طباعة هذه الصفحة

نور الدين زياني مكوّن نقابي لـ «الشعب»:

قائمة المهن الشاقة تعيد صيغة التقاعد المسبق لبعض القطاعات

حاورته: فضيلة بودريش

احتواء الاقتصاد الموازي يضمن لصندوق التقاعد توازنه المالي
المقترحات المتداولة مجرد سبر للآراء وتوسيع للنقاش

في ظل ما يحوم من تساؤولات حول ما تداولته بعض الأوساط مؤخرا، بشأن مراجعة نظام التقاعد في الجزائر، بادرت الشعب بتقصي الحقائق من خلال حوار مع نور الدين زياني ـ مكون نقابي بالاتحاد العام للعمال الجزائريين ـ، والذي تحدث بشكل دقيق عن صحة ما ورد من مقترحات، كاشفا أن جميع مؤشرات الصندوق الوطني للتقاعد باتت حمراء، وينبغي التحرك نحو فتح نقاش مستفيض وموسع للتعجيل بإصلاحات، يجب أن يحرص فيها على حماية مكاسب العمال، ولم يخف أن التقاعد المسبق سوف يحافظ على إدراجه مرة أخرى، من خلال قائمة المهن الشاقة التي لن يتخل عنها الشريك الاجتماعي عبر عدة مهن في عدة قطاعات، استنادا إلى 10 عوامل تؤخذ بعين الاعتبار. يذكر أن الوزير كان قد أكد عقب تسجيل حالة كبيرة من القلق في عالم الشغل نتيجة تسريبات أثارت جدلا واسعا، أن أي إصلاح محتمل لن يكون في المدى القريب، وإنما يتم العمل برؤية متوسطة وبعيدة المدى.

-  «الشعب»: ما مدى صحة ما تمت إثارته مؤخرا حول النية القائمة من إدراج تعديلات عميقة وجذرية حول نظام التقاعد، والتي رفعت من سقف تخوف عالم الشغل من فقدان العديد من المكاسب؟

  نور الدين زياني: يجب أن أوضح مسألة أن قانون التقاعد مازال لم يتغير، وسن الإحالة على التقاعد بالنسبة للرجال محدد بـ 60 عاما، بينما لفئة النساء 55 سنة وكل ما تم الحديث عنه لا يتعدى مقترحات ورؤى، حيث يقدر عدد المتقاعدين في الوقت الحالي نحو 3.2 مليون متقاعد يستفيدون من المعاشات، علما أن نظام التقاعد هو نظام تضامن بين الأجيال، وبشكل تلقائي عندما يكون نمو الاقتصاد وأدائه جيدا ينعكس ذلك على معاش المتقاعد، لكن بفعل الأزمة ووجود لاإستقرار وصعوبات اقتصادية، من الطبيعي أن يمس ذلك صندوق التقاعد، ومن المقترحات التي نراها فعالة وتحمي حقوق فئة المتقاعدين، من خلال إحداث التوازن في الصندوق الوطني للتقاعد، التوجه بسرعة نحو تأطير القطاع الموازي، على خلفية أنه ما لا يقل عن 45 بالمائة من العمال ينشطون في السوق الموازية ومن دون تغطية اجتماعية.
أما الخطوة الثانية أعتقد أن تسريع وتيرة نمو الاقتصاد، باتت حتمية لا تقبل أي تأخير، تحتاج إلى إرادة قوية من طرف السلطات والمتعاملين الاقتصاديين، ويتطلب الأمر كذلك جدية في التنفيذ على أرض الواقع، لأن كل المقومات للنهوض وتنويع الاقتصاد الوطني متاحة.
أشير إلى أن تفكير الجزائر في مراجعة نظام التقاعد لا يعنيها وحدها، بل جميع دول العالم تعاني اليوم من آثار العولمة، حتى أن أرباب العمل في العديد من البلدان، باتت ترى أن حقوق العمال من الحماية الاجتماعية على سبيل المثال صارت ثقيلة، وأعيد التطرق مجددا لمسألة العمل الدائم والمؤقت.

 مشاركة الفاعلين للخروج بتصوّر للمستقبل

-  هل بإمكانكم تقديم بعض مؤشرات عن الوضعية الحقيقية للصندوق الوطني للتقاعد؟

  لا أبالغ إذ قلت أن جميع المؤشرات يمكن وصفها بالحمراء، حيث تفتح مستقبل الصندوق على العديد من التهديدات، والتي تجبرنا على فتح النقاش الموّسع الموضوعي، بهدف أخذ فيما بعد القرارات الصحيحة والحاسمة، ولا أخفي أن العديد من المؤسسات أغلقت أبوابها في عام 2019 وهناك من يقدرها بحوالي 150ألف مؤسسة. وبالإضافة إلى كل ذلك يوجد كساد في التجارة.

