الخبير الاقتصادي عبد الرحمن هادف لـ “الشعب”:

الاستكشافات الجديدة تكفل للجزائر مكانة هامة في سوق الغاز العالمية

حوار: فضيلة بودريش

قنوات نقل الغاز بين الجزائر وأوروبا تعد من أهم المنشآت القاعدية في تصدير الطاقة

يتوقع الدكتور عبد الرحمن هادف، أن تتحول الجزائر في المرحلة المقبلة إلى ممون كبير للغاز وستعزز بفضل طاقاتها مكانتها الحالية كممون مهم وموثوق وآمن، معتبرا أن الاستكشافات الطاقوية الضخمة الأخيرة، من شأنها أن ترفع من قدراتها الإنتاجية ومن حجم مخزونها، كما استعرض الدكتور ما وصفه بـ«المؤشرات والدلائل” التي تعكس توفر مقومات ضخمة بالنسبة للمنتوجات الطاقوية من بترول وغاز في السنوات المقبلة، ووقف على جهود واستراتيجية الجزائر عبر مجمع سونطراك من أجل تنويع وتأمين مصادر الطاقة واكتساح الأسواق الخارجية.

 الشعب: حققت الجزائر أكبر اكتشافات غازية ونفطية في العالم خلال العام الجاري.. كيف سيعزز ذلك من موقعها في سوق الغاز العالمية؟
الدكتور عبد الرحمن هادف: يجب الإشارة أنه رغم السياق العالمي المتوتر وكذا تراجع الاستثمارات في مجال الطاقة إلا أن الجزائر من خلال مجمع سونطراك، ركزت على تدعيم نشاطات الاستكشاف والبحث في مجال النفط والغاز، مما سمح لها بالوصول إلى العديد من الاكتشافات في السنوات الأخيرة.
كما يمكن القول إنه خلال العام الماضي سجل أكثر من 15 اكتشافا في الغاز والبترول. وفي آخر بيان لمجمع سونطراك وخلال الثلاثي الأول من العام الجاري، تأكد تسجيل 3 اكتشافات جديدة مهمة في حوض بركين وحاسي مسعود وحاسي الرمل، وهذا يعد مؤشرا يعكس القدرات التي ما تزال موجودة على مستوى الحقول البترولية والغازية في الجزائر، المعروفة منها أو التي هي قيد الاستكشاف، مما يسمح للجزائر أن تبقى في المرحلة المقبلة لاعبا مهما تقوم بدور كبير في الخارطة الطاقوية على المستوى الإقليمي، وكذا المستوى العالمي كمورد آمن وموثوق، وفي نفس الوقت مورد بقدرات طبيعية كبيرة، مما سيسمح بإرساء استثمارات ويجلب الاستثمارات الأجنبية بشكل لافت. وفي هذا السياق، نشير إلى أنه حتى مجمع سونطراك سطر برنامجا متوسط المدى 2023 و2027، ومن خلاله رصد أكثر من 50 مليار دولار كاستثمارات وجزء كبير سيخصص لمجال الاستكشاف والإنتاج بمعدل 30 مليار دولار. وفي عام 2022، خصص 5.5 ملايير دولار لنشاطات الاستكشاف والإنتاج، وهذا كله عزز قدرات الشركة في الإنتاج وسمح لها بإعادة تعزيز المخزون المستكشف القابل للاستغلال، وهذا من بين الدلائل التي تعكس توفر مقومات ضخمة بالنسبة للمنتوجات الطاقوية من بترول وغاز في السنوات المقبلة.

دور محوري وكلمة مسموعة

-   ما هو الدور المرتقب أن تلعبه الجزائر في المرحلة المقبلة كممون موثوق وآمن للغاز وباحتياطي عالمي معتبر؟
في الحقيقة، ندرك أن السوق العالمية للمواد الغازية والنفطية لديها بعد جيوسياسي، وبالتالي من خلال كل ما تزخر به الجزائر من مقومات في المجال الطاقوي بكل أبعاده من طاقات أحفورية وبترول وغاز وطاقات متجددة، أعتقد أنه سيكون لها دور محوري على الخارطة الطاقوية العالمية، وستحتل مكانة فعالة، وكلمتها ستكون مسموعة، خاصة مع شركائها مثل الاتحاد الأوروبي، وكذا الشركاء الآخرين في آسيا وأمريكا الجنوبية، وبالتالي يمكن القول: اليوم يوجد تنويع في مصادر الطاقة المصدرة للأسواق العالمية عن طريق أنابيب الغاز العابرة للقارات بين إفريقيا وأوروبا، وفي الوقت الراهن يوجد كذلك تطوير لقدرات الغاز المسال الذي أصبح من ضمن سلسلة المنتوجات المصدرة إلى الوجهات البعيدة. وهنا أيضا، قام مجمع سونطراك باستثمارات كبرى في مجال النقل ومنشآت تمييع الغاز وتصديره بواسطة البواخر، هذا ما يعزز مكانته التموينية. زيادة على ذلك، المشاريع المبرمجة في إطار الطاقات المتجددة، وهذا أيضا سيسمح لسونطراك بلعب دور بارز، خاصة في عملية تصدير الطاقة الكهربائية والهيدروجين الأخضر الذي يمكن أن يصبح مستقبلا ضمن الموارد الأكثر استعمالا، وكأقصى تقدير خلال السنوات القليلة المقبلة.

