طباعة هذه الصفحة

يتسبب فيها التاجر والمستهلك

كلفة التسمّمات الغذائية باهظة اقتصاديا وصحيًا

فضيلة بودريش

تعود التسمّمات الغذائية التي تسجل دون شك، طيلة أشهر السنة، لكن بقوة وشكل لافت في فصل الصيف وقد تجعل المصابين يقتربون من الموت أو يرحلون في صمت، والسبب يكمن في وجبات أو مواد انتهت صلاحيتها، وكثيرا ما يكون المسؤول الأول والوحيد التاجر الذي فصل تيار الكهرباء عن جهاز التبريد ليلا ليقتصد في كلفة الكهرباء والضحية المستهلك، وأحيانا أخرى بسبب انعدام شروط النظافة في مطعم أو مقهى، حيث يتناول المستهلك وجبة الموت، أو يتناول المستهلك بطيخا كان عرضة لشمس حارقة طيلة يوم كامل فيصاب بضربة حرارة في بطنه تدخله المستشفى على جناح السرعة، وإن تعددت الأسباب فإن كلفة التسممات رغم عدم المبالاة باهظة اقتصاديا وصحيا..؟
صحيح أنه من المفروض أن يكثر التحسيس في فصل الصيف عن أخطار التسممات الغذائية، لكن كل ذلك غير كاف إذا غاب الضمير المهني للتاجر، وهنا تحل محل ذلك الحاجة إلى تضييق خناق الرقابة على التجار والمطاعم، وردع المخالفين لشروط النظافة والحفظ والتبريد وكذا طريقة عرض السلع.
ولعل البداية تكون مع محلات بيع المواد الغذائية التي تمتثل العديد منها إلى شروط الحفظ السليم ونزع من الرفوف وأجهزة التبريد المواد المنتهية تاريخ صلاحيتها، لاسيما منها الأجبان والياوورت والحلويات وما إلى غير ذلك، لكن بعض المحلات يقدم أصحابها على فصل تيار الكهرباء عن أجهزة التبريد طيلة فترة الليل التي تقدر بتسع أو عشر ساعات كاملة، وهذا ما يؤثر على صلاحية العديد من المنتجات، هذا من جهة ومن جهة أخرى التخوف قائم من بعض الحلويات المحضرة من الكريمة أو البيتزا المحضرة من الطماطم أن تكون قديمة، وبالتالي تؤدي بمن يتناولها إلى الهلاك، فالمخابز ومحلات بيع البيتزا مطالبة أن تتخلص من كل ما تبقى لها في نهاية اليوم ولا تقدمه للزبائن في اليوم الموالي، إلى جانب المطاعم «المتهم الرئيسي» لبعض حوادث التسممات، بفعل انعدام شروط نظافة تحضير الطعام وكذا التبريد خاصة ما تعلق باللحوم والأسماك، ويضاف إلى ذلك الأطباق المحضرة من المرق على وجه الخصوص، وأحيانا تجد محلات تعرض أكلة «الشورمة» تتموقع في شارع مطل على طريق السيارات، ويقوم صاحب المحل بإخراج جهاز طهي الشورمة ليضعه عند باب المحل لاستقطاب الزبائن، لكنه يستقطب نحوه الكثير من الأتربة والغبار المتطاير ومعه الهواء المعبأ بالغازات المنبعثة من محركات السيارات، بينما تجار الأرصفة والشاحنات غير الشرعيين يعرضون سلعا حساسة مثل البيض والبطيخ وبعض المشروبات المصنوعة في المنزل والمعبأة في أكياس بلاستيكية تمثل مصدر سم قاتل قد يهلك صحة المواطن.
دون شك فمسؤولية الإصابة بالتسممات الغذائية يتقاسمها كل من التاجر والمستهلك، على اعتبار أن المستهلك ينبغي أن يكون حريصا على صحته وصحة أفراد أسرته، وإذا واجه سلوكات مشينة من طرف التاجر ينبغي أن يبلغ عنها جهات الرقابة، لأنه لا يخفى أن للتسممات الغذائية ليس فقط الضرر على صحة الأفراد بل حتى كلفة اقتصادية تتمثل في نفقات جديدة للمصاب بالتسمم ويتمثل في تكلفة الطبيب والدواء وما إلى غير ذلك.