طباعة هذه الصفحة

سوناطراك تقود قاطرة النمو وتحضر للقاء شركائها قريبا

لوحة قيادة أساسهاالمبادرة وتنافس الكفاءات لخلق الثروة

سعيد بن عياد

مقاربة استراتيجية تنسجم والنموذج الجديد للنمو

تعتزم الشركة الوطنية للمحروقات «سوناطراك» تبوا مكانة ضمن أفضل 5 شركات عالمية في سوق الطاقة، ولذلك شرعت في وضع دعائم هذا التوجه الاستراتيجي الذي ينسجم مع التوجهات الكبرى للنموذج الجديد للنمو، من خلال ترميم وعصرنة بوابة الموارد البشرية ضمن مقاربة تنظيمية أكثر مرونة، تسمح بالمبادرة وتفتح أفقا محفزا للكفاءات.
مفتاح التغيير الهادئ يكمن في بعث الاتصال الداخلي وكسر الحواجز الذهنية، وبالتالي فتح المجال أمام تنافسية الكفاءات لبلوغ مرحلة متقدمة في إنتاج القيمة المضافة، التي تضمن مواجهة المنافسة الخارجية، التي يضعها الرئيس المدير العام عبد المؤمن ولد قدور في صدارة لوحة القيادة بمعالم جديدة، عمودها الفقري العنصر البشري، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.

