طباعة هذه الصفحة

المراكز التجارية الكبرى.. ما لها وما عليها

موسم التخفيضات الصيفية يتواصل إلى نهاية أوت

سعيد بن عياد

 الاستثمار في قطاع النسيج أقل من حجم الطلب والاستيراد هو المستفيد

«أمام الثقل الذي تتحمله القدرة الشرائية متأثرة بعوامل التضخم وعودة هاجس الندرة لبعض المننتجات أصبح المواطن ملزما بإجادة حساب نقوده والحرص على تسيير عقلاني لموارده المالية، تحسبا لمتطلبات الدخول الاجتماعي الذي يهيمن عليه الطلب على الأدوات المدرسية المختلفة».
تتواصل عمليات البيع بالتخفيضات لموسم الصيف إلى غاية 31 أوت الجاري، حيث تشهد المراكز التجارية والمحلات الكبرى إلى جانب مساحات البيع إقبالا متزايدا من قبل العائلات، خاصة فئة الشباب للظفر بأغراض من مختلف الألبسة بأسعار يمكن اعتبارها أنها في المتناول.
منذ افتتاح عملية البيع بالتخفيضات (صولد) في 21 جويلية الماضي تشهد الفضاءات التجارية عبر أحياء العاصمة ومحطاتها التسويقية حركية معتبرة تعكس ارتفاع الطلب والتعبير عن الرغبة في الاقتناء، بالرغم من حدّة الإنفاق في هذه الفترة التي تزامنت مع رصد ميزانيات بمعنى الكلمة لمواجهة مصاريف الاصطياف والعيد الأضحى وحتى الأعراس.
أمام الثقل الذي تتحمله القدرة الشرائية في هذا الظرف الاقتصادي الصعب، متأثرة بعوامل التضخم وعودة هاجس الندرة لبعض المننتجات بفعل تداعيات الصدمة المالية الخارجية التي فرضت إعادة ترتيب أولويات الاستيراد، أصبح المواطن ملزما بإجادة حساب نقوده والحرص على تسيير عقلاني لموارده المالية تحسبا لمتطلبات تتميز بارتفاع مستوى الإنفاق مثل الدخول الاجتماعي الذي يهيمن عليه الطلب على الأدوات المدرسية المختلفة والتي تشهد ارتفاعا محسوسا خاصة بالنسبة للمحافظ والمآزر ذات الجودة.
في ظل ارتفاع كلفة المعيشة نتيجة هاجس الأسعار التي تجاوزت سقف الممكن واتجاه المستهلك إلى البحث عن مستوى مقبول من الرفاهية وهو مؤشر صحي، أصبح المواطن وبالذات رب العائلة يسعى دوما للبحث عن فرص تمنحه القدرة على اقتناء ما يريده بأسعار أقل، فيخوض المستهلك كل يوم أو مرة في الأسبوع بحسب حجم المشتريات المطلوبة معارك في أسواق فيها ما يلبي الطلب وفيها أيضا ما ينفره بسبب الغلاء.
طبيعي أن التخفيضات تثير في المواطن الرغبة في الحصول على ما يريده، لذلك يسجّل تهافت على مراكز ومحلات تجيد استغلال هذا الموسم من خلال تقنيات حديثة للعرض وإشهار مغر للأسعار، وفقا للمعايير القانونية لموسم التخفيضات الذي يحكمه تقنين تجاري دقيق.
أكبر المراكز والمحلات تشهد ازدحاما على مستوى أجنحة الملابس التي تبرز في هذه الفترة أكثر من غيرها، وتتصدرها ماركات وعلامات تعرف بغلاء منتجاتها طوال السنة وتلقي بسحرها على الزبائن في هذه المواعيد، في لحظة أقرب لـ»مصالحة» بين طرفي المعادلة، تاجر يقاوم نزعة الربح المفرط وزبون يقتنص فرصة العام لتلبية احتياجاته واحتياجات أطفاله.
يسجل بالطبع ضعف نسبة التخفيضات وذلك لعوامل عديدة منها أن المنتجات اغلبها مستوردة بالعملة الصعبة وتدني قيمة العملة الوطنية في سوق الصرف الموازية خاصة، والأكثر أهمية ضعف الإنتاج المحلي في قطاع النسيج والألبسة، التي توفر سوقا ناشئة ومضمونة الربح بالنظر لحجم الطلب ونوعيته.
في هذا الإطار لا يزال الاستثمار الذي عرفه قطاع النسيج أقل من حجم الطلب، ويقتضي أن يواكب السوق المحلية بنسبة أكثر من تلك التي تتم حاليا في وقت يمكن فيه أن يتم إعادة الاعتبار لمهن الخياطة والتفصيل، بما يراعي معايير المنافسة حتى يتم تدارك التأخر الموجود في سوق تلتهم إنتاج كبريات الماركات العالمية وبأسعار جد مرتفعة.
يمكن الوقوف عند سوق المآزر فقط لإدراك مدى الطلب الذي يعبر عنه في كل دخول مدرسي لقياس مدى الإمكانيات لتطوير هذا النوع من المنتجات النسيجية، بحيث يمكن لمتعالمين لديهم احترافية وقناعة في السوق المحلية إطلاق استثمارات صغيرة ومتوسطة غير مكلفة تعطي نفسا لهذا النوع من النشاط، طالما أن تسويق منتجاته مضمون ويمكن حينها مواجهة المنتجات المستوردة بالتحكم في الأسعار والجودة، وهي مسألة تلقى على عاتق أصحاب مهنة التصميم والتفصيل بما يلبي الأذواق.
حقيقة هناك محاولات في هذا المجال لكنها لا ترقى إلى مستوى المؤسسات الصناعية التي تستوعب الطلب المتزايد وتلبي الرغبات المختلفة، غير أن محدوديتها في السوق لا يجعلها في مركز المؤثر في معادلة العرض والطلب، مما يترك المجال واسعا أمام نشاط الاستيراد الذي ترتفع كلفته في ظل ترشيد حركية التجارة الخارجية، وتبقى أبواب التخفيضات موعدا يتطلع إليه الزبون مرتين، في موسم الشتاء وموسم الصيف.
للإشارة هناك حقيقة محلات ومراكز تطبق تخفيضات يلمسها الزبون العارف بشؤون أسواق الألبسة (في انتظار أن تبادر مؤسسات أخرى في قطاعات مثل الكهرومنزلي والأثاث لاعتماد نظام التخفيضات) غير أن هناك محلات تستعمل إغراءات لا تثير اهتمام المتتبع للأسواق، وغاليا ما تبرر تلك الممارسات بأن المنتوج المعني يحمل علامة راقية وبارزة في العالم، غير أن خبرة الزبون واطلاعه لفئة ميسورة ماليا تحسم الأمر في نهاية المطاف بين اقتناء المنتوج أو تركه كما هو ولفئة لا تتوفر على القدرة المالية تكتفي بمتابعة أحوال السوق.