طباعة هذه الصفحة

ثقافة الادخار لدى الجزائريين مازالت ضعيفة

ضرورة إطلاق إجراءات تحفيز وطمأنة الزبائن لاستقطاب الأموال

فضيلة بودريش

 التعاملات المالية الإسلامية يعول عليها في تشجيع الادخار

تتراكم أموال معتبرة لدى عدد واسع من الأسر الجزائرية، باختلاف مستويات دخلها، ويمكن بإجراءات تحفيزية استقطابها، واستغلالها في تمويل المشاريع ذات الجدوى والاستثمارات المنتجة، التي تستحدث الثروة ومناصب الشغل، وبالتالي تجاوز الظرف الاقتصادي الصعب، ورغم أنه توجد شريحة واسعة من الفئة المتوسطة الدخل، تعتبر أن ادخار المال في ظل غلاء المعيشة، يعد ضربا من المستحيل، في حين بإمكان الأسر التي يعمل فيها الزوج والزوجة، ادخار شهريا على الأقل أزيد من 10 آلاف دينار، أما بالنسبة لغير المتزوجين من الإناث والذكور، فإن اقتطاع قسط من الراتب في المتناول، ناهيك عن أولئك الذين يمارسون أعمالا حرة، مثل التجارة والأعمال الحرفية وأنشطة الفلاحة يمكن أن يدخروا أموالهم في بنوك بدل الاحتفاظ بها على مستوى المنازل.
يمكن للادخار أن يكون مصدرا مهما ويلعب دورا فاعلا في التنمية المحلية، إذا توفرت النظرة الصحيحة وأطلقت الإجراءات التحفيزية، حيث يمكن لمئات الآلاف بل للملايين ادخار أموالهم في شبابيك المنظومة المصرفية، حيث تحتفظ من الضياع والسرقة، وتستغل في مشاريع واعدة، تنعكس آثارها الايجابية على المجتمع، لتغير أداء الاقتصاد ورفع وتيرة التنمية، بالنظر إلى أهمية الادخار كمصدر تمويلي، الذي يمكن اللجوء إليه لتعويض  خيار المديونية الداخلية التي تتسبب في عجز الميزان التجاري.

       المدخرات يستنزفها القرض السكني

تقربت «الشعب» من مجموعة من الجزائريين الذين تباينت آرائهم حول مدى إقبالهم على الادخار على مستوى البنوك والصندوق الوطني للتوفير والادخار، ولم يخف السيد جمال سليماني إطار ويبلغ من العمر 47عاما وأب لأربعة أطفال، بأن جميع الأموال التي كان بالإمكان ادخارها، يسدد بها القرض السكني بعد استفادته من السكن الترقوي، واعتبر أنه يصعب على من يلتزم بشراء سكن ادخار دينار واحد، على اعتبار أن نصف راتبه يخصص لتغطية نفقات الأسرة، والنصف الثاني للقرض السكني، وقال لقد ألغينا من أجندتنا العطلة السنوية، لأن الميزانية المتوفرة لا تكفي، لكنه استحسن فكرة الادخار في البنوك أحسن من المنزل، من أجل حفظها من الضياع، ولأنه عندما يحتفظ بها في البيت، تكون عرضة للإنفاق أكثر من البنك.
جاء رأي جلول بادي الأعزب والبالغ من العمر 29عاما، مثيرا عندما اعترف بأنه يكون مطمئنا أكثر، عندما يحتفظ بقسط من راتبه الشهري أي في حدود 20 ألف دينار في البيت، بل بسبب التضخم، يحول المبلغ إلى عملة الأورو كون قيمة الدينار تتراجع والسيولة بالدينار، عندما تكون في المنزل عرضة للإنفاق في المصاريف اليومية، ويرفض أن يدخر العملة الصعبة التي يقتنيها من السوق الموازية في البنك، لأنه يكون مطمئنا أكثر عندما تكون محفوظة في مكان آمن لدى والدتهỊ

  تفادي شبهة المعاملات المالية الربوية

بخلاف ذلك اشتكت السيدة نورية بلحسن أم لخمسة أطفال، والتي تعمل خياطة بمنزلها، من ضعف راتب زوجها الذي لا يتعدى 30 ألف دينار، حيث تساعده بمدخول غير ثابت في مصاريف البيت والأطفال، وأكدت أن أصحاب الدخل المحدود، لا يمكنهم بسبب غلاء المعيشة ادخار أي مبلغ مالي، بسبب أن الأعياد والمناسبات والدخول المدرسي، يستنزف جميع المداخيل حتى تلك التي تحصلها بشكل متقطع من حرفة الخياطة، وأحيانا يلجئون إلى الاستدانة من أجل اقتناء ملابس أو كبش العيد، وتتولى مهمة إعادة الدين من عملها الموسمي المتقطع، والذي ينتعش في فصل الصيف بشكل أكبر.
تحدث أبوبكر وزوجته منية اللذان يشتغلان في التجارة، عن ما وصفوه بالشبهة في الفوائد التي تقدمها بعض المؤسسات المصرفية، عند ادخار أموالهما، وكشفا أنهما سبق لهما ادخار قسط من أرباحهما في الصندوق الوطني للتوفير والاحتياط، لكن بسبب الفوائد تراجعا عن قرارهما، ويفضلان الاحتفاظ بها في مكان آمن في البيت، وبذلك تكون بأيديهما سيولة من المال، يمكن التصرف فيه بأي وقت، وأشارا إلى أهمية إطلاق تعاملات إسلامية بعيدة عن الخدمات المالية الربوية، التي يرون حسب تقديرهما أنها قد تستقطب شريحة واسعة من الجزائريين من أجل الاحتفاظ بأموالهم.
لكن هذا لم يمنع من وجود العديد من الجزائريين من مختلف الأعمال لديهم ثقافة الادخار مثل رضا زايدي أعزب الذي ينفق نصف راتبه ويترك النصف الآخر في حسابه البنكي، وحتى كريمة المعلمة قالت أنه لم يعد يستهويها اقتناء المجوهرات بعد ارتفاع أسعار الذهب وتفضل أن تحافظ على أموالها في الصندوق الوطني للتوفير والاحتياط.