طباعة هذه الصفحة

التكوين لتفعيل رقابة مجلس المنافسة

دعوة لإصدار المراسيم التنفيذية لقانون التجارة الإلكترونية

فضيلة بودريش

بالنظر إلى الأهمية التي بات يكتسيها الاقتصاد الرقمي، في خلق القيمة المضافة وتسريع وتيرة نمو الاقتصاد، توجد الجزائر في قلب تحديات مواكبة مختلف المستجدات بما فيها الالتحاق بركب الرقمنة، من خلال استحداث نسيج معتبر من المؤسسات الناشئة في هذا المجال «ستارتاب»، وكذا تجنب مختلف الآثار السلبية على الاقتصاد الرقمي، ويتطلب ذلك تحيين مجموعة من النصوص التشريعية كخطوة أولى على غرار قانون المنافسة وقانون حماية المستهلك وقانون حماية المعطيات، علما أن الجزائر منذ عقد السبعينات كانت من بين الدول القليلة التي كانت متطوّرة في مجال الإعلام الآلي، ويعدّ لها الفضل الأول في إدخال الاعلام الآلي لليونسكو والأمم المتحدّة، فكيف يمكن كسب الرهانات القائمة وامتصاص مختلف التحديات بحلول سريعة وفعّالة؟. علما أن مجلس المنافسة في حاجة التقنية اللازمة للقيام بالتحقيقات المتعلقة بالاقتصاد الرقمي.

استفاض خبراء جزائريون وأجانب في مناقشة «إشكالية المنافسة في سياق الاقتصاد الرقمي»، الذي نظّمه مجلس المنافسة، على خلفية أن الاقتصاد الرقمي خاضع بشكل كبير لتأثيرات عديدة من بينها التعديل الهيكلي على صعيد توزيع المناصب مع فرض تحديات جديدة لقانون العمل، وفي ظلّ تطبيق قانون المنافسة، تصبح الأدوات التقليدية لهذا القانون مكيّفة لهذا القانون، بهدف المكافحة الفعّالة لسوء استغلال وضعية الهيمنة، لكن عملية تشخيص مثل هذه الوضعيات، يصبح معقدا بسبب الاقتصاد الرقمي، الذي يرتكز على الأسواق المزدوجة واستغلال البيانات الكثيرة.
قدم علي كحلان نائب رئيس نادي الحركة والتفكير حول المؤسسة العديد من التفاصيل حول جوهر «أنظمة السيادة والمنافسة، حيث اعترف في البداية بأن الاقتصاد الجزائري كان مراقب ومتحكم فيه بشكل يمنع تسرب أي آثار سلبية عليه في عقد السبعينات ثم بادرت الجزائر لتكون أول من أدخل الإعلام الآلي لليونسكو والأمم المتحدة وأول مدير للإعلام الآلي في اليونسكو كان جزائري ما بين 1982 و1983، وأول من عرب الكومبيوتر كان العالم الجزائري بشير حليمي، مبديا قناعة أنه ينبغي رفع توصيات إستعجالية للرئيس المقبل ويتصدّرها مراجعة النصوص التشريعية.

المستهلك   يتكبّد خسائر التجارة الالكترونية

رافع زكي حريز  رئيس الفدرالية الجزائرية للمستهلكين عن أولوية التكوين التكوين لمواجهة مختلف التحديات، مقترحا في سياق متصل استفادة إطارات مجلس المنافسة وإطارات جمعيات حماية المستهلك من التكوين، بالشراكة مع مجلس المنافسة، بهدف توفير حماية أكبر للمستهلك، أما بخصوص الجانب التشريعي أوضح أن قانون التجارة الالكترونية صدر منذ سنتين، لكن المراسيم التنفيذية مازالت لم تصدر، وبالتالي لم تطبق، بسبب ذلك أبدى تخوّفا كبيرا على المستهلك خاصة كل ما يتعلّق ببياناته الشخصية، وذكر أنه توجد العديد من الحيل في الأرضيات الالكترونية التي تقدم خدماتها وتعرض بضائعها، وأبدى حرصا لتوفير الحماية الجيدة للمستهلك كون التعويض يعد أمرا صعبا أي في مجال التجارة يكون محفوفا بالمصاعب والخسارة يتكبدها المستهلك المتضرّر في التجارة الالكترونية.
وأكد أنهم يتطلّعون حتى تكون الهيئات الحكومية ملمّة بالخبرات اللازمة للوقوف على مختلف التجاوزات التي تسجل معترفا في نفس المقام بتسجيل بعض من شكاوي المستهلكين، لكن عملية اكتشاف الخلل في الممارسات والمبادلات أو والبيع والشراء فإن المهمة صعبة، بل وتحتاج إلى خبرات وتجارب الدول التي سبقتنا في هذا المجال، لنتمكن من مواجهتها بشكل فعّال.

 مرصد للاقتصاد الرقمي

من جهته توفيق بسعي أستاذ بكلية الحقوق تحدث عن وجود قوانين مجلس المنافسة، المجلس القادر حسب تقديره بفضل صلاحياته التنظيمية، أن يتدخّل عندما يسجل أي تعسف أو كل ما يتعلّق بسلوكات الهيمنة، حيث يمكنه أن يصدر تنظيمات كفيلة بوضع حدّ لتعسفات المنافسة، وتكون متوافقة مع المجال الرقمي، وقال بسعي أن قانون المنافسة الجزائري يتضمن قواعد كفيلة بحماية المنافسة في المجال الرقمي مثل مبدأ ضبط السوق أي يمكن الحفاظ على الميزان في السوق، واغتنم الفرصة ليدعو مجلس المنافسة إلى تحيين معلوماته، لأنه يرى أن مجلس المنافسة بمثابة مرصد للاقتصاد الجزائري، وبالموازاة مع ذلك لديه القدرة على معالجة ودراسة السوق الوطني لمعرفة مختلف العناصر في الاقتصاد، وذكر أن الاقتصاد الجزائر فتي والمعلومات حوله غامضة نوعا ما، ولكن أشار إلى أنه من خلال نتائج الدراسات وبفضل القوانين المتوفرة يمكن ضبط السوق.
يوجد الاقتصاد الجزائري في الوقت الحالي إلى حاجة ماسة إلى الاقتصاد الرقمي ومن أجل مواجهة مختلف التحديات والآثار السلبية، جاءت دعوة الخبراء واضحة وبإجماع من أجل إعادة النظر في الإطار القانوني لثلاث قوانين، أي قانون المنافسة وقانون حماية المستهلك وقانون حماية المعطيات، لأنه ثبت أن الشركات المتعدّدة الجنسيات في أوروبا تعرض خدمات مجانية، لكن بعد حصولها على البيانات تتحوّل إلى بيع خدماتها وتارة أخرى تستعمل هذه البيانات.
إذا يعد تعديل الأطر القانونية الخاصة بالمنافسة وحماية المستهلك وحماية البيانات أمرا حتميا لا مفر، خاصة ما تعلّق بمراجعة قانون المنافسة بهدف منع جميع أشكال التعسف في استغلال وضعية الهيمنة من طرف قاعدة البيانات ومع ضمان وصول جميع المؤسسات إلى مختلف الأسواق طبقا لمبدأ تكافؤ الفرص، ويمثل تكييف الإطار القانوني لوقاية ومكافحة الممارسات المنافية للمنافسة بما يخدم الاقتصاد الرقمي، حيث سبقتنا العديد من الدول المتأثرة في أوروبا وآسيا في تعديل ترسانتها التشريعية.