الصناعــة والفلاحـة..رهـــان الانتقال الاقتصادي ترفعه الكفاءات الوطنية
20 ألف مشروع استثماري في خمس سنوات..والأفـــق أوســـع..
أنجزت الجزائر، بقيادة رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، أرضيتها الاقتصادية الصلبة والمتوازنة مع أهداف تنموية كبرى تكرس وفق مقاربة التخطيط الحصيف، والطموح إلى بناء أقوى اقتصاد ناشئ في المنطقة، ورسمت – باحترافية عالية - خارطة طريق اقتصادية وضعت فيها جملة من المشاريع الكبرى والرائدة إقليميا وعالميا، في قطاعات متنوعة تتجاوز التعدين إلى الفلاحة والصناعة الغذائية والبنى التحتية.
هذا الخط الاستثماري ما يزال مفتوحا ليشمل المزيد من القطاعات ذات الجدوى والقيمة الاقتصادية العالية، بما فيها تطوير صناعة الدواء والذكاء الاصطناعي وإنتاج الطاقة النظيفة بعد تأمين الغذاء لافتكاك استقلالية تامة في قطاعات حساسة..
زخم تنموي ضخم، ونشاط اقتصادي جاد، ما زال يثير الإعجاب في أكثر بلد إفريقي جاذبية، يطلق مشاريع استثمارية ضخمة، فقد تحولت الأنظار إلى الجزائر بعد وثبة اقتصادية لافتة، خاصة في ظل ترقب احتضانها لحدث تجاري واقتصادي كبير، شهر سبتمبر الداخل، والمتمثل في معرض التجارة البينية الإفريقي..المحطة الفارقة المنتظر منها تحقيق المزيد من التقدم والازدهار، واستقطاب المزيد من الشراكات الهامة والفرص الجديدة القائمة، وما أكثرها في قارة كبيرة تتمتع بتعداد سكاني كثيف، ونمو ديمغرافي متزايد.
وتنسجم جهود التنمية في الجزائر المنتصرة، وتتوافق مع حركية سريعة تتناسب مع مقدرات أكبر بلد إفريقي يسابق الزمن لينجز بخطوات واثقة جملة من المشاريع الهامة المعول عليها في غضون سنوات قليلة بما يجسد الأجندة الاقتصادية المتمثلة في القفز بالجزائر إلى قائمة أهم الاقتصاديات الناشئة، ولعل الجديد في هذا المسار المسطر بتعليمات صارمة ورؤية حكيمة لرئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، أن الجزائر انطلقت بسلاسة واختارت شركاءها بحنكة، كي تخوض معركة البناء وفق تعليمات السيد الرئيس، مع الحرص على التقييم الدوري لتقدم المشاريع التي تحظى بمتابعة واهتمام السلطات العليا في البلاد، ولن تتوقف قاطرة البناء التنموي خاصة بعد أن اكتسب الاقتصاد الوطني ميزة الصمود والصلابة، مدعوما بقطاع النفط، وهو مفتاح التنويع والتطوير الاقتصادي، والمحفظة الاستراتيجية للثروة بفضل قوته وتطوره، بشكل جعل استثماراته الخارجية تحقق نجاحا كبيرا، ولعل الاستكشاف الأخير لمجمع سونطراك بليبيا سيرفع من رصيدها، ويفتح أمامها آفاقا جديدة لتوسيع الاستثمارات الخارجية.
مشاريــع تمتـد لأجيال قادمة
وتتصدر قطاعات مثل تنويع المزيج الطاقوي والتعدين والبنى التحتية، إلى جانب الغذاء، أجندة المرحلة الراهنة بالجزائر، وباعتبار أن هذه المشاريع الإستراتجية تعد سلسلة من مفاتيح التنمية المستدامة، مثلما تعدُّ علامة فارقة تحقق قفزة نوعية، بحكم أنها ستحول الجزائر إلى قوة اقتصادية محورية بالمنطقة، وترسخ تفوقها واستقلاليتها الاقتصادية، وتدعم مواقفها الثابتة على صعيد الساحة الدولية.
ومن أبرز مزايا تنوع مسار التنمية الاقتصادية في الجزائر، الانفتاح والتوسع على أنجع المشاريع الاقتصادية الكبرى، فعقب افتكاكها خلال العام الماضي لأكبر قيمة صفقات وعقود استثمارية تقارب 10 ملايير دولار، عززت من قدراتها الجاذبة، وتبوّأت موقعا مهما من حيث قوة الاستقطاب الاستثمارية، كما تعكف الجزائر المنتصرة على تبني سرعة التنفيذ لاستثمارات كبرى، منها ما انطلق بوتيرة عالية، ومنها ما يتأهب ليكون من أكبر مصادر ضخ الثروة في المنطقة.
جدير بالإشارة أن التنويع في المشاريع والشركاء، حقق غاياته الكبرى، فهناك مشاريع تنجزها شركات جزائرية، وأخرى يتم إنجازها عن طريق الشراكة الأجنبية القادرة على تحويل التكنولوجيا، ما يجعل الجزائر منصة تصدير هامة، سواء للطاقة على غرار شراكة سونطراك مع إيني الايطالية وسيبسا الاسبانية وإكسون موبيل الأمريكية، أو المنتجات الغذائية مثلما هي الحال في مشروع “بلدنا” مع الشريك القطري.
