طباعة هذه الصفحة

شبايكي رئيس الجمعية الوطنية للاقتصاديين الجزائريين

توجّه نحو تقشّف يشمل كل القطاعات مع اهتمام بالفلاحة والتّكوين

حاوره: سعيد بن عياد

ضرورة تغيير البنوك لميكانيزماتها والتوجه نحو الاستثمار المنتج
يتوقف الدكتور سعدان شبايكي أستاذ بجامعة الجزائر 3 ورئيس الجمعية الوطنية للاقتصاديين الجزائريين في حوار لـ “الشعب الاقتصادي”، عند التوجهات الكبرى لمشروع قانون المالية 2016 الذي يأتي في ظل وضعية تتسم بالصعوبة بالنظر لتداعيات انكماش إيرادات المحروقات بفعل انهيار أسعار البترول ومتطلبات التنمية.
ويعتبر أنّ التوجهات الكبرى للمشروع تصبّ في تأسيس تقشف شامل لكافة القطاعات، مع تحفيز لقطاع الفلاحة والتكوين للمورد البشري، داعيا إلى توسيع نطاق جذب السيولة المالية من السوق الموازية باستقطاب شريحة لا تتعامل مع الفائدة البنكية الربوية من اجل امتلاك القوة المالية للتقليل من وطاة الصدمة.
كما يؤكد محدثنا بلغة الخبير المشخص للمؤشرات الكلية أهمية انتقال البنوك والمصارف الوطنية من مستوى أداء “روتيني” إلى طرف مستثمر في مشاريع إنتاجية واضحة، فيما يشير إلى أنّ القطاع الخاص “يكون حيث يجب أن يكون” كطرف مكمّل في ظل قيام الدولة بالوظيفية الضبطبة للاقتصاد مع اعتبار أخلقة الحياة العامة للمجتمع ضمانة لأخلقة الحياة الاقتصلدية والمالية التي لا تفصل عن محيطها، وفيما يلي الحوار كاملا.

