طباعة هذه الصفحة

شراكة المؤسّسة مع الجامعات تشجّع على بناء اقتصاد إنتاجي

«اكفيرال» تستثمر في معالجة النّفايات الطبية وحرق 500 طن في 6 أشهر

سعيد بن عيادـ

إنتاج حاوية بالطّاقة الشّمسية لاستخلاص الزّيوت النّباتية في التّضاريس الوعرة

التكوين في المؤسسات وبالشراكة مع الجامعات وتشكيل تكتلات صناعية من الضمانات التي تشجع على بناء اقتصاد إنتاجي ومتنوع حقيقي يستمد قوته من النجاعة المناجيريالية، في ظل حرص على تجاوز مختلف، فالمعوقات التي يفرزها المحيط عن طريق رصد دقيق للمؤشرات وقناعة راسخة بان المؤسسة الجزائرية لديها القدرات والإمكانيات التي تؤهلها لكسب معركة المنافسة.
«اكفيرال» مؤسسة انتقلت أصولها من القطاع العام إلى عمالها في إطار الخوصصة للعمال، أدركت هذه الحقيقة فوسعت من نشاطاتها لتشمل اليوم سوق النفايات خاصة الطبية منها بالاستثمار في انجاز مصنع لحرق النفايات الطبية ذات الخصوصية، غير أن توقف بعض المستشفيات عن التسديد أثار نزاعات تنجم عنها بالضرورة انشغالات بشان مصير كميات كبيرة تفرزها وحدات القطاع الصحي إذا لم يتم حرقها وفقا للمعايير المطابقة لقواعد حماية البيئة.
العلم في خدمة النمو
يوجد عمل نوعي في البحث والتنمية بين مؤسسات اقتصادية جزائرية ومحيطها الجامعي لتقديم حلول ذات قيمة مضافة تعزز النمو، وفي هذا الإطار تسعى مؤسسة «اكفيرال» لإنتاج المراجل (شوديير) ومعالجة النفايات الطبية بالتعاون مع المدرسة الوطنية متعددة التقنيات بالحراش، لإنتاج حاوية متنقلة تشتغل بالطاقة الشمسية تستغل في المناطق الداخلية المعزولة لقطف أوراق الأشجار الموجهة لاستخراج الزيوت النباتية الموجهة لمختلف الفروع الصناعية، وأفاد مديرها العام بوجمعة عبد اللي أن هذا الابتكار يرتقب أن يخرج نهائيا من المخابر في سبتمبر القادم، مما يفتح المجال أمام نشاط استخلاص الزيوت النباتية والعطرية من الفضاءات الغابية الشاسعة وذات التضاريس الوعرة لتوفيرها محليا وكذا للتصدير.
 ويندرج هذا التوجه في نطاق مسار التكوين الذي تخصص له هذه المؤسسة ما لا يقل عن 4 ملايين دينار سنويا لتمويل برامج تكوين وتأهيل لفائدة كافة الفئات المهنية، موضحا أن تجديد اليد العاملة المتخصصة بما في ذلك عن طريق التكوين المهنية والتمهين بالتعاون مع مركز التكوين المهني المحلي يعد أولوية يجب للمؤسسة الجزائرية أن تنتبه إليه لتأمين ديمومة النجاعة خاصة في ظل المنافسة المفتوحة محليا وخارجيا.
ولهذه المؤسسة التي تعتبر مثالا لنجاح عملية خوصصة لفائدة العمال رصيد شراكة ثري مع مختلف الجامعات على غرار جامعتي باب الزوار وبومرداس، من خلال احتضان طلبة ومرافقتهم في انجاز بحوث عالية المستوى من بينها 3 شهادات دكتوراه عرضت نتائجها أمام لجان تحكيم بالخارج في مواضيع التحاليل الصناعية ومعالجة النفايات وتطوير تجهيزات «المارجل» الصناعية، التي تم ابتكار نموذج منها بطاقة 3 طن بجامعة باب الزوار.
في إطار وظيفتها الجديدة التي تتم على مستوى مصنع سي مصطفى بولاية بومرداس، عالجت «اكفيرال» السنة الماضية ما يعادل 2800 طن من مختلف النفايات منها 800 طن نفايات طبية خلّفتها حوالي 200 مؤسسة صحية وعيادة طبية ومخبر دوائي، وبعد أن عرف هذا النشاط ارتفاعا في سنوات مضت سجّل تراجعا بسبب توقف عدد من المؤسسات الاستشفائية عن دفع المستحقات وتكاليف الأعباء. وفي 6 أشهر الأخيرة فقط تم جمع حوالي 600 طن نفايات طبية تمّ حرقها بالوحدة المتخصصة التي سجلت في 3 سنوات الأخيرة حرق وإتلاف حوالي 5 آلاف طن من الوثائق الرسمية تعود لمؤسسات وهيئات متعاقدة مع المؤسسة وتتم العملية وفقا لإجراءات ومعايير دقيقة.
النّجاعة ومواكبة المعايير
