طباعة هذه الصفحة

القرار يسري إلى غاية شهر مارس 2020

اتّفاق «أوبك» وشركائها على تمديد تخفيض الإنتاج لـ 9 أشهر

فضيلة بودريش

أسعار النّفط تحافظ على تماسكها فوق 65 دولارا  للبرميل

جدّدت منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك» وشركاؤها من المنتجين المستقلين قرار خفض الإنتاج لمدة 9 أشهر، لتستمر في عملية تخفيض الإنتاج إلى غاية شهر مارس من العام المقبل، بهدف امتصاص الفائض النفطي المسجل، والاستمرار في منحى تصحيح الأسعار وبالتالي السير نحو إقرار سعر عادل يخدم مصلحة المنتج والمستهلك في نفس الوقت، ويأتي التشبث بقرار التخفيض في وقت مازالت الأسعار تشهد تارة تذبذبا وتارة أخرى تماسكا فوق 65 دولارا للبرميل، لكنها ليست في منأى من التأثر بفائض الإنتاج الأمريكي من الزيوت الصخرية.

كما كان مرتقبا مازالت «أوبك» وشركائها يسهران بل ويحرصان على تحقيق المزيد من التوازن المنشود  على مستوى السوق النفطية، ومن ثم تصحيح الأسعار التي بدأت في الانكماش والانحسار منذ منتصف عام 2014، وبالفعل تمكنت منذ بداية أول اتفاق حول تخفيض الإنتاج مع الشركاء من المنتجين المستقلين تتصدرهم روسيا في عام 2017، من الدفع مجددا بسقف الأسعار التي قاربت 80 دولارا بفضل مساع حثيثة ووفاق لعبت في هندسته الجزائر وفنزويلا بشكل بارز، خاصة خلال اجتماع تقريب وجهات النظر وهندسة الإستراتجية عام 2016 بالجزائر وكذا خلال اجتماع عام 2018 الذي تم دعم فيه مسار التخفيض. ولاشك أن الدول المنتجة للنفط المنضوية تحت راية «أوبك» ونظرائها المنتجين المستقلين، أدركوا ضرورة الانصهار في اتفاق واحد يحمي الأسعار من الانهيار والذي أدرج في صلب أهداف هذا الاتفاق الاستراتيجي والفعال.

الأسعار العادلة
إنّ المتتبّع للقاءات «أوبك» وشركائها، يدرك للوهلة الأولى حرصهم الكبير على إعادة الاعتبار للسوق النفطية، من خلال حماية مصالح المنتجين والأخذ بعين الاعتبار مصلحة المستهلك، عن طريق إقرار الأسعار العادلة والمنصفة التي يرى الكثير من الخبراء أنها تتراوح ما بين 65 و75 دولارا للبرميل.
إذا كما كان متوقعا تشبّثت أوبك وشركائها بقيادة روسيا على تمديد سريان تخفيضات إنتاج النفط إلى غاية شهر مارس 2020، ويعوّل كثيرا على هذا المسعى لدعم أسعار الخام في الوقت الذي يشهد فيه الاقتصاد العالمي تراجعا في النمو، وبالموازاة مع ذلك تصاعد في مستوى الإنتاج النفطي الأمريكي الذي صار أكبر إنتاج في العالم. علما أنّ خام القياس العالمي برنت سجل زيادة بأكثر من 25 بالمائة منذ مطلع عام 2019، أي متأثرا بتداعيات تشديد واشنطن العقوبات على كل من فنزويلا وإيران عضوي أوبك، مما تسبب في انخفاض صادراتهما النفطية.

مكاسب وتحديات
بما أنّ «أوبك+» بيديها العديد من مفاتيح ضبط السوق، يرتقب أن يفض هذا القرار إلى تحقيق المزيد  من المكاسب خلال الأسابيع أو الأشهر القليلة المقبلة كأقصى، في صدارتها تحقيق قفزة في أسعار النفط، ممّا يرشّح اشتعال أسعار البنزين وقفزها إلى سقف أعلى، ولا يخفى أن منظمة «أوبك التي تضم 14 عضوا منتجا للنفط، قد تواجه تحدي ضعف الطلب العالمي نتيجة النزاع التجاري المشتعل ما بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين. يذكر أنّ «أوبك+» تنوي بتجديد العمل بقرار التخفيض الاستمرار في خفض الإنتاج بما لا يقل عن 1.2 مليون برميل يوميا، أي ما يغطّي نسبة 12 بالمائة من الطلب العالمي، في ظل محاصرتها بعاملين سلبيان المتمثلان في تنامي المنتوج الأمريكي الذي يصنع التخمة في العرض، وكذا تباطؤ الاقتصاد العالمي الذي يقلل من إقبال المستهلكين على النفط، لكن في ظل النظرة التفاؤلية التي تذهب إلى توقع تسجيل انتعاش الاقتصاد العالمي خلال النصف الثاني من العام الجاري، يمكن لأسعار النفط أن تبقى باتجاه منحاها التصاعدي مدعومة باتفاق «أوبك +» لتحقق مكاسب أخرى تنعش الاستثمارات خاصة أن العديد من آبار النفط توجد في أماكن خطرة أو محاطة ببؤر توتر

توقّع قفز الأسعار فوق 70 دولارا
بالفعل في أول المؤشرات المسجلة ارتفعت أسعار النفط مباشرة بعد انتهاء اجتماع «أوبك»، حيث انتعشت العقود الآجلة لخام القياس العالمي برنت بنحو 34 سنتا أو ما يعادل نسبة 0.5 بالمائة، واستقرت الأسعار عند حدود 65.40 دولارا  للبرميل، بعد أن كانت قد انخفضت في وقت سابق إلى مستوى 64.66 دولارا  للبرميل. ومن جهة أخرى انتعشت بدورها العقود الآجلة للخام الأمريكي بحوالي 18 سنتا، حيث وصلت إلى حدود 59.27 دولارا للبرميل، بعد أن لامست أعلى مستوياتها في أزيد من خمسة أسابيع الماضية.
الجدير بالإشارة، فإنّ قوة «أوبك+» يكمن في إدراكها الجيد لمعادلة السوق التي تتطلب تكتلا واسعا وطويل الأمد، بهدف المواجهة الصحيحة للتقلبات المفاجئة للسوق، والتي قد تطرأ  في أي لحظة، وبالتالي تتسبب في انهيار الأسعار التي تشل الإنتاج بفعل هجرة الشركات المستثمرة عندما تصبح تكلفة الإنتاج تقارب في العديد من الدول تكلفة التسويق فتختفي التحفيزات..فهل يسفر هذا القرار الجديد القاضي بإرساء المزيد من التخفيض في تحقيق نتائج إيجابية، وبالتالي عودة أسعار برميل النفط فوق 70 دولارا؟