طباعة هذه الصفحة

التوّجهات الجديدة للصناعة

فعالية الجهاز الإنتاجي وترشيد الموارد

سعيد بن عياد

تتّجه الصناعة الوطنية إلى مرحلة جديدة، من خلال إعادة صياغة توجهات القطاع، انسجاما مع برنامج التنمية الذي يحمله مخطط الحكومة، وفقا لمتطلبات الأنموذج الجديد للنمو القائم على إعطاء فعالية للجهاز الإنتاجي وترشيد للموارد المختلفة خاصة المالية منها.
برزت معالم النمط الصناعي المرتقب بعد أن سجل وزير القطاع فترة توقف للتشخيص والمعاينة، ثم الشروع في تجسيد ورقة الطريق بدءًا من شعبة تركيب السيارات والميكانيكا التي يدفع بها إلى التحول من مرحلة الجمع إلى إنتاج في بعض الجوانب عن طريق ترقية دفتر الشروط ليستوعب أكثر الأهداف المسطرة.
 يتعلق الأمر هنا بتوسيع نطاق الاندماج الصناعي المحلي في المدى القريب ووضع التصدير هدفا حيويا للمشاريع الصناعية في المدى المتوسط مع دخول الشريك الأجنبي في رأسمال المشاريع القائمة على الشراكة. من شأن هذه الشروط التي ترمي إلى حماية حقوق الاقتصاد مقابل منح السوق والمرافقة بمختلف الأشكال أن تحدث فرزا بين المتعاملين الذين لديهم قناعة شراكة إنتاجية ومن يتسترون وراء استثمار وهمي لا يتعدى إطار التسويق.
 بخصوص الصناعة الثقيلة خاصة في إنتاج الحديد والصلب يجري اعتماد مقاربة واقعية يساهم الشركاء خاصة الاجتماعيين في تنميتها لتكون معبرا إلى النمو واستغلال إلى أقصى حد للموارد والإمكانيات المحلية، بما يستجيب لاحتياجات السوق التي تعرف ازدهارا خاصة في قطاعات البناء والميكانيكا والأشغال العمومية ومختلف أنشطة التحويل بما فيها المرتبطة بقطاع الفلاحة خاصة.
 نفس الاهتمام يولى للمناجم (مثل الفوسفات) التي لا تزال متأخرة عن الركب وقد يكون اللجوء إلى الشراكة مع القطاع الخاص الوطني المنطلق للنهوض بهذا الفرع، فيما ينتظر ان تحقق الصناعة التحويلية في قطاع المواد الغذائية ديناميكية عن طريق المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي توفر لها مساحة عريضة في المشهد الاستثماري خاصة في الجنوب والهضاب العليا حيث الرهان والتحدي الاكبر.
 من اجل نجاعة أكثر لم يعد مجالا للبقاء رهينة مكلفات تجاوزتها الحقائق مثل العقار الصناعي الذي لم يعد عائقا أمام المشاريع الجادة وذات الجدوى، حيث تخضع المناطق الصناعية الحالية إلى معالجة مندمجة وفقا لمعيار ترشيد الفضاءات باستغلالها أكثر وحوكمة التمويلات البنكية التي يجب أن تذهب إلى مشاريع تنتج الثروة وتستجيب لمتطلبات المرحلة، مثل إنتاج سلع تستورد أو مواد تصدّر.
 تقف الصناعة اليوم على عتبة تحولات من شأنها أن تدفع إلى رفع نسبة مساهمتها في الناتج الداخلي الخام إلى أكثر من 5 بالمائة خاصة وان الموارد الطبيعية والبشرية متوفرة والتطلعات تحفز على المغامرة في سوق ناشئة عرف الأجانب كيف يصلون إليها بأقل كلفة ولكن بأكبر ربحية. يقع على عاتق المؤسسات الصغيرة والمتوسطة جانب كبير من المسؤولية ضمن “المواطنة الاقتصادية” لانجاز التحولات عن طريق المؤسسات الإنتاجية التي تخلق الثروة وتنتج القيمة المضافة.