 الشعب الاقتصادي: ما هي القراءة الأولى لأحكام مشروع قانون المالية خاصة المتعلقة بالحفاظ على ديمومة الاستثمار والنمو؟
 الدكتور سعدان شبايكي: من خلال قراءة أولية لمشروع قانون المالية 2016 يمكن الخروج بالملاحظات التالية:
ـ تأثر نفقاتي من تقشف طفيف مس تقريبا كل القطاعات.
ـ اهتمام ملحوظ بقطاع الفلاحة باعتباره يمكن أن يكون قطاعا منشئا للثروة والأمن الغذائي، ومساهما في إنقاص قيمة فاتورة الاستيراد.
ـ اهتمام بمنظومة التكوين عموما على اعتبار أن الاهتمام بالإنسان من خلال التعليم في كافة الأطوار التعليمة، وكذلك البحث هو الكفيل بمواجهة أية أزمات.
هذه الملاحظات يمكن أن نبني عليها أن هناك رغبة  ـ نتمنى أن تتحقق ـ في مواصلة الاستثمار الأساسي والضروري، وبالتالي دفع النمو.
 يتضمّن القانون بعض الزيادات، ما هي النّتائج المتوقّعة في ضوء نتائج الثّلاثية الأخيرة ببسكرة؟
 إذا كان المقصود بالزيادات هو الرسوم على العقارات والماء والكهرباء، فأنا من دعاة إعادة النظر في أسعار الوقود والكهرباء والغاز والماء لأنه من غير المعقول بيع الوحدة من هذه المنتجات بأقل من سعر التكلفة والرسوم التي قررت ليست زيادة في الأسعار، وإنما هي وسيلة لعقلنة الاستهلاك، أي كلما يكبر وعاء الضريبة يكبر معدلها على المنتج الواحد، ومن جهة أخرى فالثلاثية الأخيرة لم تتناول قانون المالية بالنقاش، وإنما كانت فضاء عرض فيه المشاركون رؤيتهم لمواجهة الأزمة دون الدخول في التفاصيل.
 يخسر الميزان التّجاري حوالي 10 ملايير دولار، كيف يمكن الحصول عليها دون المساس بالقدرة الشّرائية؟
 يجب التحاور مع البلدان التي نعاني معها عجزا حالة بحالة والبحث في سبل إدخال تبادل سلعي وخدماتي للوصول إلى وضعية مريحة في الميزان التجاري، وهذا الحوار من شأنه تشجيع الإنتاج الوطني والإنقاص من قيمة ما ندفعه لتغطية الواردات.
 أطلقت عملية جذب السّيولة المالية في السّوق الموازية، كيف يمكن الرفع من وتيرة الاستجابة لهذا المسعى؟   
 يمكن تعظيم فائدة هذا الإجراء باتخاذ إجراءات تنصرف إلى نصف المجتمع الذي يؤمن إيمانا لا نقاش فيه بحرمة الفائدة، وبالتالي فإنه يجب التعامل معه بالكيفيات الشرعية التي تدمج شريحة واسعة في المجهود الوطني لمواجهة الظرف.
 لا تزال البنوك في مرحلة أشبه بمفترق الطرق، كيف يمكن الدفع بها إلى مجال الاستثمار (خارج المحروقات) مع ضمان استرداد القروض؟
 بنوكنا ما تزال تتّسم بالروتين الرسمي الممل،
وهي مدعوة إلى التغيير في ميكانيزماتها المناجريالية والتحول إلى بنوك استثمارية، أي الدخول كلما أمكن كشريك في المشاريع الإنتاجية الخالقة للثروة على غرار ما يجري في كل دول العالم.
 لا تزال المؤشّرات المالية دون بلوغ مرحلة التقشف، كيف يمكن إنجاز الأهداف المسطّرة لتجاوز الظّرف المالي الصّعب؟
 لابد من إخراج الاستثمار (ميزانية التجهيز) من الميزانية العامة للدولة، وجعل البنوك وسوق المال يتكفلان بذلك، و ن ثم تصبح ميزانية التسيير موضع تحكم أكثر وتصبح الإدارة والبنوك تتصرف بفكر اقتصادي صحيح قاعدته الإنتاجية والمردودية والنّجاعة.
 القطاع الوطني الخاص يبدو في حالة تأخّر بالنّسبة للمساهمة في إنتاج الثروة، ويعاني من انقسامات تؤثّر على النمو؟
 رأيي الشّخصي هو أنّه يجب ألاّ نعول كثيرا على أن يحل القطاع الخاص محل القطاع العام،
ويقود مسيرة تنموية بديلة بل فقط يجب أن تتاح له فرص المساهمة الإضافية الاستثمار وخلق الوظائف في إطار أهداف استراتيجية يجب أن تحددها الدولة بصراحة، لأن الدولة هي الضابط الوحيد دون منازع للاقتصاد في أي اقتصاد، وما القطاع الخاص إلا مكمّل، حيث يجب أن يكون لا حيث يريد أن يكون.
 بخصوص ترشيد النّفقات، كيف وعلى عاتق من، وما موقع المؤسسة في كل ذلك (المناجمنت)؟
 الاهتمام بالإنسان أمر تأخّرنا بخصوصه كثيرا، فالمسيّر المعاصر هو ذلك الفرد متعدد المعارف، والذي يحسن التوليف بين العناصر المتاحة لتعظيم الفائدة في مراحل المؤسسة من إنتاج
وتسويق واستثمار، وبالتالي فضرورة الإكثار من دورات التكوين ولفت النظر بالقانون وبغيره أمر يطرح نفسه بإلحاح لتحقيق الرشادة عموما.
 للمؤسّسة تحفيزات كبيرة، ماهو المقابل الذي تقدّمه للمجموعة الوطنية؟
 المؤسسة الاقتصادية الجزائرية مدعوة الآن إلى تطبيق قياس الفائدة الاجتماعية التي تقدمها للمجتمع، بحيث يعتبر هذا القياس معيارا لاستفادة المؤسسة من كل أشكال الدعم والمؤسسة التي لا تنعكس نتائج نشاطها على المجتمع إنتاجا وخدمات لا مجال لتحفيزها.
 في ظل الوضع الراهن ماذا عن أخلقة الساحة الاقتصادية والمالية ومكافحة الفساد؟
 إنّ أخلقة الحياة الاقتصادية والمالية تبدأ بأخلقة الحياة السياسية، أي ضرورة قيام الأحزاب وتنظيمات المجتمع كلها بالتكفل باعتماد الكفاءة
والقانون، واعتماد كذلك سياسة الجزاء والعقاب،
ودون ذلك فإن الحديث عن أخلقة الساحة الاقتصادية والمالية يعتبر نوعا من الترف الفكري ليس إلاّ.