طباعة هذه الصفحة

ملفات ثقيلة في جامعة «الأفسيو» الصّيفيّة

الاستقرار التّشريعي وتنويع مصادر التّمويل

فضيلة بودريش

مداخيل الرّقمنة ستفوق ثروات المحروقات

دعا خبراء ومتعاملون اقتصاديون وإطارات في مؤسسات اقتصادية إلى ضرورة الإسراع في خوض الثورة الرقمية كأولوية اقتصادية، والسير نحو إرساء إستراتيجية وطنية، تستوعب الكفاءات لمواجهة الظرف الاقتصادي الحالي الصعب، وتجاوز تحديات الالتحاق بالثورة الصناعية الرقمية، للإسراع بتجسيد رهانات التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي. وحرص منتدى رؤساء المؤسسات خلال جامعته الصيفية في طبعته الخامسة، على فتح نقاشات مستفيضة عميقة وتنظيم ورشات تقنية، حاولت بحث سبل تجاوز معيقات بطء النمو، والبحث عن مصادر تمويل جديدة حتى لا تقتصر على القروض البنكية.

قال سامي عقلي رئيس منتدى المؤسسات في ندوة صحفية نشّطها على هامش الجامعة الصيفية لـ «أفسيو»، أنّ لقاءهم السنوي سلّط الضوء وأعطى الأولوية للرقمنة في الاقتصاد، على اعتبار أن الشركات الأكثر نجاحا في الوقت الراهن تعد الشركات الأسرع، ولأن السرعة تتجسد من خلال الرقمنة، ومختلف النظم التي تصب في تطوير المؤسسة الاقتصادية تقوم على الرقمنة. وفي ردّه حول موقف الأفسيو من مشروع قانون المالية لعام 2020، وخاصة ما تعلق بقانون المحروقات، أوضح أن ما يكتسي أهمية قصوى يتمثل في الجباية البترولية، متسائلا هل الوقت مناسب للإسراع في مراجعة مشروع قانون المحروقات في هذا الوقت؟ ووعد بالكشف عن موقف منتدى رؤساء المؤسسات الرسمي خلال الأيام القليلة المقبلة حول هذا القانون، أما فيما يتعلق بإعادة النظر في القاعدة الاستثمارية، يعتقد رئيس الأفسيو أنه بخصوص القاعدة الاستثمارية 49 - 51 المعروضة على التعديل في مشروع قانون المالية للعام المقبل، يجب أن يقرّر الشركاء نسبة الشراكة، مشدّدا في سياق متصل على أهمية تكريس الاستقرار الشريعي في المحيط الاستثماري. ولم يتردّد عقلي في الاعتراف أن الاقتصاد الوطني يمر بمرحلة صعبة وجد مهمّة، كون المتعامل والمستثمر يترقّب استقرارا أكبر خلال الأشهر المقبلة، معتبرا أن عامل الثقة يعد جوهريا وأول عامل جذاب لفعالية أكبر للاقتصاد.
وحول ردّه على سؤال بخصوص فرض الضريبة على الثروة، أشار إلى أن أي ضريبة تطلق في الوقت الذي تمر فيه المؤسسة الاقتصادية بمرحلة صعبة لا تحسد عليها، تعد رسالة سلبية، لكنّه أبدى استعدادا واستحسانا لاقتسام الثروة عندما تحقّق الشركات أرباحا وتكون في وضع مريع. ودافع عقلي عن القطاع الخاص على اعتبار أنّ 7 من 10 عمال جزائريين ينشطون في القطاع الخاص، من أجل دعم أكبر للمتعامل الاقتصادي، لكن مع تطبيق القوانين على الجميع، ويرى أن عملية طبع النقود يقابلها ارتفاع في نسبة التضخم، ودعا إلى ضرورة إيجاد موارد أخرى للتمويل غير القروض البنكية، من أجل المحافظة على ديمومة المؤسسة، وآثار مسألة تجسيد الشراكة بين المؤسسات الخاصة، والسير نحو تجاوز  الاقتصاد الموازي.
ولم يتردّد في الإجابة عن موقف الأفسيو من الانتخابات الرّئاسية المقبلة، ذكر إنّهم كمنتدى لا يساندون أي مترشّح، لكن كل رئيس مؤسسة أوعضو حر في أخذ قراره على مستواه الشخصي.
السّوق الموازية تكبح النّمو
