طباعة هذه الصفحة

دعا إلى إنشاء مليون مؤسسة مصغرة، الخبير كمال خفاش:

الرهان على تمويل البحوث التكنولوجية وتثمين الابتكارات

فضيلة بودريش

دعا الخبير الاقتصادي كمال خفاش إلى ضرورة القفز من التمويل التقليدي للآلات والمصانع، إلى تمويل البحث والأفكار الذكية في مجال التكنولوجيات الحديثة المتطورة، التي من شأنها أن تنافس بقوة في الأسواق العالمية، ويعتقد الدكتور أن وفرة القدرات البشرية يمكن الجزائر في المرحلة الأولى من استحداث 1مليون مؤسسة مصغرة ناشطة في مجال البرمجيات والإعلام الآلي ومختلف التكنولوجيات المتطورة، التي ترقي من أداء التسيير وترفع من فعالية أداء الآلة الإنتاجية في عدة قطاعات مثل الصناعة والفلاحة والسياحة، مؤكدا أن تمويل البحث وتثمين الأفكار في المجال المعلوماتي والتكنولوجي، يتطلب لخلق مؤسسة واحدة صغيرة ناشئة ما لا يقل عن 4 ملايين دينار.

يبقى التعويل كبيرا على تدفق القروض في توسيع النسيج الاقتصادي على اختلاف أنواعه وفروعه عبر مختلف القطاعات الحيوية، التي تستحدث الثروة وتمول الاحتياجات الوطنية، لذا تكتسي القروض أو عملية تمويل الاستثمارات سواء كانت خاصة أو عمومية أهمية كبيرة، ويرى الخبير الاقتصادي والدكتور كمال خفاش أنه كان ينتظر أن تكون عملية تدفق القروض بوتيرة أسرع، وأرجع ذلك التراجع إلى بعض التحديات التي تواجهها البنوك في تمويل المشاريع الكبرى على وجه الخصوص، وعلى خلفية أن البنوك قبل تمويلها المشاريع تشترط إجراء دراسة اقتصادية ودراسة دقيقة للسوق حتى تضمن نجاح المشروع، وأحيانا المؤسسات والمستثمرين لا يجرون دراسات دقيقة بهذا الشأن، لذا من الطبيعي أن البنوك تأخذ احتياطاتها تجنبا لأي أخطار، خاصة عندما تكون السوق مشبعة بعدة نشاطات ومشاريع من نفس الشعبة، و تجعل من المنافسة صعبة ومستحيلة. هذا من جهة ومن جهة أخرى نذكر بالنسبة لبعض المؤسسات التي تحاول توسيع نشاطها على نطاق أوسع، فإن البنوك بطبيعة الحال تأخذ احتياطاتها لذا ليس من السهل التمويل وفي هذا الإطار توجد مفاوضات قائمة ما بين أرباب العمل والمؤسسات البنكية. وشدد الخبير خفاش في سياق متصل على ضرورة إعادة النظر في بعض مشاريع الاستثمار العمومي بسبب عجز الخزينة، وتم الابقاء وتمويل فقط المشاريع الضرورية التي لديها أهمية كبرى على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي.

 التحكم في المعلومات في وقت سريع

وحول حركية القروض التي لم تتوقف حتى بعد تهاوي أسعار النفط منذ منتصف عام 2014، قال الخبير كمال خفاش أن حركية القروض كانت بصورة أكبر بل أنه تحدث عن وجود سيولة كبيرة وفائض،لم يكن يجد المؤسسات التي تستثمر، لكن اختلف الأمر بعد عام 2014، بعد أن سجل عجزا في سيولة البنوك، ولم تعد بحوزة المؤسسات البنكية السيولة والإمكانيات المالية الكافية لتمويل المشاريع التي يطلبها المستثمرين ماعدا المشاريع الكبرى لأن كل خطر صغير أو كبير محسوب ومقدر من طرف البنك الذي لا يخاطر كثيرا. وخلاصة القول في هذا المقام أن المؤسسات البنكية لا تغامر كثيرا خاصة مع المؤسسات الصغيرة، علما أن العديد من هذه المؤسسات يتم استحداثها عن طريق أجهزة تشغيل ودعم الشباب، رغم أن مثل هذه المؤسسات في الدول المتقدمة لديها أهداف كبيرة ويعول عليها كثيرا في خلق الثروة والقيمة المضافة للاقتصاد، حيث تسطر أهدافا كبيرة على المدى الطويل، وفي ظل عدد كبير من الشباب في خلق مؤسسات صغيرة في مجال التكنولوجيات الحديثة مثل الإعلام الآلي والبرمجيات نتطلع لاستحداث نسيج مهم في هذا المجال وأخذ بعين الاعتبار ذلك.
ينبغي أن تتم دعوة البنوك العمومية لتقوم بدراسات دقيقة لهذا الصنف من المؤسسات، والقيام بدراسة الملفات حالة بحالة وبنظرة توجيهية بعيدة المدى، على اعتبار أن التسيير اليوم يحتاج إلى مثل هذه المؤسسات كثيرا في مجال الخدمات خاصة في ظل العولمة الشرسة ولأن المؤسسات التي تملك المعلومات في وقت سريع يمكن أن تفرض تنافسيتها العالية في سوق شرس، إلى جانب مختلف القطاعات مثل الصناعة والفلاحة والسياحة تحتاج إلى خدمات مثل هذه المؤسسات.

 الذكاء والابتكار

واقترح الدكتور كمال خفاش الشروع في تمويل البحوث على حد سواء مع النسيج الاقتصادي، رغم أنه ليس لدينا تجربة سابقة في مثل هذا المنتوج المهم، لأنه في العالم لم يعد تمويل الآلات والتجهيزات والمصانع وحده، كون الاستثمار يشمل بالموازاة مع ذلك البحوث والبرمجيات، مقدرا لتمويل مؤسسة واحدة في البحث الحاجة إلى توفير تمويل بقيمة 4 ملايين دينار، والجزائر تحتاج في البداية على الأقل لاستحداث 1 مليون مؤسسة صغيرة ناشئة تنشط في مجال البحث والبرمجيات والإعلام الآلي. بهدف القيام ببحوث علمية  دقيقية ومن الضروري  أن يستثمر المختصين بقوة في هذا المجال، وبالتالي الاستثمار في الوقت والأفكار وحان الوقت لترسيخ ثقافة الاستثمار في الأفكار حتى لا يقتصر الاستثمار في تجهيزات المصانع وفي الآلات وما إلى غير ذلك، وبالتالي السير نحو تثمين الأفكار، علما أن الصعوبة باتت تكمن في تكريس ثقافة تثمين الأفكار، لكن في البلدان المتقدمة الأمر جد مغاير، حيث توجد عناية بالغة بالفكرة لأنها أساس أي ثورة في مختلف القطاعات الحيوية، بل لأن القطاع يتحرك على إثرها خاصة عن طريق التحول التكنولوجي الحديث الشديد التطور والذي يعتمد على الذكاء والابتكار ولأن المستقبل للبحث والابتكار في المعلوماتية.