طباعة هذه الصفحة

السّاحل في عين الإعصار

محاربة الارهاب دون مساومة

جمـال أوكيلـي

وجّه الجيش الوطني الشعبي رسالة قوية إلى الجماعات الارهابية بمنطقة الساحل، من خلال سحق الدمويين الذين أرادوا اختطاف الرهائن وتفجير منشأة الغاز بتيغنتورين بإن أمناس.
هذه العملية العسكية النوعية غابت عن أذهان “العقول المدبّرة” في هذه الجهة، معتقدة بأنّ المخطّط الجهنمي الذي نسجته سيأتي بثماره بسرعة من خلال إملاء شروطها وتصور العودة إلى قواعدها سالمة معافة، كل هذه الحسابات توقّفت بتيغنتورين وسقطت في حدود ومحيط ذلك المكان.
رسالة الجيش الوطني الشعبي لهؤلاء كانت تحذير شديد اللهجة، مفاده أنّ كل من تسول له نفسه المساس بالتراب الجزائري من الآن فصاعدا سيكون مصيره ما وقع “لمجموعة” تيغنتورين، من ضربة قاسية سيتذكّرونها كلّما سعوا لفعل كهذا.
ولابد من الاشارة إلى أبعاد ما قام به الجيش الجزائري، وهذا من خلال فتح أفق واسعة لمحاربة الارهاب في منطقة الساحل، وهذا ما يحدث حاليا في نواحي عديدة من مالي حيث يتحصّن الارهابيون في شمالها وخاصة بجبال “إيفوغاس”، كل المعارك تدور هناك لحسم الوضع بشكل نهائي.
وبيّنت عملية تينغنتورين لكل القيادات العسكرية الأجنبية المتّبعة لتطور الأحداث بالساحل بأنّ ملاحقة الارهابيين برّا “ممكنا” جدا، وليس جوا فقط، وبالامكان إلحاق بهم خسائر فادحة في الأرواح، وهذا بقتل أمراء الجريمة في معاقلهم والعمل على إضعاف قدراتهم في إيذاء الآخر.
واليوم نسجّل بأنّ الذين تدخّلوا في مالي يحذون هذا الحذو بنزولهم إلى الميدان لتطهير المنطقة من تواجد هذه الجماعات، وتتوارد الأخبار من حين لآخر عن سقوط رؤوس كبيرة جراء تلقّيها ضربات موجعة ومؤثّرة فشلت حركاتها وانشغالها الآن هي أن تجد مكانا يقيها وملاذا يحميها ممّا تتعرض له.
هذه الاستراتيجية الميدانية تبقى الحل الوحيد ولا خيار سواها في محاربة الارهاب، حتى يستبدل المنطق السائد في هذه المنطقة من منطقة نزاع إلى منطقة تنمية، وهذا ما كانت الجزائر تدافع عنه دائما، لكن الأمور سارت بشكل معاكس عندما اعتقد البعض بأنّ زعزعة استقرار بلدانهم لا تكون له تداعيات بخصوص انتشار الأسلحة وسقوطها في أيدي الارهابيين، هذا التحذير الجزائري هو واقع اليوم والكل يلمسه على أنّه عين الصواب، فما الحل يا ترى؟
إنّنا أمام تطورات متسارعة بالمنطقة والخطر موجود، وقد يخطيء من يعتقد عكس ذلك لأنّ الكثير من بلدان الشريط كانت حدودها مفتوحة على مصرعيها طيلة سنوات عديدة، ولم تتبن أي سياسة لمحاربة الارهاب لتتحول فيما بعد إلى وكر لهذه الجماعات وقاعدتها الخلفية، هذا التهاون وغياب اليقظة سمح بالانتشار القوي لهؤلاء، وازدادت “عنترياتهم” عندما تلقّوا الكثير من الأسلحة من هنا وهناك، ومن مصادر قريبة منهم.
يجب أن نؤكّد هنا بأنّ المعطيات تغيّرت تغيّرا جذريا في منطقة الساحل وبشكل قوي، والمبادرة لم تعد في أيدي الارهابيين بعد ضربة تيغنتورين لأنّهم في حالة الدفاع عن أنفسهم وما تبقى لهم، بعدما كانوا في حالة هجوم، وهذه فرصة تاريخية لا تعوّض للقضاء عليهم وإلحاق بهم الهزيمة النكراء، لأنّهم لا يستطيعون الذهاب إلى أكثر من جبال “إيفوغاس”، هناك سينتهي مصيرهم.