تثمين الإمكانات المتوفرة في مختلف الأقاليم القاريّة
يرى رئيس المنظمة الوطنية للتنمية الاقتصادية، نصر الدين منير روبعي، أنّ معرض التجارة البينية الإفريقي 2025، فرصة تاريخية لترسيخ دور الجزائر كلاعب أساسي في دفع عجلة التكامل القاري، وتعزيز حضورها في المشهد الاقتصادي الإقليمي، والمساهمة في بناء إفريقيا متكاملة وقادرة على استثمار ثرواتها الهائلة لصالح شعوبها.
اعتبر روبعي، في تصريح خصّ به «الشّعب»، أنّ المعرض البيني الإفريقي المقرّر تنظيمه من 4 إلى 10 سبتمبر الجاري بالجزائر العاصمة، حدثٌ اقتصاديٌ ضخمٌ، من شأنه فتح آفاق واسعة للتكامل الاقتصادي بين دول القارة السّمراء في إطار منطقة التجارة الحرة الإفريقية، إذ يأتي في ظرف جيو-سياسي عالمي حسّاس يتطلّب مضاعفة الجهود لتعزيز شراكات جنوب-جنوب، وجذب الاستثمارات، وتوسيع مجالات التعاون، بما يسمح بتحريك عجلة التنمية المستدامة وتثمين الإمكانات المتوفرة في مختلف الأقاليم الإفريقية الغنية بالموارد الطبيعية.
أوضح روبعي أنّ النسخ السابقة من المعرض أكّدت أهميته البالغة، إذ شهدت مشاركة تفوق 70 ألف زائر، و4,500 عارض من أكثر من 130 دولة، مع تحقيق صفقات تجارية واستثمارية تجاوزت قيمتها 100 مليار دولار، مشيرًا أنّ هذه الأرقام تعكس حجم الثقة التي باتت توليها المؤسّسات الاقتصادية الإفريقية والدولية لهذه المنصة، التي تحولت من مجرّد فضاء للعرض إلى سوق متكامل يتيح فرصاً كبيرة لإبرام اتفاقيات وتطوير مشاريع مشتركة.
أما دورة الجزائر الرابعة، فيُرتقب أن تجذب أكثر من 35 ألف زائر و2000 عارض من مختلف القطاعات، مع توقّعات بصفقات واستثمارات تناهز 44 مليار دولار، ما يجعلها محطة اقتصادية استثنائية على مستوى القارة الإفريقية، بحسب قوله.
وتابع نصر الدين: «اختيار الجزائر لاحتضان هذا الحدث لم يكن صدفة، بل جاء نتيجة لموقعها الاستراتيجي كبوابة طبيعية بين شمال القارة وعمقها الجنوبي، واعتبارها طرفاً أساسياً في مشاريع البنية التحتية الكبرى، مثل الطريق العابر للصّحراء وخط أنبوب الغاز الصّحراوي مع نيجيريا، إضافة إلى شبكة الألياف الضوئية التي تعزّز الترابط القاري. كما تسعى الجزائر من خلال هذه الاستضافة، إلى إبراز إرادتها السياسية والاقتصادية في لعب دور محوري لدفع التجارة البينية، التي لا تزال نسبتها لا تتجاوز 15% من إجمالي المبادلات التجارية الإفريقية، مقارنة بما يفوق 60% داخل التكتلات الاقتصادية الأخرى في العالم».من خلال المؤشّرات الاقتصادية الإيجابية الأخيرة، مثلما أضاف روبعي، تؤكّد الجزائر أنها بدأت تحقّق تقدّماً تدريجياً في شتى القطاعات، وارتفعت حصتها من التجارة البينية الإفريقية من 1,9% سنة 2022 إلى 2,2% سنة 2024، فيما شكّلت الصادرات النفطية والمعدنية نحو 91,5 % من إجمالي صادراتها إلى القارة.
أما أبرز الشركاء الأفارقة في التصدير، فقد تصدّرتهم تونس بنسبة 70,7%، تليها جنوب إفريقيا 6,7%، كوت ديفوار 3,6%، نيجيريا 3,1% والسنغال 2,7%، وعلى صعيد الواردات فقد جاءت موريتانيا في المقدمة بنسبة 38,8%، ثم تونس بـ 32,7%، ساحل العاج بـ 9%، وأوغندا بـ 2,2%، حيث تكشف هذه الأرقام أنّ الجزائر تمتلك هامشاً واسعاً لتنويع مبادلاتها التجارية وتعزيز حضورها في أسواق جديدة داخل القارة السّمراء، وفقًا للمصدر ذاته.
النجاح الباهر المتوقّع لهذا المعرض الكبير، يعكس حرص الجزائر الدؤوب على توفير الظروف المناسبة لرجال الأعمال والمستثمرين الأفارقة والدوليّين، من خلال تهيئة بيئة استثمارية أكثر جاذبية قائمة على تسهيل الإجراءات الإدارية، وتحسين مناخ الأعمال، وترقية النظام البنكي، وتطوير الكفاءات البشرية، وهو ما ولّد قناعة راسخة بأنّ التكامل الاقتصادي يمكن أن يتحقّق عبر مبادرات ملموسة، وتوفير منصات للتلاقي وتبادل الخبرات التكنولوجية والمعلومات، وتجاوز الفجوة المعرفية التي طالما أعاقت النمو الإفريقي، يذكر رئيس المنظمة الوطنية للتنمية الاقتصادية، روبعي نصر الدين منير.
للإشارة، تنطلق الطبعة الرابعة للمعرض الإفريقي للتجارة البينية 2025، يوم غدٍ الخميس، في الجزائر العاصمة، وسط آمال بتحويله إلى منصة حقيقية لتنشيط المبادلات التجارية، واستقطاب الاستثمارات والمشاريع الاقتصادية في مختلف القطاعات، وتقوية الإندماج والتكامل القاري، إذ سيعرف مشاركة أكثر من 2000 عارض من 75 بلدًا، و35,000 زائرًا مهنيًا منتظرًا، إلى جانب عقد اتفاقيات استثمارية اقتصادية من المتوقّع أن تفوق 44 مليار دولار أمريكي.