النجاعة ومواكبة حركية السوق العالمية

بادر عبد المؤمن ولد قدور بإطلاق عملية ترتيب البيت من أجل إعطاء دفع جديد للأداء «المناجيريالي»، بما يضع شركة سوناطراك على سكة النجاعة ومواكبة حركية السوق العالمية للمحروقات، بتأمين مركزها في المشهد العالمي للنفط وتأمين موارد إضافية توجه لتمويل الاستثمارات الوطنية. وتتيح هذه الفرصة للكفاءات التي يراهن عليها بدءا بإعداد كوكبة لمسيرين ميدانيين شباب في انجاز الأهداف المسطرة بالبروز، من خلال تفجير كل طاقاتها بتقديم القيمة المضافة على كل المستويات وفي كافة المواقع للانتقال بالأداء إلى مرحلة متقدمة، ضمن روح الفريق المدرك للرهانات والتحديات، يحكمه الانسجام والتناغم حول المصلحة الاقتصادية الوطنية، بحيث ينتج كل تصرف أو قرار قيمة إضافية تعزز قدرات الشركة وبالتالي النسيج الاقتصادي. وفي إطار تطبيق استراتيجيها أفاق 2030، فتحت سوناطراك مجالا لتوظيف كفاءات تلبي الاحتياجات في مختلف النشاطات التي تتطلب موارد بشرية، تنتج القيمة المضافة وتغطي الاحتياجات خاصة في الفروع التي يعول عليه في رفع التحديات. ومنذ أن تولى إدارة المجمع أدرك ولد قدور قيمة العنصر البشري في تأمين ديمومة نمو المؤسسة في ظل منافسة عالمية وتقلبات عنيفة لأسواق المحروقات. ورسم ضمن إطار للتشاور مع كافة الفئات والشركاء، من خلال إطلاق مسار للاتصال الداخلي والعمل الجواري في الورشات والحقول والوحدات على امتداد التواجد الجغرافي للشركة.
وسمح نزوله إلى الميدان من خلال برنامج عمل تطلب التنقل إلى مختلف المواقع للحديث مباشرة مع العمال، وبالأخص الجامعيين الذين يشرفون على انجاز برنامج النهوض مجددا برصد المطالب وتحديد الانشغالات، مما يسمح بالتكفل بها في إطار منظم وناجع وهو ما يسهر إطارات المجمع على إرسائه وفقا للتوجهات التي رسمت للمؤسسة، لتسيتعيد موقعها ضمن أفضل خمس شركات عالمية. وتحملت الشركة عبئا ماليا نتيجة الذهاب المبكر إلى التقاعد، فقد خسرت منذ 2008 حوالي 23 ألف عامل منهم 15 ألف فقط في السنوات الخمس الأخيرة، غير أنه تم توظيف 8 ألاف عامل في السنة الأخيرة من إجمالي حوالي 60 ألف طلب عمل. تنهي السنة الجارية بتعداد يبلغ 52 الف عامل منهم حاليا حوالي 60 بالمائة في مواقع العمل المختلفة.
الدفع بالكفاءات إلى الصفوف الأولى
ولد قدور الذي يولي أهمية لحاملي الشهادات الجامعية في مختلف التخصصات التي تندرج في مهام الشركة، يحرص على تنمية برامج التكوين الداخلي وإعادة التأهيل ضمن سياسة التكوين المتخصص، للرفع من الأداء والدفع بالكفاءات إلى الصفوف الأولى. هذا التوجه يؤكد أن للمؤسسة دور فاعل في تحسين وتيرة العمل الميداني للنسيج المؤسساتي . سطر برنامجا يجمع حول الشركة كافة المؤسسات الجزائرية، التي تتعامل معها لرسم معالم شراكة ترتكز على تنمية روح الاندماج المحلي، وتوسيع مشاركة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في إحداث النقلة النوعية انسجاما مع التوجهات الكبرى التي رسمتها الدولة، من خلال وزارة الطاقة التي تقود قاطرة الانتقال الاقتصادي من خلال سكة التحول الطاقوي بالتوجه إلى الطاقات البديلة مثل الشمسية.
لذلك، فإن التعيينات الجديدة التي تمّ اتخاذها تحمل رسالة قوية، تعبر عن إدراك مسوؤلي الشركة للثقل الذي تمثله الكفاءات، ومن ثمة بعث حالة طمأنينة في أوساطها لوقف النزيف الذي تأثرت به الشركة في مرحلة سابقة، بالنظر للإغراءات التي تعرضها شركات منافسة خاصة في الخليج وآسيا، وهو ما تفطن إليه ولد قدور منذ توليه إدارة الشركة في 2017، لما أكد أن العنصر البشري يبقى الرأسمال الثابت الذي لا ينبغي إهماله، بل يجب رد الاعتبار له وهو  ما شرع فيه ويتطابق هذا التوجه مع الخط الذي سطره رئيس الجمهورية، بعنوان حماية الكفاءات الجزائرية وأدراجها في مسار البناء الوطني المتجدّد. سبق للرئيس المدير العام ولد قدور أن كشف في يوم برلماني بمجلس الأمة نظم في شهر ماي الماضي أمام مجلس الأمة، عن حقائق في انفتاح جريء يؤسس لمرحلة شفافية المؤشرات، أن الشركة التي عانت من حملة عدائية نتيجة انعكاسات سلبية لمحيط لا يواكب بسرعة، تركت أثارها على سمعتها تعاني من فجوات تستدعي اتخاذ إجراءات للتحكم في حركية الموارد، بحيث كما أشار إليه يمكن اقتصاد في المدى القصير سيولة معتبرة تقدر بحوالي 8 ملايير دولار، بتدابير داخلية تندرج في إطار ترشيد النفقات وعقلنة التسيير، مطلقا تحديا قويا يمكن رفعه إذا إلتف كل الشركاء حول هدف تحقيق مداخيل بحوالي 60 مليار دولار أفاق 2030، بحيث يوجه نصفها لتمويل استثمارات محلية تنتج القيمة المضافة والباقي يودع في خزائن الدولة. وفي هذا السياق كان قد طمأن الإطارات الشابة التي تتطلع لمطابقة شهاداتها الجامعية وإعادة ترتيبها في السلم الوظيفي، بأن الملف يحظى بالدراسة، مؤكدا في أكثر من مناسبة أنه يقف إلى جانب هذه الفئة (باكالوريا +3)، بحيث يتطلب الموضوع التزام الهدوء والعمل ضمن الأطر القانونية وعدم الانزلاق وراء اتجاهات غامضة لا مجال لها، في ظل التوجه الجديد للنمو من خلال الإنسان المبدع والخلاق للثروة والمنتج للحلول، تحت مظلة الحوار الاجتماعي الداخلي الذي أصبح حقيقة من خلال فتح قنوات التعبير وتوسيع مساحته، وهو ما أرساه المسؤول الأول للشركة بتوجهه عبر تنقلات ماراطونية، تحدت المناخ والمسافات إلى الحقول ومواقع الإنتاج وقواعد الحياة، في فيافي صحرائنا مزيحا الستار عن طاقات هائلة يجسدها مهندسون وتقنيون وكوادر وعمال مؤهلين يرسمون لوحة براقة، تعكس إرادة العامل الجزائري وإخلاص الإطار الجزائري تجاه مؤسسته ووطنه، خاصة في مثل هذه الظروف الصعبة التي بقدر ما تتطلب ترشيد النفقات بقدر ما تسمح أيضا بتحرير المبادرات بمعايير اقتصادية.