طباعة هذه الصفحة

إصلاحات عميقـة وطّنت ثقـة المتعاملين الاقتصاديين

انتعاش الاستثمار ..ازدهار لعالم الشغل

فايزة بلعريبي

 ركاش: أزيد من 13 ألف مشروع يوفر 316 ألف منصب شغل 

منح مساحة ضخمة لتوظيف آلاف العمال وخاصة خريجي الجامعات

سجّلت الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار منذ استحداثها في 01 نوفمبر 2022 إلى غاية مارس 2025، أزيد من 13 ألف مشروع، يقابلها خلق 316 ألف منصب شغل، فبالإضافة إلى دور الاستثمار، بشقّيه الوطني والأجنبي في تطوير الاقتصاد، فإنه يمنح مساحة ضخمة لتوظيف آلاف العمال وخاصة خريجي الجامعات، ما يسمح بامتصاص نسبة البطالة، عبر الجهات الأربع للوطن التي تغطيها مشاريع هيكلية وصناعية ضخمة تم تسجيلها أو جاري إنجازها.

تحتفل الجزائر غدا، بالعيد العالمي للعمال بإنجازات هامة التزم بها رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون خلال عهدته الأولى، وهو ماض في تجسيد التزاماته بنفس الإرادة التي تولي اهتماما لانشغالات المواطن وعلى رأسها ملف الشغل.
 ولأجل تجسيده، تعتمد الحكومة على عدّة هياكل وأجهزة لخلق مناصب الشغل، بينها الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار التي تم استحداثها ضمن النصوص التطبيقية المرافقة لقانون الاستثمار الجديد 18/22، في نوفمبر 2022، بأهداف ومهام واضحة، تندرج في إطار المقاربة الاقتصادية التي أقرّها رئيس الجمهورية، كخارطة طريق لتحرير وتنويع الاقتصاد الوطني من خلال بعث المشاريع الاستثمارية في جميع القطاعات الإستراتيجية المنتجة والخلاقة للثروة ولمناصب الشغل خاصة، وعلى مستوى جميع مناطق الوطن خاصة الهضاب العليا والجنوب الكبير، في إطار المسعى النبيل لرئيس الجمهورية لتحقيق العدالة التنموية والإنصاف الجهوي.
ومنذ استحداثها في نوفمبر 2022، حققت الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار، من خلال تحفيز الاستثمار المنتج، وإدارته بطريقة عصرية تعتمد الرقمنة وتستند على الاستقرار التشريعي وعلى تسهيلات كبيرة لفائدة المتعاملين الاقتصاديين.
وحتى وإن كانت مهمتها الأساسية تحرير الاستثمار، فإن مهمتها تحقّق – بالضرورة - تحرير فرص الشغل، خاصة لخريجي الجامعات الجزائرية، ومراكز التكوين المهني في هذا الصدد كان المدير العام للوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار، عمر ركاش، قد أكد في مداخلة له خلال الدورة التكوينية حول المفاهيم الأساسية للاستثمار، شاركت فيها “الشعب” أن “منح الموافقة على أي مشروع كان، يتوقف بالدرجة الأولى على عدد مناصب الشغل الممكن استحداثها”.
وبحسب الحصيلة الإجمالية لعدد المشاريع المسجلة على مستوى الوكالة الجزائرية لترقية الإستثمار وعدد مناصب الشغل المتوقع إستحداثها، إلى غاية الفاتح من مارس 2025، فقد تم تسجيل قرابة 13 ألف مشروع مصرّح به، تحديدا 12.843 مشروع، بقيمة تفوق 5776 مليار دج، من شأنه إستحداث أزيد من 316 ألف منصب شغل متوقع.
وتتوزع هذه الحصيلة الإجمالية، التي تحصلت “الشعب” نسخة منها،  ما بين، 12 ألف و608 مشروع مسجل من قبل مستثمرين محليين، بقيمة تفوق 4587 مليار دج، من شأنها استحداث أكثر من 288 ألف منصب شغل، بالإضافة إلى 235 مشروع أجنبي بقيمة إجمالية تفوق 1189 مليار دج، سيمكن من استحداث أكثر من 20 ألف منصب شغل، وفق حصيلة الوكالة، التي أوضحت أن هذه الاستثمارات الأجنبية تتوزّع على 89 مشروعا أجنبيا مباشرا و146 مشروعا بالشراكة مع الأجانب.
 أما بالنسبة لأكثر القطاعات استقطابا للاستثمارات عموما، فيمثل قطاع الصناعة 37 %من إجمالي هذه المشاريع المسجلة بالوكالة، يليه قطاع النقل بـ 2.22% متبوعا بقطاعات البناء والأشغال العمومية بـ22% ، الفلاحة 2.7%، الخدمات 6.4%، السياحة 3 %، وكذا الصحة 2.7 % والمناجم 0.8 %. وبخصوص توزيع المشاريع الاستثمارية المسجلة بحسب المناطق، أشارت ذات الوثيقة إلى أن 3.51% بالمائة منها 6595 مشروع، توجد بشمال الوطن 27.5%في الهضاب العليا 3527 مشروع، بينما تتواجد 2.21 منها بالمائة في جنوب الوطن 2721 مشروع.
من جهة أخرى، أشارت حصيلة الوكالة إلى أن 99% من العدد الإجمالي للمشاريع الاستثمارية التي سجلتها تمثل القطاع الخاص بـ 12752 مشروع، في حين تم تسجيل 85 مشروعا في القطاع العام، و6 مشاريع استثمارية مشتركة خلال الفترة ذاتها. وفيما يتعلق ببنية تمويل المشاريع، فإن أكثر من 45% منها تمثل تمويلا ذاتيا 5799 مشروع، في حين أن قرابة 55% منها 7044 مشروع مموّل عن طريق القروض البنكية، بحسب الوثيقة.
 وبتعليمات صارمة من رئيس الجمهورية، ضاعفت الوكالة الجزائرية من وتيرة نشاطها حيث سجلت أزيد من 700 مشروع استثماري خلال السنة الجارية 2025، بقيمة مالية تفوق 889 مليار دج، وستسمح هذه المشاريع بخلق ما يقارب 21900 منصب عمل، بحسب تصريحات مديرها العام، عمر ركاش لوسائل إعلامية وطنية، حيث كشف أنه من بين إجمالي هذه المشاريع تم تسجيل 11 مشروعا مرتبطا بالأجانب منها 03 مشاريع استثمارية أجنبية مباشرة 08 مشاريع بالشراكة مع مستثمرين جزائريين.
 ويوجد من بين هذه المشاريع، مشروع استثماري عماني يهدف لصناعة السيارات تحت العلامة الكورية الجنوبية “هيونداي”. إضافة إلى إحصاء 42 مشروعا صينيا بقيمة تفوق 4.5 مليار دولار، يتمركز أغلبها في القطاع الصناعي، حيث تتوزّع هذه المشاريع بين 22 استثمار صيني مباشر و20 مشروعا بالشراكة مع مؤسسات وطنية، كما سجلت عدة رغبات استثمارية جديدة في مجالات متنوّعة، تعمل الوكالة على دراستها بالتنسيق مع المعنيين، في مؤشر واضح على الانتقال من مجرد تنفيذ الخدمات والطلبيات إلى استغلال فعلي لما توفره الجزائر من مزايا تنافسية لإقامة استثمارات منتجة.

