طباعة هذه الصفحة

الخبير الاقتصادي محمد حشماوي لـ “الشعب”:

الثلاثية تحتاج إلى آليات تطبيق القرار على أرض الواقع

حاورته: فضيلة بودريش

حلول مستعجلة لتقلّبات سعر الصّرف ورهان على الاستثمار    

قال د - محمد حشماوي الخبير الاقتصادي أنّ قمّة الثلاثية الـ 21، التي تقرّر عقدها يوم 23 سبتمبر 2017 ينتظر منها الكثير خاصة على صعيد تقييم مدى تجسيد قرارات الاجتماعات السابقة، وكذا تشريح أسباب عدم تجسيد البعض منها، مقترحا استحداث آليات تطبيق وتفعل القرار على أرض الواقع، متحدّثا عن واقع البنوك وحاجتها إلى عصرنة وانفتاح على  الاستثمار وتحريك قاطرة النمو الاقتصادي.

❊ الشعب: يحضّر لعقد القمّة الثلاثية الـ 21..برأيك ما هي الأولويات التي ستحظى بنقاش الحكومة والشّركاء الاقتصاديّين والاجتماعيّين؟
❊❊ الدكتور محمد حشماوي: يعقد لقاء الـ 21 لقمّة الثلاثية المقبلة في الخريف ورشّحت غرداية لاحتضانها، وجاء ذلك كونها منطقة اقتصادية يسجل فيها عدد كبير من المستثمرين، وعقد هذا اللقاء فيها يعد تشجيعا لمستثمري المنطقة وكذا المناطق الداخلية ومنطقة الجنوب، علما أنه إذا كان الجنوب خزان للموارد الباطنية يمكنه كذلك أن يصبح ممونا حقيقيا بالمواد الفلاحية والغذائية. هذا من جهة ومن جهة أخرى لا شك أن الثلاثية المقبلة ستكون فرصة لتقييم أعمال الدورات السابقة، خاصة القرارات الجيدة والتي تعثر تجسيدها على أرض الواقع، لذا تشريح الأسباب التي وقفت دون تجسيد القرارات وخلق آليات لمرافقة تطبيقها بات ضروريا، لأنه لا يمكن أخذ قرارات بعيدا عن الآليات، ولأنه عندما نتبنّى سياسة نوفّر قبل كل شيء قوة تطبيق لها، ومن هذا المنطلق أطراف الثلاثية مطالبين بإدراج جميع الإمكانيات، التي يمكن أن تساعدها على تنفيذ القرارات التي اتخذت، على اعتبار أنه إذا بقيت القرارات دون تطبيق سيفرغ محتوى مثل هذه اللقاءات المهمة، علما أن جميع الفاعلين سيشاركون، أي هناك أهم العوامل متوفرة.
❊ كيف ترى خطوات الإقلاع الاقتصادي في هذا الظّرف الصّعب؟
❊❊ مازلنا نواجه تحدي الانفتاح المطلوب للبنوك، على اعتبار أنّ المنظومة البنكية الجزائرية يغلب عليها نوعا ما الطابع العمومي، وندرك أن هذه البنوك كانت لها قوانين تسيرها، ولكن عندما انفتح القطاع البنكي وظهرت البنوك الخاصة، بدا أنّها ليست عصرية، وأعتقد أنّه اليوم يوجد بعض الإصلاحات البنكية والتطور ومنذ نشأة قانون النقد والقرض عام 1990 وتعديل هذا القانون لعدة مرات، صارت هناك مجموعة من الإصلاحات، لكنها بطيئة لأن الخدمات البنكية لازالت لا تستجيب لمتطلبات المستثمرين، علما أن استقطاب الاستثمارات بات ضروريا، ولأن البنوك وحدها قادرة على تحريك الاستثمار، ومن شأن ذلك أن يفضي ذلك إلى تحرك عملية التنمية.
