طباعة هذه الصفحة

الخبير امحمد حميدوش يكشف رؤيته بخصوص مراجعة قانون النّقد والقرض

استحـداث أدوات مالية جديـدة وخيارات من دون مخاطرة

حاورتـــه: فضيلــة بودريــــش

لم يخف امحمد حميدوش الخبير الاقتصادي، أنّ الظّرف الحالي يحتّم ضرورة الإسراع في مراجعة قانون النقد والقرض، ويتوقّع أنه بعد أن تطرأ عليه العديد من التعديلات سوف يغيّر اسمه إلى قانون النقد والمالية، وقال إن هناك من يعتبره إجراء سياسيا، وهناك من يقول أنه إجراء سياسي مالي غير تقليدي،  ويتعلق الأمر بإيجاد آليات تشريعية، تمكن من إعطاء أكثر انفتاح للسوق المالي أو بورصة الجزائر، من خلال استحداث أدوات مالية جديدة مثل الصكوك الإسلامية والخيارات التي لا يتحمل فيها الشخص المخاطرة في مجالي الاستيراد والتصدير، بل يتحملها متعامل آخر قد يكون السوق أو البنك، وقدم العديد من المقترحات ويرى أن مشروع مخطط عمل الحكومة الذي سيناقش على مستوى البرلمان جاء بتأطير جيد.

❊ الشعب: من المقرّر أن تتعزّز التّرسانة التّشريعية بتعديلات هامة سيشهدها قانون النقد والقرض لمواكبة الظّرف الاقتصادي الحالي..ما هو تصوّركم للمشروع الجديد؟ وما هي الإجراءات التي يمكن أن تعمل على تفعيله؟
❊❊ الدكتور امحمد حميدوش: هناك لبس في المصطلحات المستعملة في ظل وجود من يعتبر أنه إجراء سياسي، وهناك من يقول أنه إجراء سياسي مالي غير تقليدي، وهذا الأخير لديه مفهوم خاص به، ويعني أنّ إيجاد آليات تشريعية، تمكن من إعطاء أكثر انفتاح بالنسبة للسوق المالي أو بورصة الجزائر من خلال استحداث أدوات مالية جديدة مثل الصكوك الإسلامية، والخيارات التي لا يتحمل فيها الشخص المخاطرة في مجالي الاستيراد والتصدير بل يتحملها متعامل آخر قد يكون السوق أو البنك، إلى جانب مستقبليات وتقنيات “SWAP” وتخص المخاطرة في العملة الصعبة عند شراء عمولات في الخارج، وبالتالي حماية العملية مقابل تغييرات الدينار بالعملة الصعبة، أو ضمان أسعار فائدة، وهذا كله يتعلق بالتمويل غير التقليدي، أما بالنسبة للإجراءات النقدية غير التقليدية تخص تعامل البنك المركزي، وتحديد تدخلاته لدى البورصة.
 

   إطلاق أدوات مالية جديدة مثل الصّكوك الإسلامية والخيارات
يذكر أن الحكومة عندما تكون في حاجة إلى تمويل الميزانية، أو لإيرادات تلجأ لإصدار “أذنات الخزينة” وآجالها أقل من سنتين، ويتم طرحها في السوق النقدي الذي يشرف عليه البنك المركزي، وهذه “الأذنات” يتم تداولها مع البنوك التجارية أكثر من سنتين، وتلجأ إلى إصدار سندات من 3 و5 و7 إلى 50 سنة، وهذه السندات يتم طرحها على مستوى بورصة الجزائر، وبالتالي الإجراءات النقدية غير التقليدية، تحد من تدخل البنك المركزي في عملية شراء السند، إذا من الجانب العملي، يجب التنبيه إلى أن البنك المركزي أو بنك الجزائر لا يمكنه شراء سندات من السوق الأولي، لأنه في هذه الحالة تعتبر عملية طبع النقود عملية غير صحيحة للاقتصاد، لأن استحداث أدوات مالية جديدة مثل الصكوك الإسلامية والخيارات وارتفاع الأسعار، وبالتالي على البنك المركزي التدخل في سوق السند، ولا يمكنه شراء من السوق الأولي وإنما يشتري السندات من السوق الثانوي لأنه لا يطرح نقودا جديدة، بل يتداول نقودا موجودة سابقا. وللإشارة، فإنّ السّوق الأولي أي الأوراق عند الإصدار، أما السوق الثانوي بيع وشراء لأوراق مالية قديمة تم تداولها مسبقا، وبالتالي هذه السياسة النّقدية غير تقليدية، وعملية تمكن من إنجاح طرفين أي الطرف الأول المؤسسات الاقتصادية والأسر التي اشترت السندات، لأن لديها ضمان بأن البنك المركزي، قد يتدخل في شراء هذه السندات، وبذلك يعطي ثقة للسوق الثانوي، لأنه نائم ويطرح مشكل سيولة، بالنسبة للمتعاملين الاقتصاديين.

