طباعة هذه الصفحة

تعزيز الثقة

سعيد بن عياد

ما جرى في عين اميناس يتعدى بكثير إطار الجريمة المنعزلة بل هو مخطط إجرامي متعدد الجنسيات يستهدف الجزائر من خلال ضرب عمق الصحراء حيث خزان الثروات الطبيعية حاليا ومورد للطاقات المتجددة البديلة مستقبلا.
لتلك الجريمة الإرهابية تبعات مالية مرهقة بفعل الكلفة التي تتطلبها برامج حماية وتأمين المنشآت الإستراتيجية أولها حقول البترول والغاز ومن ثمة لماذا لا يؤسس تعاون دولي لأمن وسلامة مثل هذه المنشآت عل غرار سياسة التعاون الدولي في مكافحة الإرهاب؟.
غير أن الجزائر حسمت المسألة حاليا بإسناد المهمة للمؤسسات المختصة ذات الصلة بشأن الأمن الوطني حيث لا يمكن ترك جانب الأمن على قدر أهميته وخطورته في قبضة مؤسسات الحراسة الخاصة أو بيد متعاملين أجانب لديهم حضور استثماري مهم.
وهنا لا يوجد مبرر لدى الشركاء الأجانب للحد من تمكين المؤسسات الشرعية الضامنة للأمن بأبعاده الاستثمارية والاقتصادية المحلية والإقليمية من الحصول على احدث تكنولوجيات وتقنيات المراقبة والأمن وتمكينها من اقتناء ميسر للعتاد والأجهزة المتطورة خاصة ومنطقة الساحل والصحراء الإفريقية تحولت إلى ملاذ آمن للمجموعات الإرهابية.
بلا شك أن الشركاء الأجانب الذين يستثمرون ويستفيدون من الحقول البترولية والغازية يتحملون جانبا من أعباء تقوية المنظومة الأمنية لمنشآت ترتبط مباشرة بالأمن الطاقوي لبلدان في أوروبا وخارجها ولذلك فان استهداف القدرات الاقتصادية للجزائر فيه ضربة مؤلمة لتلك البلدان لولا أن الجيش الوطني الشعبي قطع دابر الجريمة الإرهابية وسحق منفذيها تنفيذا لقرار سياسي مسؤول وجريء أعلن منذ الأول رفض التفاوض مع الجماعات الارهاربية ومنع المساومة بالفدية التي تغذي الجريمة الإرهابية.
في ظل هذا المناخ فان النقاش لا ينبغي أن يدور حول احتمال انسحاب الشركات الأجنبية من حقول المحروقات وهو أمر غير وارد وإنما يجب إثارة النقاش حول التداعيات الأمنية وحماية المنشآت الحيوية وطرحها في صلب النقاش من اجل استباق مخططات الجماعات الإرهابية وهو الأمر الذي ينتظر أن يتناوله الخبراء الإستراتيجيون بما يعزز الثقة بين الشركاء كون تنمية الاستثمار وتأكيد الحضور هو أيضا أحد أوجه مقاومة الإرهاب.