طباعة هذه الصفحة

الخبير عبد الحق لعميري لـ «الشعب»:

تغيير نمط استعمال أموال الادخار واعتماد الذكاء الاصطناعي

أجرى الحوار: سعيد بن عياد

 في الصين هناك صندوق للضبط يتكفّل بالمؤسسات العاجزة والمفلسة

دعا الخبير عبد الحق لعميري إلى العمل على تطوير منهجية استعمال الأموال قبل الحديث عن تنمية الادخار الذي تتوفر فيه البلاد على موارد متاحة. وأكد على أهمية اعتماد الذكاء الاصطناعي في النهوض بالقطاعات المنتجة مثل الزراعة والصناعة والخدمات، وحمّل المسؤولية لكافة المتدخلين في الاقتصاد لعدم انجاز أهداف النمو المطلوبة. كما قدم في حوار لـ «الشعب» على هامش لقاء الادخار، رؤيته حول عدد من القضايا التي تثير الجدل في الساحة، وإليكم الحوار كاملا:
«الشعب»: كيف يمكن تنمية الادخار في ظلّ أزمة مالية قائمة؟
عبد الحق لعميري: هناك مسألتان واحدة تخص التطوير والأخرى الاستعمال. التطوير تعني معرفة أسباب تطوير الادخار الذي له علاقة بالدخل ما ينتظره الشخص أو العائلة من أهداف محددة مثل اقتناء سيارة أو منزل أو الذهاب إلى العمرة ناي هناك عوامل تحدد موقف الادخار. يمكن تطوير الادخار من خلال عوامل عديدة مثل توفير منتجا في مجال التمويل الإسلامية تمّت ملاحظة أكثر من نصف الساكنة لا يودعون أموالهم في البنوك لاعتقادهم أنها ليست «حلال»، لذلك لا بد من تطوير هذا الاتجاه والتكيف مع الواقع. كما يمكن اللعب على سعر الفائدة مع إعطاء ثقة أكبر للبنك في ظل رصد مواقف تثير قلة الثقة في البنوك والجانب الأكثر أهمية أيضا تسيير البنوك نفسها، بحيث يجب أن تكون أكثر سهولة في التعامل معها وجعل الزبون يشعر أنه يسحب أمواله مثلما يريد وفي الوقت الذي يريد وكذا تسهيل عمليات الشراء والبيع الالكتروني بواسطة هاتف ذكي ليتأكد الزبون أن أمواله جاهزة في البنك ويستعملها في أي وقت يريده. إلا أن هناك عوائق كثيرة بسبب طغيان الجانب البيروقراطي على الجانب الممارسة البنكية الاحترافية. لكن اعتقد ما لم نتطرق إليه حول الموضوع  وهو هام جدا أكثر من الادخار ويتعلّق الأمر بالمدى الطويل تاريخيا لم يكن للجزائر مشكل في الادخار بل لدينا أكثر ادخار مما هو لازم ولدينا أموال وسيولة، لكن المشكلة تكمن في عقلانية استعمالها، لذلك لو نبقى بنفس النمط والتسيير مهما كان حجم الادخار سوف نحسره، لقد كان ادخار بحجم 1200 مليار دولار ماذا فعلنا بها، لذلك يجب تغيير نمط استعمال تلك الأموال من خلال انتهاج مسار الذكاء الاصطناعي الذي يقود إلى تطوير القطاعات المنتجة علميا مثل الزراعة وهو ما أهملناه وأردنا أن نتطور بدون علم وبدون تمويل للعلم والتكوين. ينبغي أن نشتغل على الجانبين لتطوير الادخار وفي نفس الوقت كيف تحسين استعماله حتى ينعكس إيجابا على تطوير الزراعة والصناعة والخدمات وكذا التصدير والنمو الاقتصادي عموما، أما أن نطوّر الكتلة المالية فقط لتمنح للمؤسسات أو الإدارات فنسقط حتما في نفس الفخ الذي وقعنا فيه في الماضي.

- كخبير وصاحب رؤية دقيقة، هل نستطيع الخروج من هذه المعضلة المالية التي تمر بها البلاد؟
 لحد الآن لا يمكن فلازلنا لم نضع التنظيمات والأسس الصحيحة لبناء اقتصاد فعّال ونتحوّل بذلك إلى بلد صاعد يسر على درب النمو.

- برأيك من المسؤول، المؤسسة الإنتاجية أم البنوك؟
 الجميع يتحمّل المسؤولية، غير أنه ينبغي أن تنظم الدولة أمورها لتطغى على المحيط الاقتصادي وتتحكم فيه، حتى يحسن من فعاليته، وذلك من خلال وضع خطة إستراتيجية علما أننا بلد يفتقر إلى خطة إستراتيجية ونعيش بقانون المالية، لذلك لا بد من تغيير المحيط برمته وفقا لهندسة شاملة حتى يصبح الاقتصاد فعّالا.

