طباعة هذه الصفحة

علي بومدين المدير العام لمجمّع «بومار» للصّناعات الإلكترونية لـ «الشعب»:

6 ملايين دولار قيمة الصّادرات ونسير نحو اقتحام السّوق الألمانية

حاورته: فضيلة بودريش

تكوين الطّلبة المهندسين في جامعة البليدة واستحداث مخبر بحث في الإلكترونيك

 يعد مجمّع «بومار» ذا العلامة التجارية التي تحمل تسمية «ستريم»، إحدى المؤسسات الخاصة النموذجية، التي تمكّنت منذ العديد من السنوات من اقتحام الأسواق الأوروبية ونجحت في تصدير وتسويق منتوجها الالكتروني بمقاييس عالمية، وبالرغم من الصعوبات التي تعرفها الأسواق الخارجية من منافسة شرسة، وكذا بعض عراقيل التصدير القائمة، تحدّث علي بومدين المدير العام لهذه المؤسسة، التي تتطلع لتحقيق حصة أكبر من السوق الخارجية، عن الإرادة القائمة من أجل تنويع إنتاجها والتقليص من تكلفة المنتوج، ولم يخف تحديات واقع السوق والصعوبات، التي مازالت قائمة حول التصدير، خاصة ما تعلّق بالتساوي بين المنتج والمستورد في دفع نفس نسبة الرسوم الجمركية المقدرة بـ 5 بالمائة. وتحدّث عن آفاق الرفع من نسبة الاندماج في صناعته الإلكترونية إلى سقف يتجاوز الـ 50 بالمائة، كاشفا عن مشروع لتكوين الطلبة المهندسين بجامعة البليدة، واستحداث مخبر بحث في الإلكترونيك، ولم يخف أن غياب شركات المناولة في عدة مجالات يصعب من مهمة المؤسسات الصناعية كثيرا.


