طباعة هذه الصفحة

بشير مصيطفى لـ»الشعب»:

صناعة الحرف في ذيل ترتيب المساهمة في القيمة المضافة

حاورته: إيمان كافي

التكنولوجية الجديدة حدّدت من دور الأسواق التقليدية

تبرز أهمية الصناعات التقليدية كأحد عوامل الجذب السياحي، ونظراً لكون مختلف الحرف تعد من بين الصناعات الصغيرة، فهي تساعد على الحد من البطالة والاستفادة من كافة الموارد البشرية، حيث تتركز الأهمية الاقتصادية للحرف التقليدية في إمكانية انشاء فرص عمل أكبر عن طريق تخصيص موارد أقل مقارنة بمتطلبات الصناعات الأخرى، فضلا عن قابليتها للاستيعاب وتشغيل أعداد كبيرة من القوى العاملة وباعتمادها على الموارد الأولية المحلية. ويتطرق هذا الحوار الذي اجرته «الشعب» مع بشير مصيطفى أستاذ الاقتصاد بجامعة الجزائر إلى القيمة المضافة التي تقدمها الصناعة التقليدية للاقتصاد الوطني من خلال دورها في امتصاص البطالة وخلق الثروة وأيضا الترويج للسياحة بالجزائر.
»الشعب»: تعد الصناعة التقليدية أساسا خزانا ثقافيا للشعوب، لكن لديها دور اقتصادي جوهري، ما مدى القيمة المضافة التي تقدمها ضمن مسار النمو؟
 الدكتور بشير مصيطفى: الصناعات التقليدية مثل باقي الصناعات تساهم في القيمة المضافة للاقتصاد ومن ثمة النمومن خلال ثلاثة أسواق، سوق السلع، سوق الشغل، وسوق النقد، فهي توفر منتجات جديدة في الاقتصاد لها مستهلكون في الداخل والخارج. وتوفر مناصب شغل جديدة خاصة في المناطق الريفية وهي مناسبة لتشغيل المرأة الماكثة في البيت، حيث يقدر عدد البيوت بالجزائر الـ10 مليون عائلة، وأخيرا تسمح بجلب النقد الأجنبي في حالة التصدير (النموذج التونسي) وبالتالي تساهم في توازن ميزان المدفوعات والميزان التجاري.
كيف تتوضح أهمية الصناعة التقليدية في الترويج للسياحة بالجزائر سواء داخليا أوخارجيا؟
 المنتجات التقليدية تعكس وجهة السياحة حيث لكل بلد خصوصياته الثقافية التي تظهر في المنتج التقليدي، هذه الخصوصيات هي الكفيلة بجلب السائح الأجنبي. وبين مناطق البلد الواحد تتمتع كل منطقة بخصوصيات ثقافية تسمح بالترويج الداخلي للمعالم السياحية في تلك المناطق. وتتضح الصورة أكثر في مجال سلسلة السياحة الداخلية حيث إلى جانب الهياكل والخدمات تأتي المنتجات التقليدية ضمن فقرات السلسلة.
الصناعة التقليدية تساهم في امتصاص البطالة وخلق الثروة، هل تؤدي فعلا الدور المنتظر منها خاصة في ظل الظروف الراهنة؟
 في الحالة الجزائرية ليست الصناعات التقليدية وحدها المعنية بالتحفيز ولكن القطاع السياحي عموما. ولازالت الصناعات الحرفية في ذيل الترتيب من حيث المساهمة في القيمة المضافة في الاقتصاد على الرغم من دورها الاستراتيجي في التشغيل والتصدير والسبب يعود إلى نماذج النمو التي اتبعتها الجزائر منذ الاستقلال وهي نماذج مبنية على التصنيع ثم المحروقات.
بنظرة الخبير، لماذا ظلت الصناعة التقليدية في الكثير من الأحيان مرتبطة فقط بحدود المؤسسات المصغرة، وما الحلول الممكنة لتطوير الاستثمار فيها؟
 أعتقد أن السبب يعود إلى نماذج النموالمتبعة منذ الاستقلال حيث لم تحظ الصناعات التقليدية بالوزن المطلوب بالإضافة إلى تمييزها عن النشاط السياحي الذي حظي باهتمام أكثر على مستوى الهياكل والمخططات. ولهذا يكون من المناسب إطلاق وزارة منتدبة للصناعات التقليدية وظيفتها التخطيط ورسم سياسة الدولة في هذا المجال، ومن تلك السياسة: التكوين والتسويق والترويج والدعم الحكومي.
الأسواق التقليدية تبدو في طريقها للاندثار على الرغم من أهميتها في دعم السياحة كمصدر هام لدعم الاقتصاد الوطني، ما تعليقكم؟
 هذا صحيح والسبب واضح ويعود إلى وزن النشاطات التقليدية في نموذج النمو وإلى ارتفاع كلفة المنتج التقليدي بسبب غلاء عوامل الإنتاج، إضافة إلى ضعف تنافسية المنتج التقليدي الجزائري أمام المنتجات الاستهلاكية المستوردة. ولهذا يبرز مخطط التسويق بالوسائل المتطورة (البيع على خط النت) أهم انشغال للحرفيين الصغار.
كيف تقيّمون دور القائمين على القطاع في تشجيع تسويق منتجات الصناعة التقليدية وتطوير آفاقها؟
 لازالت الحكومة تقوم بجهود قوية في صالح الصناعات التقليدية ضمن قطاع السياحة باعتبار المؤسسات التقليدية فئة من الحرف في حاجة للدعم، ولكن على مستوى النتائج فهي لازالت متواضعة بالنظر إلى رقم النمو، والمطلوب حاليا هو إطلاق وزارة منتدبة للصناعات والمؤسسات التقليدية تتمتع بصلاحيات أوسع على صعيد تحريك هذا القطاع .
هل ترون أن هناك سياسة منتهجة ذات فعالية لتحقيق النفعية الممكنة من الصناعة التقليدية والنابعة من اهتمام حقيقي بهذا النشاط؟
 مادامت هناك وزارة معنية بالسياحة ومنها الصناعات التقليدية فيفترض أن تتمتع الوزارة برؤية وسياسة محددة لكل القطاع ومنه فرع الصناعات التقليدية وهذه الرؤية متضمنة حاليا في المخطط التوجيهي للنشاط السياحي 2025، والمشكل ليس في ضعف أوانعدام المخططات ولكن في المرافقة الإدارية للناشط الحرفي وحدود الدعم الذي توفره الحكومة له.
وفي رؤية تنويع الاقتصاد وتعدد فرص النمو تبرز أهمية جميع الموارد دون استثناء ومنها مورد النشاطات التقليدية بشرط أن تحظى هذه الأخيرة بشروط التكوين في الموارد البشرية وكذلك في جانب دعم أسعار المادة الأولية (قطاع النسيج مثلا).