لمسار اقتصاد إنتاجي ومتنوع يرتكز على دعائم المؤسسات الصغيرة التي يحتاج إليها النسيج الاقتصادي الحالي، لكونها خفيفة الكلفة ماليا وتتميز بمرونة في السوق وسريعة التكيف مع التطورات.
يوجد الكثير من الشباب من لديهم قدرات مالية ويراودهم حلم تأسيس مؤسسة أو تجسيد مشروع استثمارين لكنهم بحاجة إلى تحفيز ومرافقة، ومن النتائج الايجابية لجذبهم إلى ساحة العمل من بوابة دعم تشغيل الشباب مضاعفة الطاقة الإنتاجية وتنويع محاورها.
أكثر من هذا سوف يتيح هذا التوجه لشريحة اكبر من الشباب الانخراط في ديناميكية الاستثمار المحلي والتمكّن من تأكيد الحضور في الحقل الاقتصادي كأطراف فعالة جديرة بالثقة في قدراتها الإبداعية والرغبة في مجاراة المنافسة الأجنبية التي لم تعد تشكل عقدة اليوم، بعد أن أظهرت المؤشرات أن العنصر البشري المحلي لا يقل كفاءة في المجال المهني أو في الابتكار.
غير انه حتى يتضاعف مردود التشغيل من حيث المكاسب الاقتصادية بتحسن معدلات النمو والاجتماعية من حيث تنمية مناصب العمل لكل الفئات وعلى امتداد الجغرافيا الوطنية، يتطلب الظرف تبني مقاربة جديدة أكثر مبادرة من كل المتدخلين حول نفس الهدف حتى لا تضيع الإمكانيات ولا تستنزف الموارد.
 لا تقل القطاعات التي تستوعب تلك القوة البشرية، يتقدمها الشباب الجامعي من حاملي الشهادات في مختلف الفروع والتخصصات، بحيث تمثل الفلاحة لوحدها القاطرة الأكثر ديناميكية لحمل من لديهم جرأة في المغامرة وإرادة في التحدي ليدخلوا بسرعة إلى عالم الشغل. ويمثل الاستصلاح في الهضاب العليا والجنوب الكبير مفتاح النجاح وديمومة الاستثمار خاصة مع الإجراءات الجديدة لتنظيم الاستيراد بمنع كل ما يتم إنتاجه محليا، بل ومرافقة كل مسعى يقود إلى التصدير.
كما للسياحة آفاق واعدة بالنظر للمركز الذي يحتله القطاع بكل فروعه من صناعة تقليدية واستجمام وترفيه في المشهد الاقتصادي للنموذج الجديد للنمو، بحيث يستفيد هذا القطاع المعول عليه في جلب العملة الأجنبية من تحفيزات عديدة ومرافقة غير مسبوقة كون للشباب أن يقطف من شجرتها والدخول في دواليب سوق السياحة.
في حين للخدمات في حقل تكنولوجيات الاتصال الجديدة ثقل بارز في ظل تكريس إرادة بناء المجتمع الرقمي والإدارة الالكترونية، حيث يفتح المجال أمام الابتكار التكنولوجي لإشباع الطلب المحلي ولكن خاصة من اجل التصدير إلى الأسواق الإقليمية والجهوية.
وحتى تحقق المقاربة الجديدة الأهداف المسطرة يمكن لانخراط الجماعات المحلية في تطوير مسار التشغيل أن يساعد على تحقيق النتائج المنتظرة، وذلك من خلال انفتاحها على المؤشرات الراهنة واعتماد ورقة طريق استشرافية تنطلق من الحقائق المحلية ضمن الرؤية الوطنية لمكافحة البطالة.
تشكل الولايات المنتدبة الجديدة في الهضاب العليل والجنوب الكبير البيئة الخصبة لتجسيد الحلول المحلية وذلك شريطة أن تكون للقائمين عليها القدرة في ابتكار الحلول الاقتصادية عن طريق التواصل مع المحيط المحلي وبخاصة الشباب من أصحاب الشهادات وممن لديهم كفاءات واضحة تستجيب لانشغالات المعبر عنها من السلطات العمومية لكبح البطالة ومن الشباب للظفر بفرصة عمل.
 ليس من بديل عن إطلاق جسور التواصل الدائم للبقاء على درجة من اليقظة التي تلتقط كل المؤشرات وتدمجها في الديناميكية الاستثمارية المحلية التي تحتاج إلى دفع لا يتوقف ليس من الجانب المالي فقط وإنما من جانب التوجيه والمرافقة والتبسيط ودعم مختلف الأشكال، إذ كلما كان الشاب على دراية بما يدور حوله كلما ضاعف من إرادة المساهمة في بناء الاقتصاد، بحيث ما أن يقهر عقدة الخوف من المغامرة تنطلق إرادة المبادرة بتقديم شيء لمجتمعه يقوم على تقاسم المنافع وتكاتف الجهود.