  سيولة كبيرة توجد لدى البنوك التّجارية على شكل ادّخار
❊ما رأيك في التّمويل الذي يضخ لفائدة الاستثمار ولدعم المؤسّسة الاقتصادية؟
❊❊ العديد من المؤسسات العمومية لديها سيولة مطروحة لدى البنوك كإيداع على المدى المتوسط بأسعار فائدة منخفضة لا تتجاوز 2 بالمائة، وفي هذا الإطار يمكن للمؤسسات الخاصة والعمومية اللجوء إلى السوق المالي أو البورصة لتحسين إيراداتها المالية، ومن جهة أخرى الحكومة يكون لها عدة تدخلات على مستوى طرح سندات في البورصة لفترات متعددة ومنضبطة ومحدودة الوقت.
ومن جهتها الحكومة تضمن المداخيل، ومن جهة أخرى المؤسسات الاقتصادية التي تتدخل في السوق تضمن أرباحا مالية، لأن البنك المركزي كمتدخل في السوق الثانوي أصبح الضامن وهذه العملية متعامل بها في أمريكا، حيث يقوم بها البنك المركزي الأمريكي من خلال شراء أوراق مالية من السوق المالي، ويقوم بهذه العملية البنك المركزي الأوروبي الذي اشترى سندات بقيمة 80 مليار أورو شهريا من البورصات الأوروبية منذ عام 2015، كما قام بنفس العمليات في تسمية أخرى في عام 2010، أي ما يعادل 70 مليار اورو من خلال شراء سندات في دول كانت تعاني من أزمة تمويل حكومي، ويتعلق الأمر بكل من اليونان وإيرلندا والبرتغال.
وفي الأصل الحكومة تضمن التمويل والشركات عليها اقتناص الفرصة، عن طريق تحقيق الأرباح لأن هناك سيولة كبيرة لدى البنوك التجارية على شكل ادخار، والذي لم يحول إلى استثمار، وبالتالي العملية من الجانب التجاري والمالي مضمونة.