❊ الشعب: أكيد أنّ البداية كانت صعبة..كيف كانت الانطلاقة؟ ومن بعد ذلك ما سر الصّمود والتوسع في سوق تعرف منافسة شرسة بفعل كثرة العلامات التجارية في المجال الإلكتروني، الذي اخترتم الاستثمار فيه؟
❊❊ مدير مجمّع «بومار» علي بومدين: يمكن القول أن تواجدنا الأولي كان باكرا في عام 1992، كمستوردين وموزعين للمنتوج الالكتروني، أي لمختلف العلامات التجارية آنذاك خاصة الأوروبية، لكن في عام 1997، بدأنا نفكر في خوض تجربة الإنتاج، من خلال الشراكة وعن طريق التركيب وتحديد نسبة عالية من سقف الاندماج، وعند ذلك تم استحدث علامة تجارية من أجل الاستثمار في مجال الإلكترونيك والتكنولوجيات الجديدة، وتم توقيف عملية استيراد المنتوج الجاهز. وبالمقابل قمنا بتأجير مساحة قدرها 1200 متر مربع بمنطقة حمادي، ووظّفنا نحو 35 عاملا، كمرحلة أولية من مهندسين وتقنيين، غير أنّه في تلك الفترة لم نعثر على مؤسسات ناشطة في مجال الإلكترونيك محليا لتزويدنا بالخبرة، التي كنا في حاجة إليها، وهنا بدأ رهان التفاوض مع العديد من المؤسسات الأجنبية، ووقع الاختيار على الشريك الكوري، وانطلقت تجربة التركيب بالجزائر بنسبة لا تتعدى الـ 7 بالمائة فقط، وبعد النجاح قفز المشروع إلى توظيف ما لا يقل عن 15 ألف عامل في مصنع جديد، أكبر من حيث المساحة ببلدية بئر توتة في عام 2003، وكلّما عرف المنتوج رواجا اتّسع هذا المشروع الاستثماري، حيث في عام 2005، كانت هذه المؤسسة تبحث عن آلة إنتاج جديدة، على شكل «روبو» للصناعة الالكترونية، لتطور من أدائها، وعثرت على ثلاث خيارات نذكر من بينها متعامل ياباني وألماني وأمريكي، وبالفعل وقع الاختيار على المتعامل الأمريكي «إنيفرسال»، الذي كانت لديه نظرة جد متفتحة في الشراكة وفي تحويل التكنولوجيا، وانتقت مؤسستنا تجهيزات بمعايير أوروبية، حيث صارت تقوم بإعداد وتثبيت البطاقة «الأم»، على اعتبار أنه في الفترة الممتدة ما بين 2005 و2007 قمنا بتكوين لإطاراتها، وبعد إبرام الجزائر لـ «برتوكول» الاتفاق مع دول الإتحاد الأوروبي في 2001، والذي طبّق وصار ساريا في 2005، صار بالإمكان دخول السوق الأوروبية خاصة بعد رفع نسبة الاندماج في تصنيع الأجهزة الإلكترونية إلى سقف الـ 40 بالمائة مستوفيا الشروط، ولأن الرسوم فيها منعدمة تماما.
نسبة الاندماج في منتوجنا
 ناهزت 52 بالمائة
  ❊ تصنّفون ضمن المؤسسات التي خاضت تجربة التصدير بنجاح..هل يمكن استعراض أبرز محطات هذه التجربة، مع تحديد العراقيل التي واجهتكم والتي من شأنها إعاقة مسار المؤسّسة الراغبة في ولوج الأسواق الخارجية؟
❊❊ أثمرت تجربتنا التي يمكن وصفها بالمهمة في مجال التصدير، وكذا الناجحة خاصة بعد اقتحام السوق الأوروبية، مثل السوق الإسبانية على وجه الخصوص، حيث قمنا في البداية بـ 5عمليات تصدير، لكن آنذاك صادفتنا مشكلة آجال التصدير على مستوى الجمارك والتي كانت مقدرة بـ 15يوما، لكن الزبون كان يشترط السرعة في التسليم وإلا ألغى الصفقة التجارية. وبمواصلة مسار توسيع حجم استثمار مؤسسة «بومار» تمّ إدماج جهاز تلفزيون من نوع «ال.سي.دي» وكمبيوتر محمول، في حين في عام 2007 أدرجت الشركة ضمانا للزبون الذي يقتني جهاز تلفزيون رقمي «ديجيتال» لمدة لا تقل عن 5 سنوات كضمان للنوعية.
ونحضّر في الوقت الراهن بعد التواجد في الأسواق الاسبانية والبرتغالية واليونانية منذ عام 2015 بعقد لهذه السوق بقيمة 50 مليون دولار، دخول السوق الألمانية، وبعد تعاوننا مع الصينيين، قفزت نسبة الاندماج في التركيب والتصنيع عن طريق الشراكة إلى ما لا يقل عن حدود الـ 52 بالمائة، وبالموازاة مع ذلك سطّرنا العديد من الأهداف من خلال تنويع الإنتاج وصنع الهواتف الذكية «سمارت فون»، وكذا اللوحات الإلكترونية.
والجدير بالذكر أنه في الصناعة الإلكترونية، لا يجب التوقف عند حدّ معين بل يجب الاستمرار في مواكبة التطور التكنولوجي المذهل، الذي يسجل يوميا في أكبر مخابر البحث العالمية.
❊ نفهم من هذا أنّه بحوزتكم العديد من المشاريع لتطوير المنتجات ومواكبة آخر الابتكارات..كيف ذلك؟
❊❊ قفزنا إلى مرحلة جديدة مع الكوريين، حيث أرسلنا مهندسين للتكوين في كوريا الجنوبية، وصار بالإمكان منذ عام 2010، صنع وإصلاح شاشة التلفاز، وبالتالي مرافقة الزبون في السوق الوطنية، بينما في عام 2012، جاء التقارب مع علامة «أل.جي» وأبرمنا معهم عقدا في جوان من سنة 2013، وجسّدنا بمرافقتهم تقنية جد متطورة تطرح للسوق منتوجا نظيفا، يحترم البيئة وبتكلفة أقل أي ذا تنافسية عالية.