ويمثل معرض التجارة البينية المقرر أن تحتضنه الجزائر سبتمبر المقبل، منعرجا حاسما بالنسبة للمنظومة الاقتصادية الوطنية، بل نقطة مركزية للتحول البيني وإبرام عقود استثمارية لا تقل عن 44 مليار دولار مع دول القارة، فالجهود المتوالية ستسمح بتوطيد التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري البيني بين الدول الإفريقية، وهو تعاون يتأسس على مبدأ رابح –رابح، ما يسمح بأن ينال بفوائده جميع الشركاء.
وتتجاوز أهداف الجزائر من ورقتها الاستثمارية، إنجاز 20 ألف مشروع استثماري، بينها مشاريع رئيسية كبرى، وأخرى تقتحم بها حقول التكنولوجيات المتطورة، سواء من خلال الارتكاز على الابتكار المحلي أو تحويل التكنولوجيا في الذكاء الاصطناعي والميكانيك وتطوير آليات الإنتاج بشكل يتوافق مع المنافسة الخارجية، ويتوقع خبراء أن تبدأ القيمة المضافة والإنتاجية لهذه المشاريع المنتقاة بعناية كبيرة، خلال ثلاث سنوات على أقصى تقدير.
وتبقى مشاريع البنى التحتية، الاستثمارات الراسخة لمستقبل الأجيال في الجزائر، ومن الاستثمارات الإستراتجية بعيدة المدى، وتشمل مشاريع البنى التحتية التي تنجز على قدم وساق، وينتظر منها تحويل وجه الجزائر التنموي وربطها بالعالم الخارجي، سواء بالقارة السمراء عبر تحديث وتوسيع الموانئ وتشييد الطرق والسكك الحديدية، على غرار المشروع الذي يمتد من وهران إلى حدود الحدود الجزائرية، بقيمة أكثر من 2.2 مليار دولار، ومشروع خط السكة الحديدية الممتد من ولاية المنيعة إلى الحدود الجزائرية، بتكلفة 1.5 مليارات دولار، إلى جانب مشروع خط السكة الحديدية الممتد من ولاية أدرار إلى بشار بتكلفة 600 مليون دولار، إضافة إلى مشروع خط السكة الحديدية الممتد من حاسي مسعود إلى الحدود الليبية، بتكلفة 520 مليون دولار، وتنجزه الكفاءات الوطنية.
مشـروع الثروة العمــلاق
إن خصوصية الرهان التنموي الجزائري مبني على التنوع المستمر والاستقطاب المتواصل للمستثمرين الكبار في قطاعات حيوية، ولقد انطلقت أكبر المشاريع في الجنوب لتأمين الاكتفاء الذاتي من الغذاء الأساسي، حليبا ولحوما وقمحا وحبوبا مع الشريكين الإيطالي والقطري، وبالموازاة مع ذلك، تحرص الجزائر - من خلال منظومة العقار الاقتصادي - على تعبيد طريق الاستثمار بتجهيز 40 ألف هكتار، وتجهيز هذه المساحة الاقتصادية لنمو النشاطات ذات حركية إنتاجية، بما يسمح باستحداث بيئة استثمارية جذابة، ويسهّل مختلف إجراءات إصدار تراخيص المشاريع، إلى جانب توفير القروض لتمويل مشاريع متنوعة، سواء كانت صناعية أو زراعية، إلى جانب مشاريع أخرى في المجال التكنولوجي، بما يسمح بإطلاق نحو 20 ألف مشروع استثماري خلال خماسية واحدة.
ويوجد الاقتصاد الجزائري في رواق جيد، بما يسمح له بمسابقة الزمن من أجل التموقع ليكون الأكثر نموا بالمنطقة بفضل عدة معطيات، في ضوء سلسلة من الإنجازات، بما يؤكد أن تحقيق هدف الرفع من الناتج الداخلي الخام إلى سقف 400 مليار دولار، وأكثر من ذلك في المتناول، وتعززها العديد من المؤشرات، نذكر من أبرزها الانطلاق في استغلال ثروة الحديد بغارا جبيلات، أحد أكبر المناجم بالعالم، وهذا ما سيسمح مستقبلا بتطوير الصناعة الثقيلة وتوفير موارد مالية إضافية ضخمة، تعزز إيرادات النفط، إلى جانب النمو الكبير المرتقب في القطاع الزراعي، باعتبار أن لهذه القطاعات الأساسية قيمتها المضافة العالية بفضل صادراتها الضخمة وخطوطها الإنتاجية المندمجة في سلاسل القيمة المضافة.
ولا شك أن منجم غارا جبيلات سيرفع من صادرات الجزائر خارج قطاع النفط، ويشجع نمو قطاع البناء والأشغال العمومية والعديد من الصناعات بما فيها الصناعة الميكانيكية، وينبغي الإشارة إلى أن هذا المشروع العملاق سيفتح الآلاف من مناصب الشغل وتمتد ثروته الكبيرة إلى الأجيال القادمة.
ولا يعتمد الاقتصاد الوطني في طفرته القوية على قطاع التعدين وقدراته الهائلة في استخراج الحديد، بل يمتد إلى الذهب الأخضر الذي سيكون بدوره أحد الأعمدة للرقي، ورافدا تنمويا صلبا على المدى المتوسط، فاحتياطات الجزائر من الفوسفات كبيرة، وينتظر قريبا أن تقتحم أسواق صناعة الأسمدة من أجل تمويل قطاع الزراعة داخليا وتأمين هذه المادة الإستراتجية للأسواق الخارجية.