طباعة هذه الصفحة

المواطن معني بمكافحة الفساد

لا تهـــاون ولا تقصير في التحرر من البيروقراطيـــة

فضيلة بودريش

مما لاشك فيه أن الظرف الحالي، يتطلب أن يقحم المواطن في معركة مكافحة الفساد، التي انطلقت بفعالية وبدأت تضع حدا لذلك النزيف للثروات المالية من العملة الصعبة، التي كانت تستنزف بطرق ملتوية، وتحول لمصلحة مجموعة من الأشخاص إلى حسابات بنكية في الخارج أو لاقتناء عقارات بأسماء أفراد عائلاتهم، بينما الاقتصاد الوطني يسير بوتيرة بطيئة، وينتظر الضوء الأخضر لانطلاقة تستغل فيها المقدرات وتسخر الإمكانيات وتجند الموارد، بمعنى أن كل مواطن معني من الموقع الذي يتواجد فيه، أي الموظف والطبيب والعامل البسيط والمعلم والمسير، الجميع يؤدي مهمته على أكمل وجه، من دون أي نقصان أو تهاون أو تقصير، بهذه الطريقة تكون المنظومة الاجتماعية متناسقة لا يتخللها أي خلل.
إذا بالعمل والنزاهة والشفافية وبالعدالة، يمكن لقطار التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أن يتقدم بخطى منتظمة وثابتة، وبالتقييم لجميع الأداءات والوقوف على النقائص والمتسبب في التقصير يحاسب، لكن في نفس الوقت يجب أن تتخلى الإدارة التي مازالت ترهق المواطن كثيرا، في طلب أوراق عديدة في مسائل بسيطة، من المفروض نحن في غنى عنها بعد الرقمنة وتعميم شبكة الإعلام الآلي على الإدارات في عدة قطاعات، مثل المالية العدالة والحالة المدنية على وجه الخصوص، التي مازالت تطلب من المواطن ملفات لأمور بسيطة رغم أن شبكة الحالة المدنية معممة على المستوى الوطني.
كيف للمستثمر أن يتقدم بملف جاد ومشروع يحمل قيمة مضافة للاقتصاد الوطني، مع إدارة تطلب أمورا مرهقة وأوراقا عديدة، والمؤلم أن عون الإدارة في اللقاء الأول يطلب ملفا، وعندما تحضر الملف، يطلب ورقة إضافية منك، فتحضر في المرة الثانية بتلك الورقة المكملة للملف، معتقدا أنك سوف تودع الملف، لكن يطلب منك أن تغير إحدى الأوراق بورقة أخرى، تجد نفسك تجري من إدارة إلى أخرى حتى تخور قواك، ويتسلل اليأس والأرق إلى نفسك، وتلعن اللحظة التي خططت فيها لانجاز أي مشروع، وللأسف مازالت هذه التصرفات المشينة إلى يومنا هذا وبعد الحراك الذي كان يستهجن الظلم والحقرة وفي ظل مكافحة الفساد. إذا مكافحة الفساد تشمل كذلك المعرقلين والذين يعبثون بوقت وجهد المواطنين الجديين والملتزمين الذين يسهرون على بناء وطنهم بمشاريع استثمارية منتجة. إذا المواطن معني بتحدي مكافحة الفساد وعليه بالمشاركة فلا تهاون ولا تقصير، والبداية ينبغي أن تكون من  التحرر من البيروقراطية التي عطلت القاطرة التنموية. وكل متسبب في العرقلة ويتعامل ببيروقراطية يجب أن يخطر المتضرر مسؤوله المباشر بسلوكه، والتصحيح يكون تدريجيا والتخلي عن الذهنيات يتطلب وقتا وإرادة على وجه الخصوص.