وكانت وحدة سي مصطفى لحرق النفايات الحساسة موضوع نزاع قضائي مع مؤسسة تابعة لقطاع السكن والعمران صاحبة ملكية العقار قبل أن يتم الاتفاق على تمديد عقد الإيجار ولو بأسعار مرتفعة، كما يأسف له إطارات وعمال إكفيرال التي تحملت استثمارا مكلفا قناعة بدوره الاقتصادي لفائدة البيئة وتفادي اللجوء إلى مؤسسات أجنبية بكل ما يترتب عنه من إنفاق لموارد مالية بالعملة الصعبة.
وتأسّف عبد اللي لواقع النشاطات الموازية وضعف القناعة لدى متعاملين محليين في التعامل مع المنتوج الوطني مثل الذي يوفره للسوق، مشيرا إلى أن هناك أصحاب مؤسسات من القطاع الخاص يفضّلون استيراد مراجل بدل اقتناء نظيرتها المصنعة وحليا وبجودة أفضل وسعر تنافسي. ولمواجهة الوضعية يتم اعتماد إستراتيجية تسويق «ماركتينغ» جوارية لتسويق الإنتاج غير أن دراسة مؤشرات السوق بدقة تتطلب كما يقول صاحب المؤسسة توفر المعلومات بدقة وتبادل الإحصائيات بين أطراف الفروع الصناعية من أجل تأسيس تكتلات إنتاجية لديها القدرة لمواجهة الاستيراد والاستفادة من الإجراءات التي اتخذتها السلطات العمومية لضبط حركة التجارة الخارجية وفقا للقدرات الإنتاجية الوطنية.
 وفي مجال اختصاص مؤسسته فإنّ سعر وحدة «شوديير» مستوردة أزيد بثلاث مرات عن سعر وحدة مصنعة محليا ولا تقل جودة، وقصد مواجهة الاستيراد في هذا المجال تم اعتماد رسم جمركي بـ 60 بالمائة سعيا لتعزيز مكانة الانتاج الجزائري في السوق، التي تعاني من النشاطات الموازية والمنافسة غير النزيهة من خلال تلاعب البعض بالتصريحات الجمركية للإفلات من دفع هذا الرسم مما يستدعي مضاعفة المراقبة الجمركية التي يقع عليها عبء حماية المؤسسة الجزائرية وتامين عنصر شفافية المنافسة المحلية حتى تبرز المؤسسة الجزائرية الإنتاجية في كافة النشاطات فلا تضيع الموارد التي تسخرها لتحسين النجاعة وترقية مسار مواكبة معايير العالمية.
غياب التّنسيق بين الصّناعيّين
غير أن كل هذا الطموح لا يمكن تجسيده فقط عن طريق إجراءات إدارية وترتيبات تشريعية، وإنما كما يؤكده محدثنا ينبغي أن تتشكل لدى القائمين على النسيج الاقتصادي والمشرفين على المؤسسات الصناعية الصغيرة والمتوسطة قناعة التمتع بالمواطنة الاقتصادية، بحيث لا يعقل أن يدعو متعامل خاص لتشجيع الإقبال على منتوجات مؤسسته، بينما هو كزبون لا يقتني منتوجات غيره من المؤسسات التي تنشط في السوق المحلية، خلافا لما هو في بلدان أوروبية حيث يفتخر المتعامل مهما كان حجمه بالانتماء لاقتصد بلده، فمن يدّعي حب بلده لا يجب أن يدعى لاستهلاك المنتوج الجزائري. لذلك فإنّ التحدي المشترك يتعلق بكيفيات تطوير الإنتاج الجزائري باستمرار من حيث الجودة وتقليص الكلفة، في وقت تحقق فيه وحدات صناعية تحسنا ملموسا في مختلف جوانب السلسلة الإنتاجية بحيث لم تعد فيها تلك الصور البائسة نتيجة ارتفاع درجة التسيير المناجيريالي الذي لا يقل نجاعة عن نظيره في مؤسسات أجنبية مماثلة بشهادة أصحابها.
 وبعد أن عبّر عن أسفه لغياب أو قلة التنسيق بين الصناعيين حسب القطاعات وفقا لرؤية وطنية منسجمة، يوجّه بوجمعة عبد اللي، رسالة قائلا: «كمسير لا ينبغي أن أنتظر من الدولة تقديم أي شيء، وإنما مطلوب أن أواجه كل يوم تحديات السوق على مستوى داخلي تنشيط الورشات ونشر ثقافة اقتصاد الوقت وترشيد النفقات وعلى مستوى المحيط بمتابعة المؤشرات ورصد المعطيات ومواكبة التكنولوجيات». في تجربة حاول بناء تكتل لمنتجي المراجل إلا أن الفكرة لم تتجسد لغياب استعداد لدى المعنيين الأمر الذي يخدم المصدرين من الخارج نحو السوق الجزائرية، وهو أمر ينبغي التفطن له اليوم قبل الغد لتفادي الصدمة الاستثمارية بعد الصدمة المالية