طباعة هذه الصفحة

إغراق الأسواق الموازية بمواد غذائية منتهية الصلاحية

الأسعار تحررت.. فأين الرقابة على الجودة والنوعية؟

فضيلة/ب

فدرالية حماية المستهلك تحمل المنتجين والمستوردين المسؤولية
تعرف الأسواق الموازية بين فترة وأخرى، الإغراق بمواد غذائية انتهت صلاحيتها، وتسوّق بأسعار مغرية تستقطب شريحة واسعة من المواطنين، خاصة من ذوي الدخل الهش والمتوسط، حيث لا يأبه الكثير من المستهلكين بالتأكد من تاريخ انتهاء الصلاحية في ظل غياب الوعي بمخاطر عواقب الإقبال على مثل تلك المواد التي تفرش على الأرصفة والطرقات دون الانتباه إلى عدم توفرها على شروط الحفظ الصحية، ومن بين تلك الأسواق نذكر السوق الموازية لـ»بومعطي» الكائنة بالحراش التي سوقت خلال الأسبوع الفارط حلويات من نوع «الشمينغوم» من النوع الفاخر المستورد وشكولاطة للأطفال ومشروبات بأسعار جد منخفضة تثير الكثير من الاستفهامات ولدى تفحصها تبّين أنه لم يبق سوى يومين وترمى مع النفايات.

يمكن وصفها بالسّموم، أو مواد خطيرة يمكنها أن ترشح كل من يستهلكها للإصابة بتسممات أوفيما بعد ـ أي على المدى الطويل ـ بأمراض خطيرة على غرار قروحات في المعدة قد تتطور مستقبلا إلى سرطان في المعدة، إنها مواد استهلاكية تعرض بأسواقنا الموازية وتفترش على مساحات واسعة ـ للأسف ـ من الأرصفة. رصدت «الشعب» جانبا من الظاهرة التي تعكس عدم فعالية الرقابة في سوق «بومعطي» الذي يحتل فيه الباعة الفوضويون مساحات شاسعة، ويعرضون مختلف السلع والمنتجات المستوردة والمحلية، والمثير للانتباه أنهم يواكبون المناسبات والفصول، حيث تزامنا مع الدخول المدرسي تعرض الأدوات المدرسية والمآزر بشكل لافت. أما في شهر رمضان، فالحظ الوافر للأواني والتوابل والخضر والفواكه ومختلف المواد الغذائية، ثم عشية الأعياد العرض يتناسب مع هذه المناسبة، وفي كل مرة تجد مواد غذائية انتهت صلاحيتها أو لم يتبق من تاريخ تسويقها إلا أيام قليلة أو أسبوع، على سبيل المثال، وقفنا على بيع حلويات مستوردة بسعر مغري ، فـ»الشوينغوم» الذي يعرض في المحلات التجارية بسعر50 دينارا لا يسوق إلا بـ 10 دنانير للعلبة، بينما حلويات أخرى موجهة للصغار والكبار بدل سعرها الحقيقي الذي لا يقل عن 40 دينارا، في حين «شكولاطة» مخصصة للأطفال تباع في هذه السوق الموازية بـ15 دينارا بدل 30 دينارا، وبدرجة أخطر المشروبات تعرض تحت لفح الحرارة،  فنجد علبة كرتونية من الحجم الصغير سعرها 20 دينارا بدل 30 دينارا، والأخطر في كل ذلك، وجود إقبال متفاوت للمستهلكين على إقتناء هذه المواد.

