70 بالمائة من الاستثمارات المباشرة التي ستحظى بتمويلات معتبرة
استثمار الموارد القارية لتكريس السيادة السياسية والاقتصادية
مع اقتراب موعد احتضان الجزائر لأكبر محفل قاري بأبعاد دبلوماسية واقتصادية وثقافية، تتسارع التحضيرات بإشراف الاتحاد الإفريقي في إطار أجندة إفريقيا 2063. وخلال أسبوعين، ستستقبل الجزائر المحطة الرابعة لمعرض التجارة البينية الإفريقية، باختيارها كأفضل وجهة بفضل بنيتها التحتية وإمكاناتها المالية واللوجستية. ويأتي الحدث في ظل تكتلات اقتصادية عالمية متسارعة، ما يعزّز وعي الأفارقة بضرورة توحيد الجهود واستثمار مواردهم لتحقيق السيادة الاقتصادية والسياسية
أوضح رئيس المركز العربي الإفريقي للاستثمار والتطوير، أمين بوطالبي لـ«الشّعب”، أنّ احتضان الجزائر للطبعة الرابعة من معرض التجارة البينية الإفريقية “إياتياف 2025”، هو تأكيد صريح لمكانتها كقاطرة للتنمية في القارة ودورها المحوري، استنادًا إلى مواقفها الدبلوماسية الثابتة وجهودها الرائدة في نشر السلم والأمن والاستقرار على المستويين الإقليمي والقاري.
وأضاف أنّ اختيار الجزائر جاء لعدة اعتبارات، أهمها موقعها كثالث أقوى اقتصاد إفريقي، فضلاً عن مكانتها كشريك استراتيجي موثوق لأقوى الاقتصاديات العالمية، وموقعها الجغرافي المتميز المطل على المتوسّط شمالًا والعمق الإفريقي جنوبًا، وامتلاكها أكبر شبكة طرقات إفريقية وهياكل قاعدية قادرة على استيعاب حدث قاري بهذا الحجم. هذه المؤهّلات، إلى جانب دعم اللجنة المنظمة المكوّنة من “الأفريكسيم بنك” و«إياتياف” والاتحاد الإفريقي، عزّزت حظوظ ملف الترشّح الجزائري.
مشاركة واسعة وطموحات عالية
شدّد بوطالبي على أهمية الحدث الذي سيشهد، وفق بيانات “الأفريكسيم بنك” والاتحاد الإفريقي، مشاركة 104 دول، و15 رئيس دولة، و5 رؤساء حكومات، و26 وزيرًا، إلى جانب 2000 عارض و35 ألف زائر، فضلًا عن هيئات مالية عالمية مهتمة بتمويل الاستثمارات في القارة، مثل بنك التنمية الإفريقي، البنك الإسلامي للتنمية، البنك الدولي، والهيئة الاقتصادية للأمم المتحدة، إضافة إلى بنوك تجارية هندية وصينية وباكستانية وتركية.
وأشاد بطموح الجزائر، الذي حدّده وزير التجارة الخارجية وترقية الصادرات، بتحقيق ما لا يقل عن 20% من إجمالي الاتفاقيات التي ستبرم، أي نحو 10 مليارات دولار من أصل 44 مليار دولار. ويرى بوطالبي أنّ هذا الهدف قابل للتحقيق عبر إستراتيجية مدروسة، خاصة أنّ المعرض سيغطي ثلاثة محاور أساسية: 70% للاستثمارات المباشرة التي ستحظى بتمويلات معتبرة، و30% لعقود الشراكة واتفاقيات التصدير للمنتجات والخدمات.
كما دعا المتعاملين الاقتصاديّين إلى اغتنام الفرصة في ظل التسهيلات التي جاء بها قانون المالية الجديد، الذي يسمح بتمويل المشاريع الكبرى من طرف بنوك أجنبية، وتوسيع قائمة الصادرات لتشمل خدمات مثل الكهرباء والتكنولوجيا والخدمات اللوجستية.
الأمن المائي والغذائي.. أولوية إفريقية
أوضح بوطالبي أنّ المعرض يشكّل فرصة للتعريف بموارد إفريقيا وحشد التمويلات وفق احتياجات الدول، بهدف بعث التنمية وتعزيز الاستقرار. وستكون قطاعات الطاقة، وتحلية مياه البحر، وبناء السدود، والزراعات الإستراتيجية والزراعة الذكية، في صدارة الاهتمام، ضمن سعي القارة لتحقيق الأمنين المائي والغذائي، والتصدي للهجرة غير الشرعية الناتجة عن نقص الغذاء.
كما أشار إلى أنّ التكنولوجيا ستحظى بحضور قوي، مؤكّدًا ما تملكه الجزائر من خبرة تنافسية في هذا المجال، بفضل إنجازات شبابها في المحافل العالمية، وهو مجال تسعى كل الدول الإفريقية لإتقانه باعتباره لغة المستقبل.
القطاع الخاص وتمويلات واسعة
كشف بوطالبي عن سلسلة محاضرات سيشارك فيها خبراء اقتصاديّون عالميون، إضافة إلى معرض سيارات يضمّ كبار المصنّعين، معتبرًا أنّ صناعة السيارات في الجزائر أمام فرصة للتطور عبر شراكات تمويلية من “الأفريكسيم بنك”. كما سيُبرم العديد من الاتفاقيات في مجالات الحديد والصلب، مدعومة بانطلاق استغلال منجم غارا جبيلات، إضافة إلى مشاريع الصناعة الصيدلانية التي أثبتت الجزائر فيها نجاحًا في التصدير نحو الأسواق الإفريقية.
وضرب مثالًا بالتحول إلى استيراد القهوة مباشرة من كوت ديفوار بدلًا من أسواق بعيدة، ما وفّر على الخزينة مبالغ معتبرة، وكذلك الأمر بالنسبة للموز.
وأكّد بوطالبي أنّ الجزائر قادرة على تصدير خدماتها الرّقمية، وخبرتها في التنقيب واستغلال النفط والغاز، من خلال “سوناطراك” التي توسّعت في عدة دول إفريقية، إضافة إلى شركات مثل “كوسيدار” القادرة على إنجاز مشاريع كبرى في البنية التحتية.
بوابة الفرص نحو إفريقيا
أما عن التمويلات، فأوضح أنها قد تصل إلى 100%، من 300 ألف دولار للمشاريع الناشئة إلى 30 مليون دولار للمشاريع الكبرى، ما يشكّل حافزًا قويًا للمتعاملين الجزائريّين لاقتناص أكبر حصة ممكنة من الاتفاقيات، وزيادة مداخيل العملة الصعبة.
وختم بوطالبي بدعوة جميع المتعاملين الاقتصاديّين للتواجد بقوة في هذا الحدث، الذي يمتد من 4 إلى 10 سبتمبر، ليكون أسبوعًا إفريقيًا بامتياز، ورسالة سلام تجعل من الجزائر عاصمة اقتصادية وشبابية للقارة، وبوابة للفرص، ومنصة للاستفادة من أحدث ما تقدّمه التكنولوجيا والتمويلات العالمية.