طباعة هذه الصفحة

الخبير كمال خفاش:

قدرة على استقطاب 500 ألف سائح أجنبي سنويا

حاورته: فضيلة بودريش

توقّع كمال خفاش الخبير الاقتصادي أن تتمكّن السياحة الدينية لوحدها من استقطاب ما لا يقل عن 200 إلى 500 ألف سائح أجنبي سنويا، ويعتقد على ضوء تقديراته أن قطاع السياحة في الجزائر قادر اليوم على جذب نحو 2 مليون سائح أجنبي، أما إذا تمّ تسطير إستراتجية دقيقة، أوضح الدكتور خفاش في سياق متصل أنه يمكن الوصول إلى 5 ملايين سائح أجنبي في آفاق عام 2020، وبالموازاة مع ذلك شدّد على ضرورة تسطير الأهداف المرجو تحقيقها في قطاع السياحة، ومن ثمّ السهر على تجسيدها على أرض الواقع، ووقف على تشريح الإمكانيات السياحية التي تتنوع ما بين حموية وبحرية وصحراوية وكذا دينية، وعلى صعيد آخر تطرّق إلى تحدي كبح الواردات التي مازالت تؤرق النفقات، وإلى جانب رهان الصادرات خارج المحروقات الذي يحتاج إلى وثبة سريعة حسب تصريحه.

«الشعب»: كيف يمكن استغلال السياحة الدينية بشكل يمكن أن تجني منه الجزائر موارد مالية معتبرة في ظلّ الزخم المعتبر، لكنه مازال خاما لم يستغل بعد؟
الدكتور كمال خفاش: لا يخفى أن الجزائر لديها بالفعل زخم فيما يطلق عليه بالسياحة الدينية، ويتعلّق الأمر بالزوايا القديمة المتواجدة بالصحراء الشاسعة وكذا بمنطقة القبائل والأوراس وما إلى غير ذلك من مناطق الوطن المترامية الأطراف، ولديها صيت وتحظى بشهرة في الخارج، كونها تتمتع بإرث تاريخي وتنام على عادات وتقاليد ضاربة في جذور التاريخ، كما أنه يجب تسليط الضوء على ضريح الصحابي الجليل عقبة بن نافع، الذي يمكن أن يتهاطل عليه الزوار والسياح من خارج الوطن، وللجزائر مساجد عمرها قرون ولديها كنائس تشهد على العديد من الفترات، ويضاف إلى ذلك مسجد الجزائر الأعظم الذي ينبغي كذلك استغلاله من الناحية السياحية، لأنه ثالث مسجد في العالم بعد مسجدي مكة والمدينة المنورة.
كما أنه ينبغي بالتعاون مع وزارة الشؤون الدينية تنظيم لقاءات لتشريح القدرات السياحية الدينية، والوقوف على تحديد كيفية جذب السياح الأجانب للسياحة الدينية، ويمكن لوكالات الأسعار كمتعاملين في مجال السياحة أن يقوموا بهذا الدور، حيث عندما يحضر السائح يؤخذ إلى المساجد، ولأنه بإمكان السياحة الدينية لوحدها أن تستقطب ما بين 200 إلى 500 ألف سائح أجنبي سنويا. ولعلّ قطاع السياحة قادر في سنة واحدة أن يجذب ما لا يقل عن 2 مليون سائح أجنبي، أما إذا تمّ تسطير إستراتجية دقيقة يمكن الوصول إلى 5 ملايين سائح أجنبي في آفاق عام 2020، ومن الضروري تسطير الأهداف والسهر على تجسيدها على أرض الواقع.

