طباعة هذه الصفحة

أمحمد حميدوش خبير اقتصادي

خيار التعامل مع الطاقات المتجدّدة من منظور تنافسية الكلفة

سعيد بن عياد

إعطاء الوقت لبناء مخطط متوسط المدى وتفادي الحلول الآنية واستيراد الجاهز

«كسب الرهان يقتضي اعتماد التفكير الاستراتيجي بالانطلاق من إمكانيات محلية في محيط مندمج»

يؤكد الخبير الاقتصادي أمحمد حميدوش بخصوص مدى الثقل الذي تمثله الطاقات المتجددة للاقتصاد الوطني أنه يجب النظر إلى مدى مساهمتها في التنافسية كون السعر يعتمد على كلفة الطاقة، ولذلك كلما كان الاهتمام بفعالية الإنتاج يعكس مدى الاهتمام بكلفة الطاقة (بنزين، كهرباء،غاز). وانطلاقا من هذه المعادلة أشار إلى أهمية الحسم في زاوية النظر إلى الطاقات المتجدّدة من منظور تنافسي أو لسد احتياجات الطلب الداخلي والتصدير.

إذا كان لتلبية الطلب في ظلّ عدم القدرة على رفع الإنتاج من الغاز الطبيعي والتزامات عقود التصدير وارتفاع الطلب الداخلي يوضح محدثنا أن الإستراتيجية تكون خاطئة لأنها تبنى على التحويل التكنولوجي من خلال الشراكة الأجنبية، مما يؤدي إلى كلفة عالية لأن الشراكة تعطي حق الاستغلال والتصدير لكن بكلفة باهضة جراء استيراد الألواح الشمسية والمستلزمات الجاهزة أو إقامة مصانع للتركيب دون التحكم في قلب التكنولوجيا والهوامش، ولذلك فإن هذا المسار خاطئ بحيث يقود مباشرة إلى تبعية أخرى. غير أنه وبالمقابل يضيف الدكتور حميدوش إذا تمّ إعطاء الوقت باعتماد النيّة الإستراتيجية من خلال بناء مخطط عمل على المدى المتوسط (يرتكز على الكفاءات الوطنية والأجنبية بنفس المعاملة) وعدم إخضاعها لشرط تقديم حلول آنية فإنه يقود إلى إرساء نمط للتفكير حول بناء تحول طاقوي يرتكز على الموارد البشرية المتوفرة في البلاد والتي توصل المشروع إلى إنتاج أدوات ومتطلبات إنتاج الطاقة المتجددة الشمسية أو بالرياح. وبرأيه فإن بناء التحول الطاقوي وإدراج الطاقة المتجددة يكون في ظرف 10 سنوات على الأقل حتى لا نقع في مطبات تبعية جديدة.
مقاربة كفاءة الإنتاج بالفصل بين نشاط الكهرباء والغاز
وبخصوص تركيز سونلغاز على خيار الرفع من أسعار الكهرباء كما يطالب به مسؤولها الأول اعتبر محدثنا هذا الخيار خاطئا كون كافة الشركات في العالم تفصل بين الغاز الطبيعي والكهرباء لذلك دعا إلى الفصل بين نشاط الكهرباء ونشاط الغاز من أجل التوصل إلى تحديد للكلفة الحقيقية وهو ما لا يمكن بلوغه بدمج الناشطين. وأشار إلى أنه خلال 2004/2010، ذهبت الحصة الكبيرة من صندوق الجنوب والهضاب العليا إلى تمويل إدخال الغاز الطبيعي إلى البيوت وهو أمر جميل لكن الأجمل ـ حسبه ـ لو كانت شركة خاصة بالكهرباء وأخرى منفصلة خاصة بالغاز لتحديد الكلفة المالية. ومن ثمة توجيه الغاز إلى القطاع الصناعي مثل إنتاج الألمنيوم الذي تحتاج بـ 90 بالمائة إلى الغاز وكذلك الأسمدة الفلاحية المختلفة والبتروكيماويات.
تحصيل فواتير «الزبائن» الذين لا يسدّدون بدل التركيز على رفع السعر
وأمام التبذير لطاقة الكهرباء من جانب كبار الزبائن والمرافق العامة شدّد الخبير على ضرورة أن تلجأ الشركة المعنية إلى تحصيل فواتيرها من الزبائن الذين لا يسدّدون بدل التركيز على رفع السعر للمواطن، مشيرا إلى أن أمريكا نفسها لا تستهلك الكهرباء العمومية كما هو عندنا ولما يدرك رئيس بلدية أو مؤسسة مهما كانت قيمة الكهرباء بعد قطعها عنه يشعر بمدى أهمية المسألة ويغيّر من سلوكاته السلبية ولا يمكن أن يدفع المواطن ثمن تبذير كبار المستهلكين لذلك يجب التوجه إلى اعتماد كفاءة الإنتاج.
وفي هذا السياق، فإن كسب رهان الطاقات المتجدّدة يقتضي بالأساس اعتماد التفكير الاستراتيجي الذي يقود حتما إلى الانطلاق من إمكانيات محلية في محيط يندمج تماما في ديناميكية تراعي المناخ المحلي بكل مكوناته. وعليه فإن أجل 10 سنوات يكون حدا أدنى للانتقال إلى استغلال الطاقة الشمسية مثلا مقابل الإنفاق في مجال البحث والتطوير لإنتاج ألواح شمسية محلية وبالموازاة الانخراط في مسار إنتاج الكهرباء باستغلال موارد طبيعية مثل الفحم المتوفر، تليه الصين (أكثر من 80 بالمائة من إنتاج الكهرباء عن طريق الفحم) لتكسب تنافسية الأسعار والموارد الجبائية ذلك أن تنويع مصادر الطاقة يقود بالضرورة إلى ديمومة الإنتاج مع التحكم في الكلفة من جانب اقتصادي، بحت وخلص إلى حتمية انجاز مسار مزيج طاقوي مندمج يستغل كافة المصادر غير التقليدية حتى نكون في الموعد.