طباعة هذه الصفحة

برور يؤكّد أنّ للجزائر الإمكانيات لتجاوز الصّدمة الخارجية

مؤشّرات التّنمية البشرية إيجابية ويجب إرساء استثمارات هيكلية

فضيلة بودريش

اعتبر مراد برور الخبير في شؤون الطاقة أن للجزائر جميع الإمكانيات لتجاوز أزمة أسعار النفط، التي خفضت من إيرادات العملة الصعبة، ورفعت من سقف المخاوف بفعل آثار الصدمة الخارجية، مطمئنا بهذا الخصوص أن جميع التوقعات تصب في احتمال انتعاش أسعار برميل المحروقات خلال السداسي المقبل، وارتفاعها بشكل محسوس في الفصل الأخير من السنة الجارية. ولم يخف أن جميع مؤشرات التنمية البشرية إيجابية، يعكسها الترتيب الدولي للجزائر والذي شهد تحسّنا لا فتا، داعيا إلى إرساء استثمارات هيكلية تقلص من استهلاك الطاقة وترشد من عملية استعمالها.
تحدّث مراد برور خبير الطاقة الدولي بلغة تفاؤولية عن حصيلة التنمية البشرية في الجزائر على هامش عرض تقرير التنمية البشرية لـ “الكناس” خلال الأسبوع الماضي، ووصفها بالايجابية خاصة ما تعلق بنسبة تمدرس الأطفال العالية بفعل مجانية التعليم، وكذا في قطاع الصحة الذي يتساوى فيه المواطنون في حق العلاج، إلى جانب التزود بالكهرباء والغاز، الذي ناهزت نسبة تغطية الشبكة فيه إلى ما لا يقل عن 94 بالمائة، رغم أن ثلث المجتمع البشري في العالم لم يتسنى لهم الاستفادة من استغلال الطاقة التجارية. وقال فيما يتعلق ذلك أن ترتيب الجزائر تقدم بشكل محسوس، ويمكن القول أنه مقبول. وبدا الخبير  متأكّدا أن الجزائر لن تتأثر بانعكاسات الصدمة التي تشهدها السوق البترولية بفعل انهيار الأسعار منذ جوان 2014، حيث يعتقد أنّها لن تدوم أكثر من ثلاث سنوات، وما عليها سوى الصمود على اعتبار أنه لديها الموارد المالية الكافية لتتخلص من أي عراقيل، ولتواجه التحديات الراهنة بنجاح كبير، بل وتغتنم الفرصة لتستدرك النقائص من أجل بناء اقتصاد قوي خارج قطاع الثروات الباطنية. علما أنّ استثمارات المحروقات في العالم تراجعت بعد أن سجلت خلال 2014 غلاف مالي لا يقل عن سقف 700 مليار دولار، بفعل الاستهلاك الكبير للتكنولوجيا المكلفة وما يقابله من تراجع رهيب لأسعار برميل النفط. وفي ظل الحديث الجاري وطنيا عن ضرورة السير على المديين القصير والطويل نحو ترشيد استهلاك الطاقة والحذر من تبذيرها، يرى برور أن الاستهلاك المسجل للطاقة يعد غير منطقي بتاتا، بالنظر إلى المستوى العالي الذي بلغه، لأن الاستمرار بهذا الريتم على المدى المتوسط سوف يخلق عدة صعوبات، وينعكس بصورة قد تعقد وتصعب من عملية التصدير نحو الأسواق الخارجية، لكن هذا لا يعني حسب “برور” أنه يجب التنازل عن نسبة ربط الجزائريين بشبكة الكهرباء والغاز بل ذلك يعد مكسبا حقيقيا، وليس الرفع من السعر السبيل الوحيد لترشيد الطاقة، بل حان الوقت للاستعانة بتقنيات جديدة للبناء، وكذا من خلال إدخال تغييرات على مستوى وسائل النقل، كون السعر وحده لا يمكن أن يرشد من استهلاك الطاقة، ويصحّح من نموذج الاستهلاك الطاقوي الذي نتبعه، بل يمكن من له مستوى معيشي أفضل تسديد فاتورة أكبر، ومن له سيارة أفخم يدفع ضرائب أكثر، والوضع يحتاج إلى إرساء استثمارات هيكلية في البناء وكذا النقل العمومي. وتحظى السوق البترولية بالكثير من الاهتمام والتشخيص من قبل الخبراء في المرحلة الحالية، فبين متوقع للسناريوهات السلبية هناك من يطرح احتمالات إيجابية ترتكز إلى مؤشرات واقعية، ويترقّب انتعاش السوق على المدى القريب وعودة الأسعار إلى مستوى مقبول للدول المصدرة على المدى المتوسط، وحتى بعد رفع العقوبات على إيران والسماح لها بالعودة إلى السوق النفطية، يرى الخبير برور أنه غير مؤكد أنّ لإيران إمكانيات الإنتاج بعد توقفها لمدة لا تقل عن 10 سنوات، لتطرح في السوق كما هو منتظر نحو 500 ألف برميل يوميا، ثم الوصول إلى إنتاج 1 مليون برميل سنويا مع نهاية السنة الجارية.
وفي سياق متصل، أشار إلى وجود تصورين واحتمالين قائمين حول المستوى الذي يمكن أن تستقر عليه أسعار الذهب الأسود، على ضوء متابعة العرض والطلب والاحتياطي، متوقّعا أن يستقر سعر برميل النفط في 2016 عند حدود 40 دولار للبرميل، على أن يستعيد انتعاشه خلال التسعة أشهر الأولى من العام الجاري، ويعود إلى الارتفاع خلال الثلاثي الأخير من 2016. ولم يخف أن العربية السعودية أحد البلدان الأكثر إنتاجا في منظمة “الاوبيب” أصبحت تتأثر بالتداعيات السلبية لازمة الأسعار، إذا تفيد المؤشرات أنها سجلت عجزا في الميزانية رغم بلوغ احتياطي صرفها نحو 700 مليار دولار. وعاد “برور” إلى التفاؤل مجدّدا عندما ذكر أن عام 2017 سوف يشهد ارتفاعا في أسعار برميل النفط، لأن إنتاج الولايات المتحدة الأمريكية بدأ يسجل انخفاضا منذ شهر ماي 2015، إلى جانب معاناة صناعة البترول بشكل عام، علما أن تكلفة إنتاج برميل نفط بحر الشمال تتراوح ما بين 20 و25 دولار، في حين تكلفة إنتاج النفط الأمريكي يتجاوز ال50 دولار للبرميل، وبسبب الضغط التكنولوجي تراجع سعر البرميل، وخلص “برور” إلى القول في هذا المقام، أنّ أزمة أسعار سوق النفط لن تستغرق أكثر من ثلاث سنوات.