طباعة هذه الصفحة

مهماه بوزيان الخبير في الشؤون الطاقوية:

تعميق خفض «أوبك+» للإنتاج إلى 1.7 مليون برميل يوميا قرار صائب

حاورته: فضيلة بودريش

 ممارسة الجزائر لحق الشفعة في أناداركو موقف سيادي وليس سياسيا

قدم بوزيان مهماه الخبير في شؤون الطاقة قراءة دقيقة ومستفيضة عن نتائج الاجتماع الأخير «لأوبك+»، وسلط الضوء على مستقبل الاستثمارات النفطية في الجزائر والعالم في ظل التذبذب الذي تشهده أسعار النفط، وتطرق بسلسلة من التوضيحات إلى ممارسة الجزائر لحق الشفعة في أصول «أناداركو» التي اختفت عن السوق العالمية بعد اندماجها وذوبانها في شركة «أوكسيدونتال» في حقل حاسي بركين.
- الشعب: ماهي قراءتكم لنتائج اجتماع «أوبك+» الأخير بفيينا..هل يمكن أن تؤثر النتائج في في تحقيق التوازن للسوق النفطية و تصحيح الأسعار؟
الخبير في شؤون الطاقة مهماه بوزيان: أعتقد بأن قرار تعميق خفض الإنتاج من 1,2 مليون برميل يوميا، إلى 1,7 مليون برميل يعد قرارا صائبا بل وضروريا، خاصة في ظل وجود تلميحات بإمكانية تعميق الإنتاج أكثر من هذا المستوى. بالنظر إلى حالة الأسس التي تحكم السوق النفطية وتضبط أسعار برميل خام النفط، ومن بينها وضعية الاقتصاد العالمي وتيرة نموه سواء من حيث نشاطات الصناعية والإنتاجية ونمو سوق العمل وحالة الوظائف، نجد أن التقييمات التي أوردتها تقارير مختلف المؤسسات المالية والبنكية تشير إلى استمرار حالة التراجع في النمو العالمي ونسبه، ومما ينذر في المدى القريب والمتوسط بأزمة اقتصادية عالمية، قد تكون أسوأ من أزمة 2008، بالإضافة إلى عدم وجود دلائل قوية مطمئنة بإمكانها خفض النزاع التجاري بين أقوى اقتصاديين عالميين، أي الاقتصاد الصيني واقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية، رغم  تسجيل بعض المؤشرات الايجابية التي باتت توحي بإمكانية حصول تفاهم واتفاق حتى وإن كان جزئيا، لذا فإن هذه الشكوك تزيد من تغذية حالة التعثر لنمو الاقتصاد العالمي وتطيل من أمد ركوده، دون أن نغفل وصول إنتاج النفط الأمريكي إلى مستويات قياسية، رغم كل الصعوبات المالية التي يعيش فيها المنتجون الصغار، بسبب النفط الصخري الأمريكي وتوقف العديد من الحفارات، ولكن التحسينات التكنولوجية وارتفاع مردود سلسلة الخام الصخرية، رفع من سقف الإنتاجية، في ظل التقدم الواضح في خفض التكاليف، إضافة إلى توقع زيادة الإنتاج النفطي من خارج أوبك بنحو 2.3 مليون برميل في 2020 بما يزيد 1.1 برميل عن التخفيضات السارية، التي أقرتها أوبك وشركائها في السابق إلى غاية شهر مارس 2020، مع بقاء مستوى المخزونات الجارية الأمريكة من خام النفط إلى متوسط خمس سنوات، إذا  كل هذه العناصر غذت قناعة لدى غالبية أعضاء أوبك وشركائها، بأنهم من الضروري الذهاب إلى إقرار تخفيضات جديدة محسوسة في مستوى إنتاجهم كمجموعة، لذلك تم اقتراح إجراء تخفيضات أخرى بنحو 500ألف برميل يوميا من طرف لجنة المتابعة الوزارية بما يرفع حجم التخفيضات السارية إلى غاية الربع الأول من عام 2020 إلى 1.7مليون برميل يوميا، مع الحرص لمزيد من الامتثال للسقف المحدد من التخفيض لكل دولة على حدى واعتقد أن القرار الأخير المتخذ من طرف «أوبك+» نهاية الأسبوع  باتخاذ المزيد من التخفيض وإمكانية تعميق التخفيضات أن تطلب الأمر ولو بصورة طوعية اعتقد أن هذا الإجراء اقترحناه ودعونا إليه كخبراء أوبك وشركائها ولعل  عدة مرات.

