طباعة هذه الصفحة

في انتظار مطابقة قانونه الأساسي مع الدستور

مجلس المنافسة بحاجة لمقر ملائم وتعزيز للصلاحيات

سعيد بن عياد

5 مؤسسات منها 4 عمومية رحّبت باعتماد برنامج المطابقة

يراهن رئيس مجلس المنافسة على النتائج الايجابية للعمل الإعلامي والتحسيس الجواري الذي تجسده هيئته تجاه المتعاملين الاقتصاديين ورؤساء المؤسسات لتحسين مؤشرات التنافسية من خلال الالتزام الإرادي بقواعد المنافسة النزيهة. ويعتبر العمل القائم مع الجامعات جسرا للعبور إلى مرحلة قادمة تشهد فيها السوق تطورا يعكس مدى المطابقة مع المعايير بحيث يكون الجميع مستفيدا خاصة في مواجهة المنافسة الخارجية.

  سجلت هذه الهيئة التي أعيد بعث نشاطها في 2013 اتساع رقعة الاهتمام بنشاطاتها بإحصاء في السداسي الأول من السنة الجارية عدد قضايا تتعلق بقواعد المنافسة تجاوز إجمالي القضايا المسجلة في سنة 2017 وهومؤشر لتحسن مركز المجلس في المحيط الاقتصادي فيما يستفيد من تجارب دولية عن طريق المشاركة في ندوات من بينها ندوة الخبراء ما بين الحكومات تنظم من 11 إلى 13 جويلية الجاري بجنيف، بإشراف ندوة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (كنوسيد) يحضرها حوالي 400 خبير في شؤون المنافسة من كل القارات.
يسعى مجلس المنافسة لتجاوز عدد من العوائق التي تؤثر على أدائه في وقت يتأكد دور هذه الهيئة لرصد السوق ومراقبة مؤشرات المنافسة وفقا للأهداف المحددة قانونها الأساسي والتي يكرسها الدستور، وأول العوائق معالجة مسألة المقر (يوجد حاليا بأحد طوابق وزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي)، بالتوجه لاستئجار محلات جديدة من مؤسسة عمومية في انتظار الحصول على مقر خاص ومن ثمة التمكن من تدعيم الموارد البشرية للمجلس الذي يشغل 28 مستخدما من مجموع 71 منصبا ماليا. ومقارنة بدراسة لخبراء في هذا المجال فإن المجلس بحاجة إلى 150 / 160 موظف وفقا لطبيعة المهام المحددة.
 كشف عمارة زيتوني، رئيس مجلس المنافسة في حديث لـ «الشعب» أن القانون الأساسي للمجلس لم يعد ملائما للوضع الراهن بعد رصد نقائص وعيوب وعدم انسجام تشوب نصوصه، موضحا أن حوالي 50 مادة تتطلب مراجعة وتطويرا لمواكبة التطورات التي عرفتها البلاد وفقا لما توصلت إليه دراسة في الموضوع تحولت إلى رأي أدلى به المجلس سنة 2016 وتم تبليغه إلى السلطات العمومية المختصة قصد المطابقة مع المادة 43 من الدستور المعدل في 2016 التي تكرس 5 مبادئ للمنافسة، ويتعلق الأمر بمنع المنافسة غير النزيهة، منع الاحتكار، عدم التمييز بين المؤسسة العمومية  الخاصة، ضبط السوق من طرف الدولة بتفويض الصلاحيات لآليات الضبط وحماية حقوق  المستهلك.
وفي هذا الإطار، يرتقب أن تصدر النصوص  التطبيقية ذات الصلة لترتفع وتيرة أداء المجلس في ظل التغيرات السريعة التي تشهدها السوق في الشق المتعلق بالمنافسة علما أن الحكومة طلبت سنة 2014 من «كنوسيد» المساعدة في انجاز خبرة حول المنافسة وسلمت نتائج التقرير في ماي 2017 ومن شأن وضع المجلس تحت وصاية سلطة عليا أن يمنحه قوة تنعكس على وتيرة عمله، كما يتعزز دوره بإدراج مهام جديدة في نظامه الأساسي مثل التفتيش، والعفو بمن يبلغ عن ممارسات غير نزيهة، الاستفادة من التحفظ عند المطابقة، تبليغ القرارات وعرقلة عمل المجلس. ويسجل أيضا وجود قضاة منتدبين ضمن تشكيلة مجلس بهذه الأهمية وثقل المهام الموكلة بخلاف مجالس مماثلة في بلدان أخرى تضم قضاة ينشطون هيئة الفصل في الملفات المطروحة علما انه في الماضي كان مجلس المنافسة يضم قضاة منتدبين من المحكمة العليا ومجلس الدولة ومجلس المحاسبة.
يحرص المجلس على القيام بعمل بيداغوجي في أوساط المتعاملين في السوق من مؤسسات ومنتجين ومستهلكين وإدارة لتكريس المفاهيم الصحيحة للمنافسة النزيهة التي تعطي قوة للمتعامل الذي يلتزم بمعاييرها خاصة بالنسبة لتحقيق الطموحات في التصدير الذي يمثل هدفا محوريا للمرحلة الاقتصادية الراهنة لمواجهة تداعيات الصدمة المالية الخارجية، كما يراهن، يقول رئيسه عمارة زيتوني، على تنمية الجانب الوقائي  قبل الردع، مشيرا إلى انه تم وضع برنامج المطابقة مع قواعد المنافسة موجه للمؤسسات الاقتصادية الإنتاجية العمومية والخاصة وإقناع مسيريها بأن كلما جرى تطبيق تلقائي لقواعد المنافسة النزيهة تتحقق فوائد هامة في التموقع في السوق محليا وعالميا. وتم الشروع في العمل على هذا البرنامج المستوحى من تجربة كل من كندا وفرنسا، فيما سجل تجاوب معه من طرف كل من المؤسسات العمومية سوناطراك، نفطال، سونلغاز، بريد الجزائر وشركة كوندور الخاصة.
  ثمّن عمارة  إرادة مسيري هذه المؤسسات في العمل على ترقية جانب المنافسة من خلال ترحيبهم بالمسعى الذي ينشطه خبراء يشتغلون بالتنسيق مع سلطات الضبط القطاعية. وللعلم في بلدان مثل ايطاليا، فرنسا وبريطانيا إذا كانت مؤسسة متابعة وتواجه عقوبة مالية فانه إذا برهنت على تطبيقها برنامج المطابقة مع قواعد المنافسة تستفيد من تخفيض للغرامة بنسبة 15 ٪ في كل من ايطاليا وبريطانيا و10 في المائة٪ في فرنسا، وهذا حتى يتم تحفيز المؤسسات على الانخراط في مسار المنافسة النزيهة. ويرتقب أن يستقبل قريبا خبراء دوليون في إطار الدعم الأوروبي للعمل على هذا الملف ضمن أفواج مشتركة.