15.5 مليار دينار القيمة التسويقية لنفايات الورق والاقتصاد الوطني المستفيد الأول
المؤسسات الناشطة في مجال رسكلة الورق.. قليلة
استحداث بورصة النفايات لتحديد الفروع التي تفتقر إلى التثمين
تغيرت النظرة الاقتصادية للورق، بتغير المعطيات المحيطة باستعماله عبر العصور، فكلما اتجهنا صوب التكنولوجيا، كلما قلت الحاجة إلى التقنيات التقليدية، وكلما تسربت الرقمنة إلى أي قطاع كان،ينسحب الورق، فبعد أن كان أحد مؤشرات التطور، لمرادفته لمفهوم القراءة والكتابة، تم اليوم عكس المعادلة ليصبح التقليل منه، مظهرا من مظاهر التحكم في التكنولوجيا..
كشفت رئيسة قسم النفايات، بالوكالة الوطنية للنفايات، عقيلة بوذراع، خلال اللقاء الذي جمعها بـ»الشعب»، بمقر الوكالة، أن السلطات العمومية ترمي من خلال إستراتيجيتها القائمة على دخول عالم الرقمنة إلى التقليل من استعمال الورق، وفي هذا الصدد، قامت الوكالة الوطنية للنفايات باستحداث بنك وطني للبيانات، يسهل انتقال المعلومة إلى المؤسسات الناشطة في مجالي الاسترجاع والتدوير، من أجل التقليل من كمية الورق المستعمل بالإدارة. وقد قامت الوكالة بالترويج لمشروع على مستوى المؤسسات، هدفه الوصول إلى «صفر ورق»، حيث سيساهم المشروع في العمل التحسيسي والتوعوي على مستوى المؤسسات التي يكثر بها استعمال الورق، وسيمكن نجاح هذا الأخير، من توفير مادة أولية ذات جودة لمؤسسات التدوير، خاصة إذا ما علمنا أن اختلاط مادتي الورق والكرتون بالنفايات العضوية، سينقص من جودتها، بل يفقدها صلاحيتها في التدوير.
وتقوم الوكالة الوطنية للنفايات بمهمة الربط بين مختلف الفاعلين في مجال الاسترجاع والتدوير، حيث تحتوي على بورصة للنفايات - تقول بوذراع- من شأنها تتبع كل المؤشرات الخاصة بمجال تسيير النفايات، وتسهيل التواصل بين المؤسسات التي تمتلك المادة الأولية من نفايات الورق والكرتون والمؤسسة المسترجعة لهذا النوع من النفايات التي تستعمل في إنتاج مغلفات أخرى كورق التنظيف وورق التغليف، مما سيخدم قطاع الصناعة.
بداية محتشمة وتطوّر سريع
وفي لمحة مختصرة عن نشاط رسكلة وتثمين نفايات الورق، أشارت المتحدثة إلى أن هذا النشاط عرف بداياته الأولى مع مطلع سنة 2015، حيث تم تسجيل 75 مؤسسة مصغرة ناشطة في مجال استرجاع وإعادة التدوير، ليرتفع هذا العدد إلى 436 مؤسسة، سنة 2022، مسجلا ارتفاعا بنسبة 70%. وفي سنة 2020 قامت الوكالة الوطنية للنفايات بدراسة ميدانية، تهدف إلى تحديد معدل تثمين النفايات المنزلية الذي قدر بـ 9.83 %، ما يعتبر ضعيفا مقارنة مع الكمية المنتجة. أما بالنسبة لنفايات الورق والكرتون فقد بلغ معدل تثمينها بـ 12 %، لتقوم ذات الوكالة، بدراسة ميدانية من أجل تحديد إنتاج الفرد الواحد من النفايات، وتتوصل إلى نتيجة مفادها أن إنتاج نفايات الورق والكرتون قد تعدى 6.8 %، أي ما يقارب 748 ألف طن/ السنة. أما قيمتها الاقتصادية والتسويقية، فقد عرفت تزايدا ملحوظا بين سنتي 2021 و2022، حيث قدرت سنة 2021 بـ7.61 مليار دينار، ارتفعت خلال السداسي الأول من سنة 2022 لتصل إلى 15.5 مليار دينار.
دورة حياة ثانية
أما عن مصدر الورق والكرتون، وفي شرح علمي قدمته عقيلة بوذراع، مفاده أن هذه المادة مستخرجة من الطبقة اللحائية للأشجار، حيث تحول إلى عجينة تستعمل في استخراج المادة الأولية لصنع الورق والكرتون. وقد ثبت أن تثمين طن واحد من الورق والكرتون، سيمكن من الحفاظ على 17 شجرة، أي ما يعادل 2 طن من الخشب. كما يستهلك إنتاج الورق المعاد تدويره، 4 مرات أقل من قيمة الطاقة المستعملة و6 مرات أقل من الماء المستعمل من أجل صنع الألياف الطبيعية المستعملة في إنتاج الورق بالطريقة العادية، انطلاقا من المصدر الطبيعي المتمثل في خشب الأشجار التي تلعب دورا مهما في التصدي للاحتباس الحراري الذي تواجهه أرجاء المعمورة.
ويعتبر تثمين نفايات الورق والكرتون سوقا خصبة، ومع ذلك، لم تستقطب سوى عدد محتشم من مؤسسات استرجاع النفايات، من هذا المنطلق، تعمل الوكالة الوطنية للنفايات على توجيه الشباب حاملي المشاريع إلى الفروع التي تفتقد إلى التثمين، أهمها تثمين نفايات الورق والكرتون، التي تعتبر قيمة مهدرة، يقوم بعض الخواص في المناطق الداخلية للبلاد، بطحنها واستعمالها كأعلاف للماشية.
وأوضحت عقيلة بوذراع أن العمل التوجيهي، وكذا المرافقة التقنية، يدخلان في إطار المهام التأسيسية للوكالة التي تسهر على تزويد المهتمين بمجال تثمين النفايات بالمؤشرات اللازمة لبناء مشروع، كمراكز تموقع المادة الأولية للمشروع، وكذا الايجابيات والسلبيات التي من الممكن أن تعترض المشروع على ضوء خبرتها الميدانية واحتكاكها بأصحاب المشاريع، كما تتواجد الوكالة الوطنية للنفايات، من خلال إطاراتها، كعضو ضمن لجنة دراسة المشاريع واختيار أنجعها على مستوى حاضنات الأعمال.