شاحنات مواد البناء تنقل المواد الغذائية
اعتبر الحاج الطاهر بولنوار، الناطق الرسمي باسم الاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين، أن ظاهرة تسويق مواد انتهت صلاحيتها أو لم يبق لها سوى أيام محدودة عبر مختلف الأسواق الموازية، لا يقتصر على الحلويات والمشروبات، بل يتعداه أحيانا إلى العديد من المواد الغذائية. وحذر بولنوار في سياق متصل، من العديد من المواد الاستهلاكية التي تنتهي صلاحيتها قبل استغراقها للمدة المحددة أي قبل الوقت، كونها لا تخضع للشروط الصحية والقانونية للحفظ، مشيرا إلى تكرر ظاهرة نقل المواد الغذائية في شاحنات نقل مواد البناء أو أخرى غير مواتية لحفظ هذه الأخيرة على غرار المشروبات و الزبدة والأجبان والشكولاطة، وما إلى غير ذلك. ويعتقد ذات المتحدث، أن الرقابة على هذا النوع الخطر من المواد على صحة المستهلك، لا يجب أن تبدأ من طاولات الباعة، بل من المستورد والمنتج، وتأسف لوجود الكثير من المواد الغذائية في أسواق الجملة لهذه الأخيرة تسوق دون المرور على الرقابة التجارية والصحية، ودعا بولنوار إلى ضرورة أن تنطلق وزارة التجارة في حملتها التطهيرية المتمثلة في الرقابة على الجودة وحماية النوعية من الموانئ وتتدخل على مستوى شبكات التوزيع إذا ارتابت من أن بعض المواد قد تضر بصحة المستهلك. وانتقد الناطق الرسمي باسم الاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين بعض الموزعين الذين يلجأون إلى الاستعانة بالباعة الصغار الفوضويين لتسويق مواد تالفة بدل التخلص منها في النفايات، وأكد في نفس المقام على ضرورة تدخل مصالح السلطات المحلية في هذه الحالة ، وضرب مثالا على تفشي الظاهرة بلجوء العديد من الباعة في السوق الموازية إلى غزو مداخل سوق المواشي بـ»الحراش» لعرض شكولاطة مستوردة بأسعار جد مغرية والسبب أنها انتهت أو تقترب من نهاية صلاحيتها. لكن من المفروض أن التاجر يضع الشكولاطة في أجهزة التبريد ويتأكد من صلاحية المواد التي يقتنيها من عند تاجر الجملة أو الموزع وكذلك المستهلك معني بالحذر ومطالب بتفحص تاريخ صلاحية ما يستهلك ويتجنب الشراء من السوق الموازية.

للمتسهلك أن يحمي نفسه..
من جهته زكي حريز رئيس الجمعية الجزائرية لحماية المستهلك حمل المنتجين والمستوردين مسؤولية تسويق مواد خطرة على صحة المستهلك بعد أن انتهت صلاحيتها أو اقتربت من ذلك، حيث أن بعض المنتجين والمستوردين لما تعرف بعض منتجاتهم كسادا وللتخلص منها قبل أن تتلف بفترة قصيرة، يمنحونها بأسعار زهيدة للتجار غير الرسميين، حتى لا يجدوا من يحاسبهم من أعوان الرقابة، لذا قال حريز أن المسؤولية المدنية والجنائية ملقاة على عاتقهم، وأشار أنه من المفروض أن تفرض وزارة التجارة العقوبة على المسؤول الحقيقي عن تمويل السوق بهذه المواد السامة التي تستقر كما هو متعود عليه في السوق الموازية بهذه الطرية والتاجر الفوضوي لم يسرقها، وبدرجة ثانية يرى حريز أن المسؤولية يتحملها المستهلك ووصفه بخط دفاع أول لحماية نفسه بنفسه حتى يتجنب المصاريف الخفية التي قد تنجم عن تدهور صحته وقد يستحيل استرجاعها بعد العلاج، واعتبر رئيس الفدرالية الوطنية لحماية المستهلك أنه حان الوقت لتجند الجميع من جمعيات ووسائل إعلام والسلطات العمومية وما إلى غير ذلك حتى يتم ترسيخ الوعي على نطاق واسع كون عمليات التحسيس السابقة والحملات التوعوية لم تكف ومازالت ظاهرة الاقتناء من السوق الموازية دون التأكد من تاريخ الإنتاج وانتهاء صلاحية الاستهلاك منتشرة.