تنشيـط الحركيـة السياحيـة دون أثـر سلبـي علـى احتياطـي الصـرف
تحكّم في إدارة الصرف والتسريع في فتح مكاتب الصرف الخطوة المنتظرة
تكريس الإنفتاح على العالم وتعزيز استقطـاب السيـاح وتشجيـع الإستثمـار
لقي قرار رئيس الجمهورية القاضي برفع المنحة السياحية إلى 750 أورو لكل مسافر جزائري بالغ، و300 أورو للقُصّر، ترحيبًا واسعًا من قبل المواطنين، والوكالات السياحية، والخبراء، وقد اعتُبر خطوة مهمة في مسار تنظيم سوق الصرف، سواء في شقّه البنكي أو الموازي، من شأنها أن تُسهم في تحسين صورة الجزائر كوجهة اقتصادية وسياحية واعدة، فقد قطع هذا القرار الطريق أمام المضاربين الذين دأبوا على استغلال فترات الذروة، مثل موسم الحجّ، الاستيراد والعطلة الصيفية، لرفع أسعار الصرف والتحكّم في السوق السوداء، خاصة في ساحة بورسعيد المعروفة بـ«السّكوار” في الجزائر العاصمة، ولقد استبعد خبراء ماليون حدوث أي أثر سلبي على احتياطي الصرف، مؤكّدين أنّ الإجراء مدروس ولا يدعو إلى القلق.
أوضح الخبير الاقتصادي عبد القادر سليماني في تصريح لـ«الشّعب”، أنّ قرار رفع قيمة المنحة السياحية المقدّر بـ750 أورو للبالغين و300 أورو بالنسبة للقصّر، ليسجّل ارتفاعا بنسبة 800% عن قيمتها السابقة، قرار من شأنه أن يساهم في تلبية احتياجات المسافرين سواء السياحية أو تلك المتعلّقة بالعلاج في الخارج من جهة، وفي خفض الطلب على العملة الصعبة بالسوق الموازية والتراجع النسبي لشدة حدّة هذه السوق من جهة أخرى، مؤكّدا أنّ رفع المنحة السياحية له أبعاد اقتصادية مهمة، حيث يتزامن مع تحسّن الأرصدة المالية الخارجية للاقتصاد الوطني، بالإضافة إلى مساهمته في تنظيم سوق الصرف الموازي والبنكي، ممّا يعجّل باستحداث آليات لفتح مكاتب الصرف التي تضمّنها قانون النقد والصرف الجديد. ويساهم القرار -يقول سليماني- في تطوير نظام جديد لسوق الصرف، وتوفير العملة الصعبة عن طريق القنوات الرّسمية، ما يحدّ من هيمنة السوق الموازية التي كانت تحتاج إلى حلول اقتصادية فعالة.
من الناحية الاجتماعية، أوضح سليماني أنّ القرار سيمكّن الجزائر من الانفتاح على العالم، وسيعزّز استقطاب السياح وتشجيع الاستثمار، كما يسهّل تنقل الجزائريّين بأريحية، ويفتح المجال أمام أفراد الجالية الجزائرية للعودة إلى وطنهم، ممّا يعزّز حركية رؤوس الأموال داخل البلاد.
قطع الطريق على سماسرة العملة
القرار، كما سبق وأشار المتحدث، سيكون له تأثير مباشر على تداول أسعار العملة بالسوق السوداء، حيث أنّ توفير العملة الصعبة عبر القنوات الرّسمية، سيضيّق الخناق على السوق الموازية التي كانت -لزمن طويل- المصدر الأكثر ارتيادا من طرف المواطنين لبيع وشراء العملة، كما تعكس هذه الخطوة انفتاحا ماليا وتحكّما في إدارة الصرف، ما يعزّز صورة الجزائر المالية على المستوى الدولي.
ويتوقّع سليماني أن يؤدي ارتفاع نشاط البنوك المتعلّق بصرف العملة لفائدة المسافرين، وفق الشروط التي حدّدها بنك الجزائر، إلى استقرار سوق العملة المحلية على المدى المتوسط.
بالنسبة لأداء الوكالات السياحية في الجزائر، أكّد المتحدث أنّ هذه الخطوة ستشجّع المواطنين على الإقدام على السفر وتنظيم رحلاتهم عبر الوكالات المتخصّصة في النشاط السياحي، وهو ما اعتبره تنشيطا للدورة الاقتصادية في شقّها المتعلّق بقطاع السياحة.
