طباعة هذه الصفحة

في ظـل تراجـع مخـزون النفط الأمريكي

تذبذب أسعار البرميل هل يدفع كبار المنتجين لتبنّي خيار التجميد؟

فضيلة بودريش

شهدت أسعار برميل النفط خلال شهري جويلية وأوت تذبذبا محسوسا، متأرجحة ما بين الصعود أحيانا والتراجع، وإن كان طفيفا، أحيانا أخرى. لكن معدل سعر البرميل بقي يتراوح ما بين 40 و50 دولارا ورغم تماسكه المحتشم الذي لم يتعدى 52 دولارا في الآونة الأخيرة، إلا أنه بات من الصعب التوقع بالسقف الذي سوف يستقر عليه، على الأقل خلال الأشهر القليلة المقبلة، في ظل وجود عدة معطيات بإمكانها أن تطفوَ في أي لحظة، لتغير معادلة العرض والطلب وتضغط على الأسعار كيفما شاءت، من بينها زيادة الاحتياطي الأمريكي وتوسع رقعة حفر الزيوت الصخرية وترقب عودة إيران والعراق بقوة إلى السوق وإن كان ذلك بشكل تدريجي، وكذا تراجع نمو الاقتصاد العالمي خاصة الصيني منه.
مازال أعضاء منظمة “أوبيب” لم يتوصلوا بعد إلى طرح نهائي، من شأنه أن يسرع بتصحيح معادلة الأسعار، يتصدرها تثبيت الإنتاج عند شهر جانفي كخطوة أولية ينتظر منها أن تسمح بانتعاش الأسعار ووضع حدّ لاختلالات السوق البترولية. وتوجد أمام الدول المنتجة لهذه الثروة السوداء، فرصة أخرى من أجل اللقاء للتباحث وفتح نقاش معمق للتخفيف من حدة أزمة الأسعار، التي كادت، خلال الأشهر الماضية، أن يشارف سعر البرميل تكلفة الإنتاج.
وإن كانت المحادثات غير الرسمية التي سوف تجري بالجزائر على هامش المنتدى الدولي للطاقة، المقرر عقده خلال الأسبوع الأخير من شهر سبتمبر الداخل، ينتظر منها الكثير، خاصة على صعيد بناء توافق داخل المنظمة وتقريب وجهات النظر وجعلها تصبّ في إعادة الاعتبار للأسعار وقبل ذلك الحسم النهائي في تثبيت الإنتاج عند مستوى شهر جانفي الماضي، من أجل امتصاص تخمة المادة المعروضة.
بما أن الجزائر، التي سيعقد هذا اللقاء المصيري على أرضها، لديها عنصر إجماع من طرف الدول العضو بـ “أوبيب” ولعل رصيدها والتزامها داخل “أوبيب” واحترامها لقرارات المنظمة وعلاقاتها المفتوحة مع أغلب الدول، من شأنه أن يكون عاملا يساهم في بلورة اتفاق يخفف من حدة أزمة الأسعار والمنحى المتذبذب للسوق، وحتى لا تبقى الأسواق عرضة للغموض الذي يكتنفه الوضع، في ظل وجود أطراف مستفيدة، من بينها بعض الشركات متعددة الجنسيات وبعض الدول التابعة لها. ويجب أن نأخذ بعين الاعتبار أن آخر لقاء لوزراء “أوبيب”، المنعقد شهر جوان، لم يتبلور فيه أيّ اتفاق عن الاجتماع، لتبني سقف جديد وبقيت مسألة الإنتاج من دون قيود مهيمنة وسيدة الموقف.
بالموازاة مع ذلك، يمكن الوقوف على آخر تصريح لرئيس منظمة “أوبب” في بيان له على “الأنترنيت”، حيث اعتبر أن عقد محادثات غير رسمية في المنتدى العالمي للطاقة، الشهر المقبل، بالجزائر، من شأنه أن يفتح النقاش حول السبل المتاحة، بهدف تحقيق الاستقرار في السوق، في ظل التراجع الذي وصفه بالمؤقت في أسعار المحروقات، متوقعا في نفس المقام أن يسجل ارتفاعا في الطلب على النفط الخام خلال الربعين الثالث والرابع من العام الجاري، بالإضافة إلى التراجع الفعلي في المعروض النفطي عبر الأسواق، لذا ينتظر أن تستعيد أسعار النفط تماسكها وتتخذ منحى تصاعديا، خلال الفصل الأخير من عام 2016.
يذكر، أن آخر البيانات التي كشف عنها بخصوص الطاقة الأمريكية، تسلط الضوء على تراجع مخزونات النفط الخام الأمريكية إلى أدنى مستوى لها في أكثر من خمسة أسابيع، أي خلال الأسبوع الثاني من شهر أوت، بل وانخفضت بالموازاة مع ذلك مخزونات الوقود، فهل بإمكان هذه العوامل كلها أن تنهي التجاذبات وتحفز كبار المنتجين على الاتفاق على تجميد الإنتاج عند مستوى معقول يخدم الجميع؟