   متوسط سعر برميل النفط 63 دولارا في 2020

- سجل لأول مرة خلال الأسبوع الماضي، تراجع في المخزون النفطي الأمريكي، مما أسفر عن ارتفاع طفيف في الأسعار..هل تتفقون مع الاتجاه الذي يتوقع عدم صمود الإنتاج الكبير في النفط للولايات المتحدة الأمريكية، بداية من السنة المقبلة؟
 من المؤكد أن طفرة النفط الصخري الأمريكي، التي سيطرت على أسواق الطاقة، أسفرت عن تسجيل وجود ضائقة مالية وتشغيلية خطيرة، وكلها دلائل على بروز ملامح أزمة متنامية، قد تعصف بهذه الصناعة بالنسبة لصغار المنتجين، الذين لم يعد بمقدورهم الاستمرار في تحمل مخاطر كبيرة في حقول النفط الصخرية، مع إعادة جدولة ديونهم، ولم يعد بإمكانهم احتمال البقاء على قيد الحياة، بعد التباطؤ الطويل في النفط الصخري مع جفاف الأموال المنخفضة التكلفة، المتأتية من المصرفيين والمستثمرين. على خلفية أن إنتاج النفط الأمريكي الذي شهد في السنة الماضية، نمواً هاماً بنسبة 7 في المائة، فإنه خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري 2019، يزداد نموه بمعدل أبطأ بكثير مقارنة بالعام الماضي، وبسبب بقاء أسعار النفط عالقة داخل «التجويف السعري» وفي نطاق التداول الضيق له، فقد مس الإفلاس شركات الحفر الصغيرة، بما أدى إلى تعليق عمل العديد من الحفارات، وتسريح العمال، بما أعطى منحى لنشاط الحفر الذي يشهد انحسارا واستمرارا في الانخفاض. لكن في المقابل تبقى الشركات العملاقة على غرار «إكسون موبيل» و «بشيفرون» من أنجح الشركات في مجال أعمال الحفر الصخري، حيث تتمتع هذه الشركات الرائدة عالميا بالقدرة على جني الأرباح في الأحواض الأمريكية الأكثر غزارة في إنتاج النفط والغاز في العالم، وكذا قدرتها الكبيرة على التكيف مع ميزة الأسعار المنخفضة، التي أصبحت تطبع أسواق الطاقة وغدت معياراً جديدا، من خلال خفضها بفضل التطوير التكنولوجي، إلى خفض تكلفة في الأعمال التجارية إلى مستويات منافسة للخام التقليدي. وعلى سبيل المثال فقد ظهرت شركة «إكسون موبيل» مؤخراً مبتهجة، ومرد ذلك أنها تسجل نجاحا مستمرا للشركة في النفط الصخري، وهذا ما رفع من أسهمها، إضافة إلى اكتشافاتها النفطية العملاقة قبالة سواحل غيانا. كما أن مؤسسة (BofA) اختارت شركة إكسون موبيل كأفضل شركة نفط أمريكية لعام 2020، معتبرة أن أسهمها قد ترتفع بنسبة 50 في المائة، مع استمرار الإنتاج في الارتفاع وتسارع النمو.
أعتقد بأن العوامل الهيكلية الأساسية للسوق العالمية، مثل حالة نمو الاقتصاد العالمي الذي يشهد مزيجا من التباطؤ، واستمرار الحرب التجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، وارتدادات ذلك، وبالإضافة إلى توقع زيادة الإنتاج للخام النفطي من خارج أوبك بـ 2,3 مليون برميل، والمتأتي خاصة من البرازيل والنرويج، ستكون كل هذه العوامل، المحدد الأساسي لأسعار برميل النفط، حيث تتراوح التوقعات لمتوسط سعر برميل الخام القياسي العالمي البرنت، خلال السنة المقبل 2020 بين الـ 60 دولار و الـ 63 دول.

