طباعة هذه الصفحة

التأمين الفلاحي

ضرورة ملحة وإجراءات مرهقة

لموشي حمزة

يعتبر التأمين الفلاحي من بين أهم الـتأمينات التي تطرح في السوق وإقناع الفلاح بالتأمين على منتجاته تجنبا للخسائر الكثيرة التي قد تلحقه في حالة حدوث ظرف طارئ، خاصة أثناء التقلبات الطبيعية وكذا الحرائق والفيضانات على غرار ما حدث السنة المنصرمة بالعديد من ولايات الوطن، وكذا بعض الظواهر الكونية كالاحتباس الحراري.

ورغم كل تلك المجهودات، إلا أن الفلاح الجزائري عامة وفلاح ولاية باتنة خاصة يرفض التأمين الفلاحي لأسباب كثيرة أكدها بعض الفلاحين الذين إلتقتهم جريدة “الشعب” أثناء التحضير لهذا الملف ، في الارتفاع الكبير للأسعار الخاصة  بالأقساط التي يدفعها الفلاح أثناء عملية التأمين التي تعتبر مرتفعة أحيانا وغير منسجمة مع مختلف أنواع التأمينات الأخرى  الخاصة بطبيعة النشاط الفلاحي أحيانا أخرى، ويضيف أحد الفلاحين بباتنة والذي يملك مجموعة هامة من البيوت البلاستيكية أن أغلب  المنتجات التأمينية التي توفرها الوكالات العمومية للتأمين “saa”   تتعلق بشكل كبير بالتأمين على الفيضانات والبرد وهي مخاطر ـ يضيف محدثنا ـ أنها لا تكون سنوية بل نادرة الحدوث خاصة بولاية باتنة، مناشدا السلطات المعنية التدخل لإدراج أنواع جديدة من التأمين، خاصة تلك المتعلقة بالتأمين على البيوت البلاستيكية وهو ما لا يوجد حاليا رغم أن أغلب المستثمرين والمزارعين اليوم سواء بفضل إمكانياتهم الخاصة أو بواسطة دعم الدولة أصبحوا يعتمدون أكثر على البيوت البلاستيكية لإنتاج وزراعة مختلف المنتجات الفلاحية.
كما ساهم غياب ثقافة التأمين ضد المخاطر لدى أغلب الجزائريين، فإن هناك نسبة قليلة جدا من الفلاحين يبادرون إلى التأمين على مزارعهم ومنتجاتهم، وإن أكد بعض الفلاحين أن منتج القمح مثلا معرض أكثر لتقلبات الجوية والاضطرابات المناخية وعليه يجب التأمين عليه إلا أن الواقع يقول غير ذلك لأسباب تتعلق أساسا حسب بعض المصادر الخاصة من وكالة باتنة للتأمين بالصعوبة الكبيرة التي يواجهها “المؤمن” في التعويض ويشرح محدثنا فكرته كالتالي:
 إن الفلاح مثلا عندما يقترب من مصالحنا للقيام بإيداع البلاغ المتضمن تعرضه، سواء كان فلاحا أو شخصا عاديا لحادث على مستوى إحدى الوكالات، فذلك لا يعني حسب ثقافة المؤمن الحصول الفوري أو الآلي على التعويض، فلابد من القيام بمجموعة من الإجراءات القانونية والإدارية التي يقررها القانون في هذا الشأن، وبخصوص المحل المؤمن عليه المتعرض للضرر سواء كان محلا تجاريا أو مزرعة أو حتى سيارة، فلا بد من تحديد حجم الضرر، وطبيعة التأمين وغيرها، مؤكدا أن ذلك يتطلب إجراءات معينة تستعين فيها الوكالة بالخبرة الضرورية، وهي الإجراءات التي ترهق المؤمن وتجعله ينفر ويعزف عن التأمين، ويفض الخسارة أحيانا على كل تلك المسافات التي يقطعها ذهابا وإيابا من مكان لآخر لاستكمال الملف المطلوب لدى وكالات التأمين.
 مشيرا إلى أن وكالات التأمين المنتشرة عبر التراب الوطني تعمل في هذا الإطار على وضع آلية لتسريع وتبسيط الإجراءات وجعل التعويض المقرر أكثر مطابقة للواقع.
كما أكد نفس المصدر، أن التقلبات الجوية التي عرفتها الجزائر العام الماضي أعادت إلى الواجهة إشكالية ضعف نسبة التأمين على النشاطات الفلاحية بعد الخسائر الكبيرة المسجلة في القطاع الفلاحي بمختلف ولايات الوطن، ومع ذلك ما يزال الفلاحون يعزفون عن اللجوء إلى مثل هذا النوع من التأمين والذي من شأنه حماية منتوجاتهم والتعويض في حال حدوث أضرار.
ورغم اعتذار المدير الجهوي لشركة التأمين بباتنة “SAA”  التصريح لنا وأخذ رأيه في الموضوع، إلا أن أغلب من تحدثنا إليهم  داخل بعض الوكالات الفرعية أكدوا أن لغياب الإعلام والاتصال في التعريف بالمنتجات دور كبير في عدم إقبال الفلاحين على التأمينات.
مؤكدين في الأخير على وجوب التنسيق أكثر بين الأطراف المعنية من خلال القيام بمجموعة من حملات التوعية للفلاحين لتحسيسهم بأهميته عن طريق الفروع الولائية للصندوق الوطني للتعاون الفلاحي وغرف الفلاحة الولائية.