- على ذكر قانون المالية ما هي قراءتك لمؤشرات مشروع هذا القانون؟
 لهذا القانون جوانب ايجابية وأخرى سلبية، اولا أنه يقلص من التكاليف والأعباء والنفقات، ولكن في نفس الوقت يجب تعويض ذلك النقص بزيادة في الاستثمارات الفعّالة ولو لا يتم تعويض ذلك الفارق تنقص حتما الفعالية الاقتصادية ونصبح في أزمة مرهقة مثل البطالة وغيرها. صحيح نعيش أزمة نقص الموارد المالية لتمويل الميزانية ولكن لا بد من زيادة في الاستثمارات لتأمين تعويض فارق النقص في الإنفاق، خاصة الاستثمارات المنتجة.

- أمام الصدمة التي حصلت في المدة الأخيرة في عالم المؤسسات، هل المتعامل الإرادة للانتقال من مرحلة الصدمة إلى المبادرة بالاستثمار؟
 دائما في حالة كما هي اليوم عندنا من أزمة اقتصادية سياسية وغيرها من الصعب التحول ولا بد من المرور بهذه المرحلة، غير انه ينبغي مواجهتها بالتخطيط المحكم والنظر كيف نضاعف من التمويل انطلاقا من نفقات الدولة لأن القطاع العام هو المهيمن في مجال البنوك وعليها أن تعطى لها موارد أكثر لكي تستثمر خاصة في القطاع الخاص والقطاع العام الفعّال والمنتج ومساعدة القطاع الخاص لينمو وتقليص حجم الضرر.

- حديث كبير يدور حول مشروع عديل قانون المحروقات ما هو موقفك من زاوية رجل اقتصاد؟
 صراحة الوقت غير مناسب والأفضل أن نترك الأمور تهدأ وينتخب رئيس جديد وتتشكل حكومة أخرى، وبعدها سوف يكون هناك حوار بين الخبراء والجمعيات للخروج بنص تشريعي مقبول من طرف كافة الشركاء، بحيث لا يعقل إصدار قانون لفترة وجيزة، فلا داعي لقانون في وقت ينتظر فيه قدوم حكومة أخرى بعد ثلاثة أو أربعة أشهر.

- مؤخرا دار حديث عن وجود خطة لإعادة تقييم أصول الأملاك العمومية، لماذا هذه العملية وهل تعتقد أنها تقود إلى الخوصصة، وهل هي حتمية اليوم في نظرك؟
 المفروض هذه عملية تطبق في كافة الدول بحيث كل عشر سنوات يعاد تقييم الأملاك العمومية وهي فعلا تسهل عملية الخوصصة، لكن لا أدري لماذا في الجزائر نخشى الخوصصة. لماذا لا نعمل مثل البلدان التي نجحت في هذا المجال بحيث لا يكون تمييز بين القطاع العام والقطاع الخاص، فإذا كانت مؤسسات عمومية فعالة وأصولها مسيرة كما ينبغي تبقى عامة وتمنح لها قروض لتواصل تطورها، ولكن إذا كانت غير مستعملة عقلانيا وعاجزة لماذا لا نعطيها للخواص الذين يمكنهم تحسين أوضاعها. المشكل غير موجود لدى الصينيين في هذا المجال وتجاوزا عقدة الخاص والعام حيث يشجعون مؤسسة عمومية بقروض والتوجه للاستثمار في الخارج وتشتري مؤسسات وإذا فشلت يتم خوصصتها.

- الطريقة الناجعة، هل الخوصصة إداريا أو عبر البورصة؟
لا، في الصين لديهم طريقة أخرى أحسن، فلديهم صندوق للضبط يتكفل بالمؤسسة المعنية حتى لا يترك العمال بدون نشاط مهني ولا يترك الأملاك معطّلة، علما أن المؤسسة لها أموال ولديها خبرة فيتم تجزئتها وبيعها بحيث لا يفقد أي عامل منصبه فيوجه إلى مؤسسات أخرى ويتم هندسة العملية بدقة وهذا ما ينقصنا نحن، أي غياب جهاز لضبط التصرف في المؤسسات العاجزة أو المفلسة.

- هناك ما يعرف بالمؤسسات التي أصحابها متورطون في جرائم فساد، وقد عيّن لها متصرفون إداريين، لكن لا نرى في المشهد مؤشرات لنتائج تلوح في الأفق؟
 الإداري يقوم بتسيير الوضع في المدى القصير ولا يمكنه رسم إستراتيجية وتسجيل استثمارات والبحث عن شراكات، فهو يواصل النشاط إلى حين اتضاح الرؤية لتعيين مسيرين آخرين لديهم الخلفية المناجيريالية. لذلك لا ننتظر تحسينات ولو يمكنهم الحفاظ على وتيرة النشاط للمؤسسات يمكن اعتبار العملية ناجحة.