أهمية الاستقرار والدينامكية

-  من المقرر أن تترأس الجزائر منظمة «أوبك» بداية من مطلع جانفي المقبل هل هذا من شانه ان يحقق المزيد من ابمكاسب للدول المنتجة اي على صعيد الاسعار وكذا التوافق بين الشركاء. .وما الدور المنتظر من الجزائر؟
- من المهم الحديث عن إمكانية تعميق التوافق أكثر بين أسرة منظمة «أوبك» وشركائها، حيث أن الجميع يدرك المكانة المعنوية التي تحظى بها الجزائر والاحترام الكبير الذي تقابل به من طرف أوبك وشركائها تتصدرهم روسيا، لأن هذه الثقة والمكانة المعنوية، تعد أكبر بكثير من حصة الجزائر من الإنتاج على مستوى اوبك، والتي تزيد عن مستوى 3 بالمائة و في حدود 1 بالمائة من الإنتاج النفطي العالمي، وأعتقد أن دولة ما بهذا الحجم الإنتاجي لا يمكن أن تكون مؤثرة، ما لم تكن لها أرصدة قوة أخرى خاصة على المستوى السياسي وكذا المواقف في الكثير من المحطات التاريخية، التي جعلت من الجزائر طرفا حكيما برؤية ثاقبة وموثوقا فيه، تلجا إليه أسرة أوبك وشركائها، ولعل هذا المسار الذي أطلقنا عليه مسار الجزائر، والذي بات يتعمق من يوم لآخر، حيث نهاية الأسبوع الماضي تعمق أكثر بخفض الإنتاج، بغية إعطاء دعم لسعر برميل النفط ودفعه سريعا للارتفاع إلى مستوى ال 70 دولار للبرميل، على الأقل مع نهاية العام الجاري أو بداية السنة المقبلة، لعل ذلك سمح باسترجاع وتيرة الصعود لسعر برميل النفط خلال شهر ديسمبر من السنة الماضية، علما أن الجزائر من خلال هذه المهمة الرسمية، التي ستوكل لها أنه بإمكانها تعضيد التوافق وتقرب وجهات النظر، والعامل الأكبر المساعد لأداء هذا الدور التاريخي بالنسبة للجزائر مع أوبك، والتوافق مع الدول الشركاء من خارج أوبك، يتمثل في ضرورة وجود استقرار على رأس قطاع الطاقة، لأنه لو ننظر إلى بقية الشركاء في أوبك وخارجها على سبيل المثال وزير الطاقة الروسي، الذي بقي على رأس الوزارة لسنوات طويلة، وشهد مسار الجزائر منذ بداياته، بينما لدينا وقعت تغيرات كثيرة على رأس قطاع الطاقة، أظن أنه إذا أردنا تثمين أرصدة القوة التي نمتلكها، ينبغي أن يكون هناك استقرار ودينامكية على مستوى قطاع الطاقة، وهذه الدينامكية  سوف يمنحها قانون المحروقات الجديد، لكن الاستقرار على مستوى المؤسسات السيادية الحساسة ضروري، لأن وزير الطاقة سيكون ممثل الجزائر ورئيس أوبك للسنة المقبلة، حيث يجب النظر بعمق من اجل الذهاب سريعا بعد الانتخابات الرئاسية المقبلة، لتحقيق الاستقرار والدينامكية اللازمة.  