لا يعقل أن تكون الرسوم الجمركية بنسبة 5 بالمائة بالنسبة للمنتج والمستورد
❊ ماذا منحتكم هذه الشّراكة مع علامة «أل.جي» من امتيازات خاصة على صعيد التّسويق والتّصدير؟
❊❊ حرصنا على المشاركة في المعارض العالمية للتعريف بما ننتج، وأذكر المشاركة في صالون «إيفا» بأوروبا عام 2009، حيث كان الأول من نوعه خارج الوطن، كعارضين كون المستهلك الأوروبي يبالغ نوعا ما في طلب النوعية الجيدة، وبفضل تجربتنا مع الشريك «أل.جي»، تمكنا من استقطاب المستهلك الأوروبي، وقمنا بافتكاك ثقته، وبذلك انتقلنا إلى صناعة الهاتف الذكي «سمار تفون»، الذي يحتاج إلى تكنولوجيا متطورة وفي ظل تمسّك العديد من العلامات التجارية العالمية، بمنطق بيع المنتوج وتسويقه جاهزا والامتناع عن تحويل التكنولوجيا، لكن منذ نحو 4 سنوات بدأ البحث الجدي والذي أفضى إلى اتفاق مع علامة «هايسنس»، وانطلق في التصنيع نهاية عام 2015، بعد جلب التجهيزات وإحضار المادة الخام وإعادة تركيبها، علما أن عملية الاندماج تصل في «سمار ت فون» إلى حدود 18بالمائة، ونتطلع لتقفز مستقبلا إلى ما بين 50 و55 بالمائة، لكن مازلنا نواجه عائق يثبط من تطوير مشاريعنا الاستثمارية واقتحام الأسواق الخارجية، على اعتبار أن الرسوم الجمركية متساوية بالنسبة للمصنع والمنتج وكذا المستورد. ونتمنّى لو يتم استدراك ذلك في قانون المالية 2017، حيث ينبغي من أجل تشجيع الصّناعة أن لا يسدد المنتج والمستورد نفس الرسوم الجمركية المقدرة بنسبة 5 بالمائة، علما أنّ عمر عقدنا مع «أل.جي» 7سنوات، حيث انقضت 3 سنوات وجدّدنا العقد المنتهي في جوان 2016، حيث سوف يستمر إلى غاية آفاق 2019، علما أنّ مرتجعات الإنتاج مع هذه العلامة الإلكترونية صفر بالمائة، وأبدى هذا الشريك ارتياحه الكبير للشراكة القائمة مع «ستريم»، ويتطلّع للإندماج في إنتاج «سمار تفون»، لكننا ننتظر أن ينصفنا قانون المالية 2017، حتى يكون فرق بين المستورد الذي يسوق وبين المنتج الذي يصدر ويستحدث مناصب الشغل ويخلق الثروة، ولا أخفي أنه إذا واصلنا مع الشريك «أل.جي» في تجسيد مشروع تركيب «سمار تفون»، سوف نستحدث ما لا يقل عن 200 منصب شغل للتقنيين والمهندسين، وبالموازاة مع ذلك نقوم بتحضير مجموعة من المهندسين من أجل تطوير تطبيقات الهواتف الذكية.
غياب شركات مناولة يصعب
من مهمّة المؤسّسة الصّناعية
❊ هل يمكن أن تحدّثنا عن جهود تكوين المهندسين والتقنين مع الشركاء الأجانب..هل تعد من أسرار الرفع من مستويات الاندماج؟
❊❊ لقد توصّلنا مع شريكنا الوفي، الأمريكي «أنيفرسال»، الذي وقع عليه الاختيار منذ عام 2015 للشراكة، ولا يزال يرافقنا إلى غاية الوقت الحالي، من أجل تكوين المهندسين الطلبة في مجال الإلكترونيك في جامعة «سعد دحلب» بولاية البليدة، وتكلفة دعم تكوين «إنيفرسال» للطلبة المهندسين تناهز ٥ ، ١ مليون دولار قدّمها لنا الشريك، وتعد قيمة التجهيزات التي سوف تزوّد بها الجامعة في هذا التخصص طبعا بالاتفاق مع وزارة التعليم العالي، حيث سيكوّن ويتدرّب المهندسين على «آلة إنتاج» من نوع «روبو» متطور، من أجل انتقاء المهندسين وتوظيفهم عقب تخرّجهم في ظل ما يعانيه خريجي الجامعات من نقص في الخبرة والتكوين، علما أن تكلفة تكوين مهندس متحكم في الإنتاج يتطلب سنة وتكلفة باهظة. والهدف من كل هذا استحداث مخبر بحث في مجال الإلكترونيك على مستوى جامعة البليدة، وتوفير يد عاملة مؤهلة من المهندسيين والتقنيين، الذين توجد الجزائر اليوم في أمس الحاجة إليهم.
❊ بلغة الأرقام..ما هو حجم الصّادرات في مجمّع «بومار» وما هي الكمية التي تنتج؟
❊❊ ننتج سنويا ما لا يقل عن 700 ألف وحدة من مختلف منتجاتنا، علما أنّنا لا نستغل من قدراتنا سوى النصف، أي لا تزيد النسبة عن الـ 50 بالمائة، أما فيما يتعلق بحجم الصادرات نحو الأسواق الخارجية، فقد وصلت خلال عام 2016 إلى 6 ملايين دولار بفضل ما نطرحه في السوق الأوروبية. لكن يجب أن أتطرّق إلى مشكل يحد من قدراتنا والمتمثل في غياب شركات مناولة في العديد من الميادين بمقاييس عالية، أبسطها في مجال التغليف والتعليب، وما إلى غير ذلك.
❊ وماذا عن السّوق الإفريقية التي توصف بالمغرية ناهيك عن قربها من الجزائر..هل مهتمّون بها وماذا حضّرتم لاقتحامها؟
❊❊ لقد انطلقنا من استراتيجية دقيقة ومدروسة، أي من خلال النجاح على مستوى الأسواق الأوروبية يمكننا بعد ذلك أن نعبر ونتواجد بسهولة على مستوى الأسواق الإفريقية. وفي المنتدى الجزائري الإفريقي نحن حاضرون مدة 3 أيام لعرض منتجاتنا للتعريف به لدى الزبون الإفريقي.