طباعة هذه الصفحة

الخبير امحمد حميدوش يتحدث عن حتمية مراجعة قانون النقد والقرض

ابتكارات كل ستة أشهر لخدمات المالية الإسلامية

فضيلة بودريش

دعا امحمد حميدوش، الخبير الاقتصادي، إلى ضرورة الإسراع، مع إطلاق خدمات المالية الإسلامية ودخولها حيز السريان، بتعديل قانون النقد والقرض وإدراج أدوات المالية الإسلامية العشر، بمفهومها الخاص وضبطها لتقنينها، على أن تكون مرجعا للبنك والزبون على حد سواء، لأنه مسار حتمي لنجاح مثل هذا النوع من الخدمات المهمة.  وحذر المتحدث من وجود نقص فادح في التكوين في المالية الإسلامية، وقدم عرضا مستفيضا ودقيقا عن خدمات المالية الإسلامية وإطارها العام محددا الشروط والآليات من أجل ضمان نجاحها على أرض الواقع.

 اقترح الخبير حميدوش أهمية تنظيم قانون النقد والقرض للهيئات المخولة في تعاملات المالية الإسلامية، بغض النظر عن آليات المالية الإسلامية التي تضم المرابحة والمشاركة والإيجار والمزارعة وما إلى غير ذلك، حتى تعتبر المنتجات المتبقية عن أدوات الصيرفة الإسلامية في نطاقها، كاستحداث هيئة خارج المجلس الإسلامي الأعلى لأنه ليس هيئة للفتوى، مع العلم أن المالية الإسلامية تعرف ابتكارا متواصلا للخدمات في هذا الإطار، وتتطور كل ستة أشهر.
وأشار في مقام آخر إلى أن قانون النقد والقرض، يمكن من ضبط جميع العقود المنجزة على مستوى البنوك.
يعتقد الخبير أنه يسجل خلل في قانون النقد والقرض، ولا ينبغي أن تتحمل آثاره الصيرفة الإسلامية، علاوة على العمليات البنكية أو المصرفية، والتي من المفروض أن تسقفها هيئة يكون من ضمن أعضائها جمعية حماية المستهلك، مع ضرورة السهر على وضع الآليات الخاصة بالشفافية في التعامل البنكي» بمعنى ملف المخاطرة الذي يكون على مستوى البنك المركزي، وكذا ضبط الآلية التي تحكم الطلب والعرض، لتبقى المنافسة بين المالية التقليدية والصيرفة الإسلامية» ضمن ما يوافق عليه الشرع.

 استحداث قانون للمرابحة والمشاركة

أكد حميدوش على أهمية إعادة النظر في التنظيم الخاص بصناديق التوظيف المشترك «FCP» وشركات الاستثمار ذات الرأسمال المتغير. ويمكنه تجاوز تعديل قانون النقد والقرض بقانون المضاربة والمشاركة وقانون المرابحة الجاري في عدة دول، لتضاف إلى ما هو مقنن في الجزائر والخاص بالقرض الايجاري «ليزينغ».
بحسب الخبير حميدوش يجب أن يتضمن المحيط الخاص بهذه الصيرفة إصلاح خاص للقانون التجاري، وإدراج في هذا القانون الواجبات والعقود الخاصة بهذه الصيرفة والعقوبات الناجمة في حالة الغرر، وكيفية التعامل مثلما هو الحال بالسفتجة والكمبيالة.
ويعتقد في سياق متصل أنه يتوجب إدخال إصلاحات عديدة، حتى يتم تفعيل هذه المنتجات المالية في دائرة النشاطات الاقتصادية «الخدمات» وتكون محددة، وبالتالي إدراج تعديلات في النظام الضريبي سواء في الضرائب المباشرة وغير مباشرة والرسوم المماثلة والرسم على القيمة المضافة وتقنينها، مع منحها إمكانية التحفيز للصيرفة الإسلامية، عن طريق تشجيعها وأخذها القسط المناسب ضمن الدورة الاقتصادية.