واعتبر عقلي أنّ هذا اللقاء يكتسي أهمية كبيرة خاصة على صعيد ثراء النقاش والتبادل والتحول، مستهجنا الآثار السلبية للاقتصاد الموازي الذي قال أنّه يكبح الثروة، إلى جانب أهمية رقمنة الإدارة وعصرنتها لتسريع قدرات نمو إنتاج المؤسسة الاقتصادية، حتى تكون المؤسسة في قلب العصرنة، وإطلاق نظام بنكي مالي قوي وميكانزمات شفّافة وشجاعة، ومن ثم الارتكاز على العلم والابتكار.
 تناول عمار خضراوي مدير لمكتب دراسات مسألة استراتيجيات التحول، وركّز على ضرورة الاهتمام بمختلف القدرات المتاحة في العلم والمعرفة، والتوجه نحو التكوين من أجل مواجهة تحديات التحول، كون نظام الأفكار واسع لكن عند تطبيقه على أرض الواقع يتقلص.
وفي الشق المتعلق برهانات التحول الرقمي، تساءل جواد علال عن الإستراتيجية المثلى التي يمكن تبنّيها في التحول الرقمي، ومن أجل الاستجابة للطلب المحلي بل وجعل العامل الرقمي جسرا نحو تسريع النمو، ويتوقّع في هذا السياق أن مداخيل الرقمنة ستفوق ثروات المحروقات مستقبلا، وعلى حد تقديره سيكون اقتصاد المعرفة أو الاقتصاد الرقمي بمثابة قطاع البترول في الوقت الحالي، لدفع وتيرة النمو ويرى أنه تتوفر الكفاءات لتجسيد مشاريع الرقمنة، وأكّد بالموازاة مع ذلك أن مهمة الجميع خاصة إذا كان هذا التحول الرقمي في إطار إستراتجية وطنية شاملة، والسير نحو تحديث النظام الاقتصادي الاجتماعي، وبالتالي التحول الرقمي للمؤسسة ورقمنة محيط التسيير، ودعا إلى ضرورة أن يحظى التحول الرقمي إلى أولوية.
وتطرّق عبد الصمد إلى إمكانية تحول المؤسسة نحو التكنولوجيا، وكذا شروط هذا التحول حتى يكون الاقتصاد أكثر تنافسية في السوق، وذكر في نفس المقام أن النسيج المؤسساتي اليوم مقسم إلى ثلاث مجمعات أي 1 مليون مؤسسة من بينها المئات صغيرة والآلاف مؤسسات متوسطة، موضّحا أن ردات فعلها حول الرقمنة، ردات فعل متنوعة ومختلفة، بالنظر إلى أهمية تجاوب رؤساء المؤسسات مع ديناميكية التحول كون الأرقام ليست جيدة، لأنّنا متأخّرين مقارنة بما يسجل في العالم، على خلفية أن البلدان المتطورة سطرت استراتيجيات الرقمنة منذ خمس سنوات، في وقت مازلنا متأخرين في عملية التخطيط، واشترط الكفاءة في التحول الرقمي والتعاون مع الفاعلين داخل وخارج المؤسسة.
اقتصار التّمويل على البنوك يشح من السيولة
ووقف الخبراء على تمويل المؤسسات في ظل الأزمة، ويرى البعض أن الجزائر ليس لديها ثقافة فعّالة وقنوات قوية للترويج لمختلف منتجاتها، واشترطوا لجذب أموال التمويل بالتحلي بالشفافية والحوكمة، وتمتع المؤسسة بالقدرة على تسديد القرض. وأفاد يزيد بن موهوب مدير بورصة الجزائر أن الاقتصاد عندما يموّل من طرف المنظومة البنكية وحدها يكون هناك خطر على السيولة، علما أن كل من يلتحق بالبورصة من المؤسسات الاقتصادية يشترط التحلي بالشفافية على وجه الخصوص.
اقترح البرفسور والخبير المالي الهاشمي صياغ للذهاب للسوق الخارجية ضرورة وضع أرضية لكل من له القدرة للذهاب الى السوق المالي، للتوجه للسوق يجب مرافقة أخرى، مثل البورصة التي تحمي المستثمرين، مع ضرورة تكوين الناشطين، مع وجود من يسمح للبنك مقاسمة الخطر مع مؤسسة أخرى، إذا كان قرض مؤسساتي تكون شركات التأمين غير أنه في القرض الكلاسيكي بنك الجزائر يتحمل النصف إلى كل القرض، وهذا يعد مشكلا وإلى جانب غياب سوق مالي ثان، أي متعاملين في السوق آخرين غير البنوك، للمقترضين والمؤسسات إذا كانت الملفات مقبولة وصالحة، حيث يمكنها أن تمدّد آجال تسديد الديون.