فرض التّعامل بالصّكوك يقلّص من حجم السّوق الموازية
❊ ما هي الإجراءات القانونية التي يمكن أن ترد في قانون النّقد والقرض من أجل امتصاص الأموال التي تتداول في السّوق الموازية؟
❊❊ من المستحسن أن يدرج القانون بعض الآليات من أجل الذهاب إلى قيمة الدينار، أي يصبح قابلا للتحويل وتغيير بعض الإجراءات القانونية حيث يتوجه إلى نزع بعض الجنح وتحويلها إلى مخالفة، وعلى سبيل المثال الصك من دون رصيد، والمشكل من المفروض أن يتحمّله البنك وليس الأشخاص، لأن صاحب الصك عندما يدخل السجن لن يستفيد الضحية من أي شيء، وعندما تحول إلى مخالفة البنك يعوض من خلال قيام القانون بضبط كيفية فتح الحسابات لكل مواطن يقطن في الجزائر. ومن بين هذه الآليات نذكر اقتراح فرض مخالفة على من يسدد نقدا ولا يستعمل الصك، كطريقة للتخلص من السوق الموازي، أي على سبيل المثال تحديد مبلغ 10 ملايين لا يمكن أن يدفع أكثر منها نقدا، وإلا تعرض صاحبها إلى مخالفة حيث يغرم أي يدفع ضريبة، من أجل كل ذلك نتمنى ضبط القانون بكل ما يشمل بيع ونقل وتسعيرة الذهب وكذا المفاوضة الخاصة بالذهب، لأن الذهب لديه مقابل، والبنك المركزي كلما كان لديه احتياطي من الذهب يطبع نقودا جديدة تعتبر كعملة صعبة.
وحان الوقت للتوجه كذلك إلى طريقة الدفع والتمويل الإلكترونين، حيث يتضمنه القانون في ظل وجود بعض المصطلحات المالية، يجب أن نخرج من القانون التجاري، وندخل في قانون النقد والقرض.
وبخصوص الأدوات المالية، كانت قليلة، لكن في الوقت الحالي صارت متعددة ومتنوعة، وحجمها كبير في السوق المالي، وتسمى استحداث النقود أي إصدار النقود، وبالتالي نعود إلى قانون النقد والقرض، وصار من الضروري تغيير قانون النقد والقرض لأنه في الماضي كان النظام المالي السابق يتولى البنك مهمة منح القروض، بينما في الوقت الراهن، صار النظام المالي يقدم القرض، ومادام هناك كمية كبيرة من النظام المالي والقرض من حيث الحجم، إذا هناك منطق إصدار النقود أي قانون القرض والنقد، لذا القانون الجديد سيسمى قانون النقد والمالية، لأنه يجمع كل ما يتعلق بالبورصة وآلياتها وهيئات الضبط وإعادة النظر فيها واستقلاليتها أكثر وجهاز المراقبة لبنك الجزائر، يتمثل في هيئة أولى هو البرلمان حيث يراقب السياسة النقدية، من خلال ثلاثة مؤشرات ويتعلق الأمر بكل من التضخم والنمو والبطالة، علما أن البرلمان يراقب ويقوم بحوصلة ترسل إلى رئاسة الجمهورية، بينما الميزانية يراقبها ويشرف عليها مجلس المحاسبة، وكذلك فيما يتعلق بالمخطط المحاسبي والكتابات الحسابية الخاصة، تحددها الخزينة للبنك عوضا عن البنك لنفسه بنفسه.
❊ الظّرف الاقتصادي الحالي يتطلّب حركية للبورصة في ظل اقتصار اقتحامها على عدد قليل من المؤسّسات الاقتصادية..لماذا لم يفعل دور البورصة إلى غاية الآن؟
❊❊ في الحقيقة كان القطاع العمومي قد عكف على تحضير برنامج مع الأمم المتحدة للتنمية الصناعية، فيما يتعلق بإدراج عدد كبير من المؤسسات الاقتصادية، وفتح رأسمالها في بورصة الجزائر، وبعض المؤسسات العمومية، أودعت ملفاتها لدى لجنة متابعة البورصة، لكن الملفات ناقصة، على اعتبار أن هذه المؤسسات مازالت تحتاج إلى الكثير من القدرات حتى تتمكن من مواكبة الدخول إلى البورصة، أي وقت دخول المؤسسة إلى البورصة يكون مدروسا، مثل  شركة الاسمنت التي دخلت في وقت لم يعط الفرصة للمتعاملين من حيث المجال والزمن لدراسة هذه الشركة، وبالإضافة أنه في الكثير من الأحيان لا يمكن لشركة القطاع العمومي أن تنافس شركات القطاع الخاص كون أسعارها محددة في السوق. وخلاصة القول أنه من الضروري أن تتم مرافقة هذه المؤسسة من أجل الدخول إلى البورصة، أي إما مرافقتها عن طريق البنوك أو من خلال هندسة مالية أو عن طريق مكتب دراسات وفق مخطط أعمال.
❊ ما هي الأولويات التي يعنى بها مشروع مخطّط عمل الحكومة الذي سوف يعرض على البرلمان خلال الأيام القليلة المقبلة؟
❊❊ لا يمكن إغفال أنّ هذا المخطط جاء بتأطير جيّد، لكن مع ضرورة الإدراك أنّنا في مرحلة الانتقال من العادي إلى العقلاني، أي القفز إلى إرساء حرية المبادرة الاقتصادية التي من شأنها أن تسرع من وتيرة النمو وتعمق من الاستثمار.