 النقص في التكوين

سلط حميدوش الضوء على النقص الفادح في التكوين في المالية الإسلامية، الذي قال يجب استدراكه مع بداية إطلاق هذه الخدمات الجديدة، عبر تكوين دقيق للأعوان والإطارات، لأن الشهادات المقدمة في تخصص الصيرفة الإسلامية من طرف الجامعات، تبقى عامة ومقدمة باللغة العربية، وتحتاج إلى تكوين في التقنيات البنكية الخاصة بها، عن طريق التدقيق وباللغة المستعملة في البنوك، كما أن التشريع الخاص أو القياس المحاسبي، يتطلب بدوره التعديل مع إعطاء الصيغة الخاصة بالمعايير المحاسبية بهذه المالية في سياق وطني أو عالمي.
وتحدث الخبير عن أول جمعية أنشأت من أجل المعايير الخاصة بالصيرفة الإسلامية، والمفارقة اللافتة أنها رأت النور بالجزائر عام 1994، لتتحول فيما بعد إلى مدينة مسقط بدولة عمان، وتصدر هذه الأخيرة المعايير باللغتين العربية والانجليزية، وبخصوص اللغة الفرنسية تمت ترجمة إلى غاية اليوم ما يقارب 40 معيارا، وسهر على ترجمتها بورصة فرنسا وبنوك فرنسية ومختصين في القانون والدين والمحاسبة والمالية.
وبالموازاة مع ذلك، أثار الدكتور حميدوش، مشكل سيطرة البنوك العمومية على هذه الصيرفة كونها تهتم بالإجراءات الإدارية والضمانات، بحسب تقدير الخبير أكثر مما تتطلبه المهنة إلى جانب النقص في الخدمات بسبب غياب نظام معلوماتي والرقمنة ومستشار لدى البنك، يسهر على خدمة الزبون مثلما معمول به في البنوك العالمية.

 الإشكال الديني في المالية التقليدية

وقدم الخبير عرضا مستفيضا ودقيقا عن خدمات المالية الإسلامية وإطارها العام محددا الشروط والآليات بلغة الخبير المحترف، حيث ذكر أن النظام المصرفي يعتمد على المالية التقليدية، والتي بموجبها يوجد إشكال ديني، يرتكز على مبدأي تحريم الربا بصفة عامة وتعديلها بمسؤولية مشتركة، والمبدأ الثاني يتمثل في تقنين المضاربة وبالتالي تعتبر الربا عائقا في التعامل مع البنوك، باعتبارها كل ما يزيد عن الشيء، وهذا ما تحرمه جميع الشرائع الدينية.
وبالتالي هذه الربا تقسم إلى ربا البيوع ويعد الربا الذي يحصل في عقد البيع سواء في الأموال التي تجري فيها ربا البيوع، وتنقسم بدورها إلى قسمين: السلع الربوية المنطوق بها في الحديث، والتي تخص ستة أصناف المتمثلة في الذهب والفضة والبر والتمر والملح والشعير.
أما السلع الربوية المسكوت عنها، ولكنها غير مذكورة في الحديث، غير أنها تعرف بواسطة القياس، باعتبارها كطعام أساسي، يقاس عليه وقوت يدخر كالأرز والفول والعدس والذرى، وتندرج ضمن فصيلة ربا الفضل، والتي تعني مبادلة شيء بشيء مع الزيادة، وقد تسمى ربا النسيئة، إذا تمت المبادلة للمال الربوي مع نظيره مع التأخير، إذا هذه الربا خاصة بالبيع يقابلها أيضا ربا الديون وربا الديون، بدورها تنقسم إلى ربا الديون، وتعني تسليم قرض ويكون مؤجلا أو مداينة بتسديد مؤجل، وتسمى كذلك بربا النسيئة أوربا الجاهلية، وفي حالة ما إذا جاء موعد السداد بالدين ولا يستطيع المدين تسديده، فيطلب من المقرض مهلة مع زيادة مقابل المزيد من المهلة، ونفس الحال بالنسبة للبيع بالتقسيط، أي زيادة في الدين على شكل غرامة تأخير في عدة مذاهب، وهناك ربا القرض أساسه القرض ولكن الرد بالزيادة، وتأتي في العقد برد زيادة ويسمى ربا القروض أوربا المغلظ.
 