-  برأيك ماهي الإيجابيات وأين موقع النقائص؟

  الجميع يعلم أن إدراج نظام التقاعد المسبق و النسبي جاء نتيجة ظروف اقتصادية معينة وبفعل ضغط «الأفامي في عقد التسعينات لجدولة الديون، ما أفضى إلى تسريح العمال وتقلص نسبة التوظيف وخوصصة المؤسسات الاقتصادية، مما أدى إلى إحالة عمال وأساتذة في عمر 50 عاما أي في أوج مرحلة العطاء، لكن الاتحاد العام للعمال الجزائريين، عقد ميثاقا مع الحكومة قبل إلغاء التقاعد المسبق من أجل إعداد قائمة للمهن الشاقة، تسمح للعامل بالحفاظ على مكسب التقاعد المسبق، وأنهى فريق عمل المهن الشاقة الذي يتكون من العشرات من الأطباء في مختلف التخصصات من بينها طب العمل والبيولوجيا الملف، وأدرجوا 10 عوامل يستند إليها في استفادة العامل من التقاعد المسبق في عدة قطاعات من بينها عامل  القلق وعامل الاهتزاز وعامل الغبار وعامل الحرارة وعامل الملوحة وما إلى غير ذلك، فنجد بعض الوظائف في مهن الصحة والتربية والصحافة والمطابع وعمال المناجم و..و..و... سيكون لديها الحق في التقاعد المسبق بعد عرض القائمة على النقاش في القمة الثلاثية المقبلة.

- ماهو موقف المركزية النقابية، مما أثير من مقترحات حول نظام التقاعد؟

  أوضح أن مشكل صندوق التقاعد يعد جديا ولا يعني المركزية النقابية وحدها بل الحكومة والمتعاملين الاقتصاديين معنيين به، ويوجد حوار اجتماعي في إطار الاحترام والانسجام والتفاوض، علما أنه جلب العديد من الحلول للاقتصاد، وفي ظل وجود العديد من المقترحات في الوقت الحالي، ينبغي تقاسمها للوصول إلى أحسن الخيارات وأفضل الحلول، وما أثير يندرج فقط في إنجاز عملية سبرا للآراء حول الموضوع لدى الرأي العام، غير أنه في ضوء الوصول إلى جمع المعطيات وضبط الأرقام وتحديد الأهداف ومشاركة جميع الفاعلين يمكن الخروج بمشروع تصور بالنسبة للمستقبل.

   الميزانية العائلية كشفت أن راتب أسرة من خمسة أشخاص لا يقل عن 95 ألف دينار

-   ماهو تعليقكم لما تم تناقله إعلاميا حول تسجيل حالة اختلاس ممنهجة مسّت صندوق تقاعد لولاية البليدة.. هل هذا بسبب غياب الحوكمة وترشيد استعمال الموارد؟

 لا يمكني التعليق لأن صندوق التقاعد لديه إطارات ومجلس إدارة، وأشير إلى أنه لصندوق الضمان الاجتماعي لديه ديون مستحقة لدى العديد من الهيئات والوزارات «دفع الاشتراكات لمستحقيها لسنوات، ولو تبادر مختلف القطاعات والهيئات لتسوية ديونها المتراكمة، يمكن للصندوق أن يستعيد حالة التوازن ويذهب إلى نوع من الأريحية في إدارة وتسيير موارده، وللأسف العامل العادي من يسدد الاشتراكات.

-   كيف تنظرون في المركزية النقابية إلى القدرة الشرائية لفئة المتقاعدين، وهل هناك امكانية لمراجعة اقتطاعات الضريبة على اجمالي الدخل؟

  يمكن اختزال إجابتي في كوننا في الاتحاد العام للعمال الجزائريين قمنا، خلال شهر جانفي 2019، بتحقيق ميداني لإعداد ميزانية عائلية للأسرة الجزائرية في العاصمة، وتم التوصل إلى أن راتب أسرة جزائرية تتكون من ثلاثة أطفال والأب والام لا ينبغي أن يقل عن 95 ألف دينار، بينما راتب 55 ألف دينار يغطي فقط نفقات الخبز والحليب وبعض الأساسيات. وللأسف رغم ان العامل لا يغش ويعد الوحيد الذي يدفع اشتراكاته بانتظام، لكن الدولة لا يمكنها الاستغناء عن الايرادات الجبائية، لذا أدعو إلى إرساء سياسة جدية شفافة وفعالة حتى ما تعلق بالضريبة على إجمالي الدخل.

-   لماذا لا يتم استثمار جزء من موارد صندوق التقاعد؟

  إن الإنعاش الاقتصادي وحده من يعيد الحيوية والنشاط لصندوق التقاعد، وحان الوقت لإعادة الاعتبار لقيمة العمل، وفي العديد من الدول نجد أن صندوق التقاعد يستثمر الأموال على سبيل المثال في قطاع الصناعة حتى تكون لديه مداخيل إضافية تغطي أي عجز.