تفعيل قانون المحروقات الجديد

- ماهو مستقبل الاستثمارات النفطية إذا استقرت الأسعار في حدود  60 دولارا خلال السنة المقبلة كما يتوقع أغلبية الخبراء..وما المطلوب من سونطراك لتجاوز التحديات الراهنة في صدارتها رفع الإنتاج والرفع من الاحتياطي في نفس الوقت؟
  تسجل في الوقت الحالي مخاوف كبرى بالنسبة لحالة الاستثمارات في قطاع الطاقة وفي الحقول العالمية النفطية، خاصة مع توقعات بقاء برميل النفط في متوسط 60 و63 دولار خلال العام المقبل، وأرى أن هذا يمكن أن يعطي إمكانية الهيمنة للشركات الكبرى العالمية الكبرى والرائدة، والتي تمتلك مرونة كبرى في التمويل وقدراته في حشد الاستثمارات، وهذه الشركات وصلت إلى حد عال من الجودة والتحكم وتخفيض التكاليف، والتحدي اليوم في الاستثمار لدى الشركات والمؤسسات الصغيرة والمستثمرين الصغار لدى الدول الرأسمالية، التي يخضع فيها المساهمون والمستثمرون إلى دورة خدمات الديون والإقراض من البنوك والمؤسسات المالية، ويبدو أن السنة المقبلة ستكون سنة مخاطر كبرى بالنسبة للاستثمار وللمؤسسات النفطية، لذا سونطراك أمامها تحديات كبرى على عدة مستويات، والتحدي الأكبر اليوم يكمن في ضرورة نجاحها في تجسيد نموذج أعمال تجارية الذي يحتاج إلى حشد الموارد المالية والموارد البشرية المؤهلة ووقف نزيف الإطارات إلى خارج البلد وإلى الشركات النفطية المنافسة في الخارج.
أما التحدي الثاني يتمثل في تفعيل قانون المحروقات الجديد، الذي يعطي الميكانزمات القانونية والوضوح والاستقرار التشريعي الجذاب للاستثمارات الأجنبية، خاصة لتوسعة رقعة الاستكشافات بغية الذهاب للرفع من احتياطاتنا ومضاعفتها بالنسبة النفط أو الغاز أو المكامن غير تقليدية أو حتى بالنسبة المكامن البحرية.
في حين التحدي الثالث يتمثل في أن سونطراك أمامها تحدي  التجسيد الفعلي لمسعى التنويع في الشركاء، حيث لا تقتصر شراكتنا مع الأجانب في حقولنا النفطية والطاقوية، على شركائنا الأوروبيين لكن ينبغي بالموازاة مع ذلك جذب شركائنا من أمريكا وروسيا وشرق آسيا ومختلف الدول، هذا التحدي آساسي لسونطراك حتى تستطيع الرقي لتكون الفاعل الأساسي داخليا وتتموقع في السوق العالمية. وجوهر التحدي يتمثل في التمويل لأن سونطراك أمامها فرصة الذهاب في تنويع قدراتها أي في حشد الموارد المالية، والتنويع في أنماط التمويل المالي في حد ذاته، وبالتالي تنويع السلسة الطاقوية من المنبع إلى المصب، أي تنويع النشاطات الاستكشافية التقليدية وغير تقليدية والبحرية وعلى مستوى الأنابيب، الذي هو حكر لسونطراك والتنويع في المصب من حيث التنويع في الصناعات البتروكيماوية، والصناعات التحويلية، وكلها تحديات كبرى لسونطراك وفي ظل مخاطر الاسواق الوطنية، يجب تعضيد مسعى سونطراك من طرف المجموعة الوطنية داعمة للتوجهات الوطنية الإستراتجية لسونطراك، من خلال تعزيز نشاطات سونطراك من طرف المجموعة الوطنية.
- كيف ترون ممارسة سونطراك لحق الشفعة «أناداركو»؟
 بخصوص مسألة ممارسة الجزائر لحق الشفعة من خلال وزير الطاقة، ينبغي التذكير أن ما قام به وزير الطاقة، تدخل ضمن مهامه أي إنه المعني بالدرجة الأولى، لأنه في حالة انسحاب أحد الشركاء ضمن عقد ما، فإن وزير الطاقة المخول باتخاذ أي قرار من هذا القبيل، سواء بممارسة حق الشفعة أو السماح بدخول شريك جديد لتعويض شريك سابق، لذلك أعتقد أن ما قام به وزير الطاقة يندرج ضمن كونه أنه مارس الحق السيادي للدولة الجزائرية على ثرواتها الباطنية، وأذكر أن قبل ذوبان أناداركو من الساحة الطاقوية العالمية، قامت أنادركو بالذوبان والاندماج في