طباعة هذه الصفحة

رئيس الجمعية الجزائرية للسياحة والثقافة..زهير معوش لـ «الشعب»:

الموسم السياحي..العملاق الجزائـري يستعيد عافيتــه

هيام لعيون

خدمات عاليـة المستوى بمعايير عالمية تستقطب الزائرين

يشهد الموسم السياحي في الجزائر صيف 2025 حركية ملحوظة تعكس تداخلاً بين عدة عوامل، حيث الإصلاحات الاقتصادية المتبعة في السنوات الأخيرة وتشجيع الاستثمار في القطاع الفندقي في تحسين البنية التحتية السياحية، من خلال افتتاح فنادق جديدة وتطوير الخدمات بما يواكب المعايير الحديثة.

أكد المشهد السياحي لهذا الصيف طموح الجزائر في تعزيز مكانتها كوجهة مفضلة، ولعب قرار بمنح دعم مالي قدره 750 يورو للمسافرين نحو الخارج دورا مباشرا في توجيه اختيارات السيّاح، ما جعل الموسم الحالي يعد من أكثر المواسم تفاعلا وإثارة للنقاش حول واقع السياحة الجزائرية وآفاقها المستقبلية، وهذا مع إعطاء بنك الجزائر الضوء الأخضر لصرف المنحة السياحية السنوية المقدرة بـ 750 يورو للمواطنين المسافرين إلى الخارج، بعد قرار رئيس الجمهورية رفعها بعدما كانت هذه المنحة منخفضة كثيرا تسيء لسمعة البلد منذ إقرارها خلال سنوات تسعينات القرن الماضي، ما فتح شهية العائلات الجزائرية التي حزمت أمتعتها للسفر للخارج مستفيدة من هذا القرار التاريخي.

إقبال مميز من الجالية الجزائرية

يبدو أن صيف 2025 شكل منعطفا جديدا في مسار السياحة الجزائرية، بين إقبال الجالية العائدة من الخارج، وظهور فنادق جديدة بخدمات متطورة، مقابل تحديات الأسعار التي دفعت عائلات كثيرة نحو وجهات منافسة. غير أن الرهان الأكبر يبقى في قدرة الجزائر على تحقيق التوازن بين جودة الخدمات وتنافسية الأسعار، بما يجعلها وجهة جاذبة لا فقط للجالية وإنما أيضا للسياح الأجانب.
في الموضوع، أكد رئيس الجمعية الجزائرية للسياحة والثقافة والتنمية المستدامة زهير معوش لـ»الشعب»، أن الموسم السياحي لصيف 2025 تميز بإقبال واسع للجالية الجزائرية المقيمة في الخارج، والتي اختارت الجزائر كوجهة مفضلة لقضاء عطلتها الصيفية.
وأشار إلى أن جديد هذا الموسم تميز بافتتاح عدد من الفنادق الجديدة خلال السنوات الأخيرة، والتي باتت تقدم خدمات عالية المستوى توازي المعايير العالمية، ما جعل مستوى الخدمات يتحسن بشكل ملحوظ، وهذا ما تم تسجيله.
وأضاف معوش أن الموسم شهد دخول عدة فنادق جديدة الخدمة خاصة في ولايات وهران، مستغانم، جيجل، سكيكدة وتيبازة، وهو ما ساهم في تنويع العرض السياحي. أما الوجهات الأكثر طلبا من السياح فكانت مشابهة للعام الماضي، إذ حافظت ولايات جيجل، سكيكدة، وهران، مستغانم وعين تيموشنت على جاذبيتها، في حين برزت ولاية بجاية هذا العام كإحدى أهم الوجهات السياحية الداخلية.