الأقطاب الصناعية.. مكامن شغل بامتياز

مما سبق، نلاحظ أن مناخ الأعمال بالجزائر شهد زخما كبيرا في السنوات الثلاث الأخيرة، يعكسه المسار التصاعدي للاستثمارات النوعية والخلاقة للثروة ومناصب الشغل في مختلف ولايات البلاد، وذلك بفضل الرؤية الإستراتيجية للسلطات العليا والإصلاحات العميقة التي قامت بها لاسيما من خلال جملة النصوص التشريعية والتنظيمية، أبرزها القوانين المتعلقة بالاستثمار والمناطق الحرة والعقار الاقتصادي، حيث ساهمت في عودة الثقة إلى المستثمرين.
إلى جانب، استحداث أقطاب صناعية متخصصة في عدة مناطق، حيث من المرتقب في هذا السياق إنشاء قطب متخصص في صناعة الجلود بولاية المدية وآخر لصناعة النسيج بولاية غليزان، وقطب لصناعة الأدوات المدرسية في برج بوعريريج. وهو ما سيساهم بشكل كبير في خلق مناصب شغل لساكنة هذه المناطق، واحتواء مشكل البطالة بها.
وبفضل الإصلاحات العميقة التي شهدتها بيئة الأعمال، والتحسن الملموس في مناخ الاستثمار، تتيح اليوم للاستثمارات الأجنبية فرصا حقيقية للاندماج في سلاسل القيم الإقليمية والدولية، كما توفر فرص شغل واعدة لأبنائها واحتواء طموحاتهم وأحلامهم، وإبعادهم عن هاجس الهجرة والبحث عن فرص النجاح خارج بلادهم.
 وأهم ما تسعى إليه الدولة الجزائرية اليوم هو تمتين الرابطة الروحية التي تربط الشباب الجزائري ببلاده من خلال تشجيعه على الاستثمار في المجال الفلاحي، خاصة وأن هذا الأخير يعتبر قطاعا رئيسيا في الجزائر وعمودا أساسيا لبناء الاقتصاد الوطني بسبب مساهمته في التوظيف والناتج المحلي الإجمالي، حيث يوظف حوالي 2.6 مليون شخص كعمال زراعيين، يمثلون أكثر من 74% من اليد العاملة الريفية و 24% من القوى العاملة الوطنية، علاوة إلى كونه، يضمن الأمن الغذائي للبلاد من خلال تغطية أكثر من 74% من الاحتياجات الوطنية من المنتجات الفلاحية.