وبالمناسبة، ثمّن سليماني مساعي رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، للرفع من قيمة الدينار الجزائري واستقراره، بدءا من تنظيم عمليات الاستيراد والإجراءات التي جاء بها قانون النقد والصرف الجديد، بما فيها استحداث مكاتب الصرف على مستوى 58 ولاية، كجملة من الحلول لكبح ارتفاع أسعار صرف العملة الصعبة بالسوق الموازية بالجزائر، حتى يستعيد الدينار عافيته ويكسر منحنى ارتفاع أسعار صرف العملة الصعبة بالسوق السوداء، حيث شدّد على ضرورة الإسراع في اعتماد فتح مكاتب الصرف التي أقرّها القانون النقدي والمصرفي وصدرت نصوصها التنظيمية، كبدائل تتولى أحد وظائف البنوك في صرف العملة لمستحقيها، وفقا للقانون بغرض السياحة والعلاج،والمهمات للخارج وغيرها، ما يلبّي جزء لا بأس به من الطلب.
مكاتــــب الصّـرف..في انتظـــار التفعيـــل
ويرى سليماني أنّ فتح مكاتب صرف العملة الصعبة على مستوى الفنادق للتخفيف من الضغط، الذي تمارسه السّوق السوداء، سيكون له هو الآخر تداعياته الإيجابية، وفتح قوسا ليضيف أنّ المجلس النقدي والمصرفي كسلطة نقدية تابعة للبنك المركزي، في إطار صلاحياته التي تكفلها المادة 64 من القانون رقم 23-09، المتضمّن القانون النقدي والمصرفي وتحديد شروط اعتماد مكاتب الصرف، قد قام في إطار دورته العادية باعتماد مشروع للنظام المتعلّق بشروط الترخيص، وإنشاء واعتماد وعمل مكاتب الصرف، خاصة وأنّ عمليات الصرف التي كانت تقوم بها البنوك، لم تكن قادرة كخدمة مالية -يقول المتحدث- على الإستجابة للطلب الكبير على صرف العملة الصعبة، من حيث القيمة المالية المطلوبة أو من حيث سعر الصّرف، ما دفع بالمواطن إلى البحث عن غايته في السوق الموازية، وبالتالي توسّع انتشار هذه الأخيرة وهيمنتها على سوق العملة الصّعبة. فشراء العملة الصعبة من كل شخص يريد تحويل العملة الصعبة التي بحوزته إلى العملة المحلية وفق الشروط المنصوص عليها، سيخلق حركية اقتصادية خاصة في مجال السياحة، من خلال سوق صرف مدعومة من طرف الدولة تسمح بمراقبة وحماية حركة الأموال على مستوى المنافذ البرية والبحرية للبلاد.
كبـح تهريــب العملـة الصّعبـة..إجــراء ردعـي
إجراء آخر يرى الخبير أنه ذا فعالية، يتمثل في مكافحة اكتناز الأموال بالبيوت والأقبية وإخراجها للتداول، والضرب بيد من حديد حتى إلى أن تتفكّك ثقافة اكتناز الأموال بالعملة المحلية أو الأجنبية، وما يترتّب عن ذلك من تراجع الطلب على العملة الصعبة وسعر صرفها بالسوق الموازية، وتشجيع الاستثمارات وتقديم كل الدعم والتسهيلات للمستثمرين قصد زيادة الإنتاج وامتصاص البطالة وتراجع معدل التضخّم، ما يرفع من قيمة الدينار ويخفض في أسعار الصّرف بالسوق السّوداء، إلى جانب تشجيع ومرافقة أصحاب المؤسّسات على تصدير منتجاتهم للأسواق الأجنبية إلى أقصى حدّ يمكن الوصول إليه لجلب العملة الصّعبة للخزينة العمومية وتوفيرها للمصدرين ذاتهم.
بالمقابل، ركّز سليماني على ضرورة إخضاع الشركات والمؤسّسات الأجنبية للرقابة الصارمة، من قبل المفتشية العامة للمالية ومجلس المحاسبة، مع تشديد الرقابة الجمركية والشرطية على الحدود البرية والبحرية والجوية لمكافحة تهريب العملة الصعبة، وتشديد الرقابة من قبل فرق الجيش والدرك الوطني على الحدود البرية للتضييق على المهرّبين وتعديل القانون بتشديد العقوبات القانونية على مهرّبي العملة الصعبة من خلال سن بنود ردعية.