محفزات الادخار

وتأسف حميدوش لكون هذه العناصر تنفر الأسر والمستثمرين وتجعلهم يتجنبون التوجه إلى البنوك، في بعض الحالات، بغية الادخار عند الحاجة والاستثمار عند الضرورة.
 ولهذا جاءت أدوات المالية الاسلامية، استجابة لخصوصية المجتمع الإسلامي وتقترح 10 آليات للتمويل مع شريطة أن الأموال التي يتم استقبالها بهذه البنوك المختصة بالصيرفة الإسلامية عبر شبابيكها، لا تقبل الأموال التي مصدرها القمار والميسر والرهان والنشاطات المحرمة، مثل الخمر والمكروهة كالتبغ ومختلف النشاطات المبغوضة، على غرار التجارة بالمحرمات، أي شروط البنوك لا تقبل بهذه الأموال، ومن الأدوات المعروضة نذكر المضاربة حيث المقاول يتقدم بمشروع ويموله البنك ويتقاسم معه الربح والخسارة، وهذا يكون صريحا في العقد بين البنك والمقاول، إذ البنك يقدم تمويلا والمقاول بدوره يقدم مجهودا مع تجربة إدارة، وتختلف نسبة المشاركة للطرفين، بحسب المشروع.
أما المرابحة فبيع مزدوج بين البائع والمشتري، والدافع يشتري السلعة لفائدة المشتري، ثم يتم إعادة بيعها له مع هامش ربح وشرط تحديد فترة التسديد والتي تكون مكتوبة وواضحة في عقد البيع والشراء، مع إبراز بدقة مبلغ التعويض بقرض الشراء. وهذا في المالية التقليدية يطلق عليه تسمية «الليزينغ».

 المنتوج الجديد في دائرة التحدي

 وفي الإيجار «الليزينغ»، أوضح الخبير الاقتصادي، وضع سلعة تحت تصرف مقابل إيجار هذه السلعة، ويحدد عن طريق العقد في هذه الحالة على إمكانية البيع أو التخلي عنه. والاستثناء عقد بين الزبون والمقاول ويتم الدفع عن طريق الوسيط، والتكافل تأمين مالي مسبق وآجال الدفع تحدد ضمن دفتر الشروط. والقرض الحسن قرض بدون فائدة، قد يستعمل على العموم لفائدة جمعيات خيرية أو مصدره وقف أو المقصود منه خدمة عمومية.
بينما المساقاة تقديم أشجار مغروسة معلومة لها ثمر توكل لمن يعمل فيها، إلى غاية نضج ثمارها، مقابل جزء من ثمرها أو أرباحها، حيث يتم تقاسم المحصول أو الربح المتحصل عليه بحسب النية والمتفق عليه في العقد.
والمزارعة تقديم الأرض لمن يزرعها، ويعمل فيها، ومحصول الزرع يتقاسمه العامل ومالك الأرض بحسب اتفاق العقد، والمغارسة تقديم أرض ليس فيها أشجار لمدة معلومة لشخص يغرس فيها أشجار، ويتم تقاسم الثمار فيما بينهم، بحسب اتفاق العقد، وتكون على العموم في شجر النخيل والزيتون.
وبخصوص الصكوك تتمثل في سند إعلامي، يعطي حق الملكية لحامله مقابل مبلغ خاص عند الربح، وليس فائدة محددة مسبقا مثل السندات، وتنقسم الصكوك إلى صكوك الايجارة بدون ضمان التسديد وصكوك المشاركة مع ضمان المصدر وصكوك الوكالة والمضاربة وصكوك الاستثناء.
ويرى الخبير حميدوش أن هذه الأدوات بالنسبة للقانون الجزائري غير ممنوعة، وهذا يعني أنه مسموح بها، غير أن الإشكال يكمن في أن مباشرة البنك الوطني الجزائري إحدى الآليات تحكم عليها بالنجاح، وهذا يبقى في دائرة التحدي التي يصعب تخطيها.