يحمل معرض التجارة الإفريقية البينية في طبعته الرابعة أهمية مزدوجة، رمزية واستراتيجية، تنعكس مباشرة على الاقتصاد الجزائري، فهو يشكل للشركات الإفريقية منصة واعدة للتعاون، وفي الوقت ذاته، يمنح الجزائر ثقلاً سياسياً واقتصادياً ودبلوماسياً، بفضل ما تملكه من احتياطيات طاقوية وصناعية تؤهلها لتكون قاعدة حقيقية للتكامل الاقتصادي الإفريقي، حسب الخبير الاقتصادي نبيل جمعة.
وأوضح جمعة في تصريح لـ»الشعب»، أن الجزائر تمثل اليوم مركزا محوريا للتجارة الإفريقية بفضل موقعها الجغرافي الاستراتيجي الذي يربط البحر الأبيض المتوسط بعمق القارة الإفريقية عبر شبكة طرق وسكك حديدية في طور الإنجاز، ويرى أن هذا المعرض يعزز صورة الجزائر كمنصة عبور رئيسية، ويمنحها فرصة عملية لتكريس هذا الدور.
ويؤكد الخبير أن طبعة 2025 من المعرض تمثل فرصة ثمينة لتسويق المنتجات الجزائرية، سواء كانت زراعية وغذائية أو صناعية ناشئة، في أسواق إفريقية واعدة، بدلاً من الارتهان للسوق الأوروبية وحدها. كما يشكل المعرض – يقول جمعة - اختباراً عملياً لقدرة الجزائر على تفعيل اتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية (زليكاف) التي ما تزال تواجه تحديات على مستوى التطبيق.
ومن بين أبرز الإيجابيات التي يتيحها هذا الفضاء الاقتصادي، حسب جمعة، أنه يفتح أمام الجزائر أبواب أسواق قارة يفوق عدد سكانها 1.4 مليار نسمة، في إطار مسعى الدولة لتنويع صادراتها خارج المحروقات وزيادة احتياطي العملة الصعبة. كما يوفر فرصة لجذب استثمارات إفريقية ودولية، إذ يرى العديد من الشركاء في الجزائر نقطة انطلاق مثالية لإنتاج وتوزيع منتجاتهم من شمال إفريقيا نحو أوروبا.
أما بخصوص واقع المبادلات التجارية بين الجزائر والدول الإفريقية، فيعتبر الخبير أنها تحتاج إلى دعم أكبر في مجالات النقل اللوجستيكي والتخزين، إضافة إلى تطوير المنظومة البنكية وشركات التأمين، بما يخلق وظائف مباشرة وغير مباشرة، ويحسن البنية التحتية اللازمة لتسهيل التجارة. ويشدد جمعة على أن المعرض لا يُختزل في كونه تظاهرة اقتصادية، بل يمثل ركيزة أساسية في استراتيجية الجزائر للتحرر من التبعية للأسواق الأوروبية.
ويرى جمعة أن القطاعات الأكثر قابلية للانفتاح على الأسواق الإفريقية هي الصناعات الغذائية والتحويلية، بالنظر إلى تزايد الطلب الإفريقي بفعل النمو الديمغرافي المرتفع، وتملك الجزائر فائضاً في بعض المنتجات، مثل الزيوت النباتية، فضلاً عن المشتقات البترولية والمواد البتروكيماوية كالأسمدة والبلاستيك، إضافة إلى الطاقات المتجددة والتجهيزات الكهربائية.
ويضيف جمعة أن الشركاء الأفارقة ينظرون إلى الجزائر باعتبارها قوة سياسية ودبلوماسية معتبرة، ويرغبون في أن يتحول هذا الثقل إلى وزن اقتصادي فاعل. كما يرونها سوقاً مهمة بفضل قدرتها الشرائية الكبيرة التي تفوق 450 مليون مستهلك، وبلداً غنياً بموارده الطاقوية والصناعية، ما يجعله مؤهلاً لتشكيل قاعدة تكامل اقتصادي قاري.