نحو تصدير الهيدروجين الأخضر

-  ماهي قراءتكم لمشاريع أنابيب الغاز التي تربط الجزائر بالدول الأوروبية في ظل تعزيزها للرفع من تدفق الغاز الجزائري إلى أوروبا؟
قنوات نقل الغاز الموجودة بين الجزائر وأوروبا، تعتبر من أهم المنشآت القاعدية في تصدير المواد الطاقوية. علما أن الجزائر تحرص على تطوير هذه المنشآت، وحتى استغلال كل طاقاتها في هذا المجال وتوريد الطاقات التقليدية إلى أوروبا، وتوجد أيضا نية في تصدير الهيدروجين الأخضر، وهناك آفاق استحداث كوابل كهربائية عابرة للقارات لتوريد الطاقة الكهربائية إلى أوروبا، وكلها تعتبر منشآت تنافسية كبيرة بالنسبة للجزائر، خاصة مع الأسواق الجوارية، على غرار السوق الأوروبية، على خلفية أنها تعتبر سوقا جد مهمة. كما تعتبر هذه الأخيرة أن الجزائر من أهم الموردين في الطاقة الغازية. وزياردة على ذلك، المشروع الذي تعمل عليه الجزائر مع النيجر ونيجيريا، أي أنبوب الغاز العابر للصحراء، الذي أصبح اليوم من أهم المشاريع الهيكلية بالنسبة للقارة الإفريقية، وسيكون له دور كبير ويسمح لثلاث دول إفريقية وغيرها أن تستفيد من هذا المشروع الحيوي والهيكيلي، ومن شأن هذا المشروع كذلك أن يفتح أروقة اقتصادية بالنسبة لكل المنطقة، بل ويمكن نيجيريا من تسويق غازها إلى القارة الأوروبية، ويمنح النيجر استغلال مقومات الغاز والنفط التي كانت من قبل غير قادرة على استغلالها، وهذا لتعذر استغلالها المحاور التي تستطيع أن تخرج منها الغاز، وبالتالي هذا سيسمح باستخراج المواد الطاقوية على رأسها الغاز على مستوى النيجر. وفي كل هذا فإن الجزائر، قامت بإعادة بعث مشروع الطاقات المتجددة خاصة بالنسبة للهيدروجين الأخضر، وهذا سيساهم في تعزيز موقعها كمورد آمن ومهم بالنسبة لشركائها خاصة في القارة الأوروبية.
-  شهدت أسعار الغاز خلال السنوات الماضية ارتفاعا كبيرا.. كيف يمكن استغلال ذلك في تعميق الاستثمارات وتوسيع نطاق اقتحام الأسواق؟
بالنسبة للأسعار، يجب التأكيد، أن الأسعار في الأسواق العالية في الوقت الحالي غير مستقرة، كونها تشهد تذبذبا كبيرا. وفي مجال الغاز يوجد نوعا ما بعض الاستقرار، والجزائر منذ مدة كانت تطالب بإعادة النظر في أسعار الغاز والتي عرفت تسقيفا منذ عدة سنوات. وفي العام الماضي، تسنى للجزائر استغلال الفرصة لإعادة تسعير الغاز حسب تغيرات السوق، وهذا سمح بارتفاع مداخيل الغاز المصدر، ويمكن أن تستفيد الجزائر من مداخيل إضافية لتجسيد مشاريع استثمارية خاصة في مجال الاستكشاف والإنتاج، وهذا يسمح بتجديد المخزون وتأمين مصادر الطاقة وتوسيع المخزون للاستغلال الداخلي وحتى للتصدير، ومن خلال هذه المداخيل الإضافية يمكن أن تجسد الجزائر مشاريع تنموية وخلق القيمة المضافة مثل إنتاج الأسمدة من الموارد الطاقوية وتكون ضمن المنتجات المصدرة في السنوات المقبلة.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024