الجدير بالإشارة أنّ إرساء الاستثمارات تتطلب توفير القروض وكذا الخدمات الجيدة، سواء في نقل الأموال أو الأرباح، وكذا في عملية استقرار سعر الصرف، لأن سعر الصرف له دور كبير في استقطاب المستثمرين، والبنك المركزي كذلك له دور جوهري في تحديد الكتلة النقدية وسعر الصرف، وإذا وجدنا الحلول  لتقلبات سعر الصرف ننجح في تفعيل الاستثمار، على خلفية أن العملة الوطنية سجلت انخفاضا محسوسا خلال السنوات الأخيرة. وهذا أفضى إلى مواجهة المستثمر لتحد، لأن سعر الصرف المتقلب لا يخدمه كثيرا، ولا يخدم إلى جانب ذلك التجارة الخارجية، بالرغم من أنّنا نستعمل سعر الصرف في خلق التوازنات المالية، لكن على الصعيد الاقتصادي إن ذلك غير مجدي، لذا بدأ البنك المركزي يبحث عن الحلول لتأمين خطر سعر الصرف وكيف للمستثمر أن يؤمن سعر الصرف، وعندما تسجّل خسارة يكون تأمين يستفيد منه المستثمر، وبالتالي تكون تغطية لهذه الخسارة، وحان الوقت لخلق توازنات مالية من مصادر أخرى، أي من خلال التوجه إلى الجباية، أي عن طريق إصلاح الجباية وبالتالي تكون مصدر للدخل.
❊ هل تقصد الرّفع من الرّسوم..أم تفعيل عملية التّحصيل الجبائي؟
❊❊ في الوقت الحالي مازالت الجباية غير قادرة على توفير المصادر المالية المطلوبة لصالح الميزانية، في ظل تسجيل تهرب ضريبي وبالإضافة إلى بعض الاعفاءات الكثيرة، فمثلا في صناعة السيارات يستفيدون من إعفاءات ضريبية كثيرة وليس لها أثر على انخفاض أسعار السيارات.
وفي بعض الاتفاقيات بخصوص التجارة الخارجية، هناك إعفاء مجموعة من المواد سواء في الاستيراد أو التصدير، وبالتالي سلسلة من الضرائب والرسوم التي يجب أن توجه إليها تكون مصدرا للتمويل، أي يتحقّق ذلك من خلال جباية أحسن بكثير من سعر الصرف. وخلاصة القول أنّنا اليوم في حاجة إلى  المزيد من الإصلاحات الجبائية التي تتسم بالمرونة وخلق علاقة عادية بين إدارة الجباية والمستثمر لدفع كل معني الرسوم المستحقات التي توجد على عاتقه.
❊ ما موقع الجزائر في التحول الطّاقوي؟
❊❊ الجزائر اعتمدت كثيرا على المحروقات، وفي الوقت الحالي صار التحول الطاقوي تحديا عالميا وليس جزائريا فقط، والاتجاه اليوم سيكون نحو الطاقات النظيفة للحفاظ على البيئة، حيث دخول البيئة عنصر هام خاصة في إطار التنمية المستدامة التي تركز على ثلاثة عناصر أساسية أي البعد الاقتصادي والبيئي والاجتماعي، لذا يجب استغلال جميع المواد من دون التسبب في تدهور البيئة، ومن الضروري الاتجاه للطاقات المتجددة سواء كانت نووية أو طاقات نظيفة مثل الغاز لأنه سيلعب دور كبير في المستقبل، واليوم الجزائر مطالبة برفع هذا التحدي، لأن استهلاك الجزائر للطاقة سيرتفع كثيرا مستقبلا، ولا يخفى وجود مشروع كبير لوزارة الطاقة أي الإنتاج الطاقوي في آفاق عام 2025، في ظل وفرة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وتدرك الجزائر أن التحول من اليوم بشكل تدريجي جد مهم، لأنه إذا تطورت بعض البلدان وبقيت بعيدة عنها، ستواجه العديد من المشاكل الاقتصادية مستقبلا.