فأل خير

وفي ذات السياق، أوضح معوش أن منحة 750 يورو جاءت في توقيت مناسب، إذ صادفت موسم العطلة الصيفية للأبناء والموظفين، ما جعلها فأل خير على آلاف العائلات الجزائرية. ورغم أن الإجراءات الإدارية كانت في بدايتها معقدة بعض الشيء، إلا أنها سرعان ما أصبحت مبسطة، وهو ما سمح لكل المواطنين بالاستفادة منها تقريبا.
وأوضح رئيس الجمعية الجزائرية للسياحة والثقافة والتنمية المستدامة أن الفنادق عرفت هذا العام إقبالا غير مسبوق.
ولم يخف رئيس الجمعية الجزائرية للسياحة والثقافة والتنمية المستدامة بعض الممارسات غير الأخلاقية في السوق، حيث وجه نداء للعائلات بضرورة المقارنة بين أسعار الوكالات السياحية قبل الحجز، محذرا من بعض الممارسات التي تستغل منحة 750 يورو لتسويق برامج لا ترقى إلى القيمة المالية التي يدفعها الزبون، لذلك ينصح العائلات بأن تقوم بمقارنة دقيقة بين عروض الوكالات، داعيا إلى الحذر حتى لا تضيع حقوق المسافرين والاستمتاع بالعطلة الصيفية.
وكانت وزارة السياحة قد أعلنت مؤخراً أن الجزائر استقبلت خلال سنة 2024 ما يقارب 3.5 مليون سائح، من بينهم حوالي 2.5 مليون زائر أجنبي، إلى جانب ما يقارب مليون فرد من الجالية الوطنية المقيمة بالخارج. ويُنتظر أن يقفز هذا الرقم إلى نحو 4 ملايين سائح مع نهاية سنة 2025، وهو ما يعكس الديناميكية الجديدة التي يشهدها القطاع السياحي في البلاد.
هذا التطور اللافت هو ثمرة الإصلاحات الاقتصادية والتشجيع على الاستثمار في البنية التحتية الفندقية، حيث تم، خلال السنوات الأخيرة، فتح العديد من الفنادق والمنتجعات الحديثة، فضلاً عن تحسين الخدمات وتطوير المرافق التي باتت تواكب المعايير الدولية.
كما أن الجزائر، بما تملكه من مقومات طبيعية استثنائية تتنوع بين الشواطئ الممتدة على أكثر من 1200 كلم من السواحل، والجنوب الكبير بمشاهده الأخّاذة، والمناطق الجبلية والغابية الغنية بالتنوع البيئي، أصبحت أكثر قدرة على استقطاب أنماط مختلفة من السياحة، سواء كانت ترفيهية، ثقافية أو بيئية.
من جهة أخرى، ساهم الإقبال المتزايد للجالية الجزائرية المقيمة بالخارج على قضاء عطلتها في الوطن في تعزيز أرقام السياحة، حيث يجد أفرادها في الجزائر فضاءً يجمع بين متعة السياحة والحنين إلى الجذور. كما أن تحسن البنية التحتية والخدمات، إلى جانب القرارات الحكومية مثل رفع قيمة المنحة السياحية، أسهم في تنشيط الحركة السياحية الداخلية والخارجية على حد سواء.
ويُرتقب أن يشكل بلوغ سقف 4 ملايين سائح مع نهاية سنة 2025 محطة مفصلية في مسار تطوير السياحة الجزائرية، ليس فقط من حيث الأرقام، بل من حيث الرؤية الإستراتيجية التي تسعى الدولة لترسيخها في جعل السياحة قطاعاً منتجاً ومتكاملاً مع باقي القطاعات الاقتصادية.  إن هذا النمو في عدد الوافدين من شأنه أن يجعل من السياحة مورداً إضافياً يرفد الاقتصاد الوطني إلى جانب المحروقات، ويدعم جهود الدولة في تحقيق تنويع اقتصادي حقيقي.
 كما أنه سيوفر قاعدة واسعة لخلق مناصب شغل جديدة لفئة الشباب، سواء بشكل مباشر في المؤسسات الفندقية والوكالات السياحية، أو بشكل غير مباشر في مجالات النقل، الصناعات التقليدية، والخدمات المرتبطة بالقطاع.
وبذلك تتحول السياحة إلى رافعة اقتصادية واجتماعية، تساهم في تحقيق التنمية المحلية عبر إنعاش المدن الساحلية والداخلية على حد سواء، وتدفع بالجزائر إلى تكريس موقعها كإحدى أبرز الوجهات السياحية الصاعدة في إفريقيا والمنطقة المتوسطية.