المختصون في مجال السياحة مطالبون بالابتكار

 يعول على القطاع السياحي في خلق الثروة.. كيف يتمّ تفعيل إقلاعه؟
بإمكان التدابير التي اتخذتها الحكومة خاصة تلك المخصّصة لاستثمار الخواص بإنشاء المطاعم والفنادق السياحية والتي من شأنها أن تساهم في إنعاش السياحة، لكن ينبغي استغلال جميع الإمكانيات السياحية والترويج للوجهات السياحية المتنوعة والجذابة، وعلى سبيل المثال توجد السياحة الصحرواية التي تحتل الصدارة من حيث الإمكانيات والطلب عليها، إذا تمّ الترويج لها والتحضير الجيد، على اعتبار أن مثل هذه السياحة لا تحتاج إلى فنادق عصرية، لأن من يبحث عن الاستمتاع عن المناظر الطبيعية العذراء والخلابة، علما أنه تتوفر بالجزائر مناطق يؤكد العديد من المختصين بأنه لا توجد في أي نقطة من العالم، ويمكنها ترقية السياحة الخارجية أي من أجل تدفق السياح الأجانب، إلى جانب السياحة البحرية، وبعد أن كانت تشهد نقصا في المركبات السياحية، إلا أنه خلال السنوات الماضية خضعت العديد منها إلى العصرنة، وبالموازاة مع ذلك بدأ العديد من الخواص يستثمرون في إنشاء الفنادق السياحية، وتوجد مجهودات لإنشاء أخرى تتطابق مع طبيعة المدن الجزائرية، لأن فنادق المناطق الجبلية ليست كالبحرية، حيث يمكن تشييد شاليهات ومنازل تتطابق مع المناطق الجبلية، واقترح إجراء دراسة لتشييد منازل خاصة بالسياح، ولعلّ أن المختصين في مجال السياحة مطالبين بالابتكار، واستغلال السياحة الحموية لأن الجزائر الدولة الوحيدة التي تملك عددا كبيرا من الحمامات المعدنية والتي ينصح الأطباء بالاستفادة من مياهها، ويمكن إشراك الأطباء والمختصين الاقتصاديين في تفعيل والترويج لهذا النوع من السياحة الذي يكتسي أهمية، وفي الأخير ينبغي التعجيل بتحديد كل نوع من السياحة الذي تتميز به كل مدينة، حتى يوجّه إليها السياح على ضوء طلباتهم، وبالتالي ترقية هذه المناطق وتفعيل تقنية الترويج ويمكن استغلال وسائط التواصل الاجتماعي في ذلك، وهذا نوع من الاقتصاد السياحي.
ما رأيك في الإجراءات التي تمّ تجسيدها من أجل كبح سقف الواردات؟
 فيما يخصّ الواردات المعروف أن الحكومة اتخذت خلال السنوات الماضية سلسلة من الإجراءات، قلصت من استيراد السلع الاستهلاكية غير ضرورية وبعض المواد الأولية، أي قائمة تتكون من السلع تضم المواد الأولية والسلع المصنعة وخاصة تلك التي يمكن إنتاجها محليا، بهدف الحفاظ على الإنتاج الوطني، وحتى تتمكن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من التموقع الجيد في السوق، علما أنه عدد معتبر منها يواجه صعوبة في مواكبة المنافسة، مثل تلك المؤسسات الناشطة في مجال تصنيع الألبسة والأحذية، التي تراجع نشاطها بسبب غلق العديد من المصانع أبوابها. إذا يمكن القول، إن الدولة تحاول أن تدافع عن المنتوج الوطني والمؤسسة الإنتاجية في نفس الوقت، من خلال طرح منتجات ذات جودة وبأسعار معقولة.

 تراجع الواردات بنسبة 40 بالمائة

هل تتوقّعون أن يعرف عام 2018 المزيد من التراجع في الواردات؟
أشير إلى أنه خلال عام 2017، تقلّصت نسبة الواردات بحوالي 30 أو 40 بالمائة مقارنة بعام 2016، ويمكن لفاتورة الاستيراد أن تشهد المزيد من التراجع  خلال السنتين المقبلتين، لكن شرط أن يتواصل في تحسين مناخ الأعمال، حتى يتسنى للمؤسسة أن ترفع من كميات الإنتاج وجودته، ولا شكّ أنه عندما تتحقّق الوفرة عبر الأسواق الوطنية، من شأن ذلك أن يفض إلى التقليص من السلع المستوردة من الخارج، ومن الضروري الاهتمام بالمستهلك بهدف توفير المنتجات بسعر معقول ونوعية جيدة وبوفرة، حتى لا تعرف السوق أي مضاربة أو تلاعبات بالأسعار.
 كيف تتوقّعون منحى الصادرات في ظلّ النموذج الاقتصادي الجديد؟
توجد إمكانيات كبيرة للرفع من حجم المنتجات المصدرة للخارج من طرف المؤسسات الجزائرية خارج قطاع النفط، ويمكن في عام 2018، أن تنتعش بشكل محسوس، لذا ينبغي أن يكون التسيير في المستوى حتى يتمكّن المنتجين من التموقع عبر الأسواق الخارجية، في ظلّ المنافسة الشرسة، ويجب إثارة في هذا المقام مشكل النقل والتخزين من أجل تصدير الخضر والفواكه، لأنها كافية في تغطية الطلب المحلي واقتحام أسواق خارجية، ولأن تصدير هذه المنتجات يشترط أن يكون في وقت قياسي، على اعتبار أن بعض المؤسسات تتوفر على إمكانيات النقل والتخزين وأخرى تفتقد إلى ذلك، وحان الوقت حتى تستثمر المؤسسات الاقتصادية في هذا المجال، وبالمقابل توفر الدولة تسهيلات للمؤسسات حتى يتسنى لها التصدير، ولا ينبغي تجاهل أن المؤسسات مطالبة بدورها في الرفع من فعالية تسييرها,