شركة أوكسيدونتال، أي باعت كل أسهمها على مستوى العالم، بما فيها أصولها بإفريقيا والجزائر، إذا الموضوع تجاري تم بين شركتين أمريكيتين، لذا أعلمت أناداركو وزير الطاقة الجزائري أنها باعت أصولها في الحقول الجزائرية لاوكسيدونتال، وكان من مهمة وزير الطاقة ممثل للدولة الجزائرية، أن يطلب كل المعلومات والتوضيحات والوثائق حول عملية البيع، حتى يتأكد من سلامة العملية للمصالح الجزائرية، وبأنها لا تمس أساسا بالعقد بين سونطراك وأناداركو، الذي يمتد على مدى 30 سنة، أي منذ عام 1989، لأن هذا العقد رباعي الأطراف و تم في إطار قانون المحروقات لعام 1986، وكان هذا العقد يضم سونطراك بأسهم 51 بالمائة وأنادركوا ب24.5بالمائة، وماسكون النرويجية ب12.25 بالمائة، وإيني الايطالية بـ12.25بالمائة، لذلك بعد اضطلاع الجزائر على الوثائق تم تبادل للمعلومات بين الطرفين، لنصل خلال الأسبوع الماضي وبعد دراسة جميع التفاصيل، إلى اتخاذ الجزائر لموقفها السيادي ضمن القانون الجزائري، واحترام معايير وقواعد القانون الدولي في مجال العقود النفطية، حيث قررت ممارسة حقها السيادي الكامل، أي الثروات الباطنية ملك للأمة الجزائرية وسونطراك مفوض للمجموعة الوطنية لتثمين الموارد الباطنية، وأحيل لسونطراك تعليمة للشروع في المشاورات التقنية والتقييم التقني، للاستحواذ على أسهم وأصول استثمارات أناداركو في حقل حاسي بركين، وبدات المرحلة الفعلية وسونطراك تتعامل مع الملف في جانبه التقني والتجاري، وبالنسبة للقرار السيادي، اتخذ من طرف وزير الطاقة، إذا  إنه اتخذ موقف سيادي وليس سياسي، وبات التحدي أمام الجزائر، يتمثل في حشد الموارد المالية عن طريق سونطراك، لسداد حقوق الشريك المنسحب أناداركو الممثل في «أوكسيدونتال»، أي  الانسحاب لم يكن  عاديا، أي التغيير في هيئة التحكم بعد اختفاء أناداركو من الساحة الطاقوية العالمية، من خلال البيع الاندماجي. بسبب ذلك فإن سونطراك لن تتعامل مع الملف من جانب الشفعة التعاقدية، وإنما من جانب الشفعة السيادية، التي تمنحها الحق القانوني في إعادة تقييم الوضعية لصالح الجزائر.
وبالموازاة مع ذلك يجب استدراك أمر مهم جدا، أي أنه في قانون المحروقات الجزائري لعام 1986 الذي بموجبه سمح بتواجد أناداركو وتعد معنية به، أنه يعطي حق الامتياز لسونطراك كحق حصري، لأن الامتياز حق الشعب والأمة الوطنية، ويسند لسونطراك كممثلة للمجموعة الوطنية حصريا، وبمعنى حق الامتياز أن ملكية الثروات الوطنية ملك للمجموعة الوطنية، ولا يمكن التنازل عنها لصالح أي شريك أجنبي، ولذلك فإنه ينص أنه إذا أنادركو باعت أسهمها فإنها تكون قد باعت أسهم النشاط وليست أسهم ما يتعلق بملكية باطن الأرض، وأذكر هنا جيدا أن هذه النقطة جوهرية في تعامل الجزائر مع هذا الملف، لان القوانين الجزائرية تعتبر ملكية باطن الثروات لا يحق للأجانب امتلاكها، ولا يحق لها التنازل عنها للغير، والجزائر تمارس من خلال سونطراك حق الشفعة السيادية وليس الشفعة التعاقدية، لانه لم يكن تعاقد على شيء عيني، أي تعاقد على مستوى النشاط والاستغلال، ولذلك إذا انسحب الشريك لا يحق له بأي شكل من الأشكال أن يحول الملكية آليا إلى المبتاع له أو الذي دخل في الصفقة مع اناداركو، ومن خلال عملية البيع الاندماجي مع أناداركو لا يمكنها أن تمتلك ما هو موجود في حقل «بركين»، ولا تؤول إليها أصول أناداركو، وحق الامتياز يمنح للجزائر وسونطراك ويمكنها أن تتولى الاستحواذ على أناداركو من خلال عملية تقييم لها وتقييم الضرر الذي لحق بسونطراك، من خلال الانسحاب المفاجئ لأنادركو من  هذا العقد.