طباعة هذه الصفحة

الأولوية للتّصدير ...

الأسواق الإفريقية واعدة

سعيد بن عياد

لا يتوقف التصدير على المؤسسة الإنتاجية فقط، إنما يعني رفع التحدي كافة المتدخلين في السلسلة بما في ذلك الحلقات القوية مثل إدارة الجمارك والبنوك والتأمينات وقطاع المنشات القاعدية للمطارات والموانئ والطرق السريعة، إلى جانب المؤسسات المرافقة ذات التخصص في التجارة الدولية.

ويتعلق الأمر هنا بالمحيط العام للمؤسسة الجزائرية التي سجلت في السنوات الأخيرة نتائج على صعيد الإنتاج بالوفرة اللازمة والتحكم في الجودة يرشح أن تتعزّز حصيلتها في المرحلة المقبلة بعد أن فرضت الصدمة المالية الخارجية الانتقال وبسرعة إلى مرحلة الاعتماد على الموارد الوطنية والمحلية وتجنيدها لبناء اقتصاد إنتاجي ومتنوع يندرج في سياق الخيار الاستراتيجي للتوجه نحو الأسواق الخارجية.
وجاء في هذا الإطار تنظيم منتدى الجزائر إفريقيا، الذي جمع كافة المتعاملين والشركاء من القاة السمراء في لقاء يمكن وصفه ببورصة الاستثمار والأعمال التي تقدم للمتعاملين الجزائريين فرصا ثمينة الاولى من نوعها لإبرام صفقات بمختلف الصيغ تتقدمها مشاريع للتصدير، في وقت تظهر فيه عديد البلدان الافريقية ارادة التعاطي مع المنتوجات والمواد الجزائرية الصنع مثلما أكدته سلسلة الزيارات التي قام بها فادة افارقة الى بلادنا، حيث اطلعوا على مدى الامكانيات والطاقات في مختلف الميادين بما في ذلك قطاع الصناعة الميكانيكية والتحويلية الفلاحية والكفاءات البشرية والالكنرونيك والمنتجات الفلاحية وغيرها.
وتؤكّد معطيات الظرف الراهن أنّ كل العناصر الجوهرية حاضرة لإنجاز البرنامج الطموح لفتح افريقيا اقتصاديا وتجاريا على حد تعبير رئيس غرفة التجارة والصناعة الزيبان، ومن أبرز تلك العناصر استكمال البنية التحتية بمختلف المنشات القاعدية وربطها ببعضها البعض من طرق سريعة وشبكة للسكة الحديدة والموانئ والمطارات المجهزة بالوسائل الملائمة بما في ذلك سفن وطائرات الشحن.
وفي هذا الاطار حرصت الجزائر مبكرا على إنجاز هذه المنشآت الهامة ببعدها الافريقي قناعة بأن القارة السمراء هي المستقبل أمام انغلاق الاسواق الاوروبية المتكلنة والمحصنة بمنظومة المعايير المفروضة من جانب واحد تمثل في الحقيقة جدارا لكسر أي اتجاه تنافسي من خارج القارة العجوز المحاصرة بدورها من الهجمة التجارية والاستثمارية للصين الشعبية.
لم يعد التصدير عملا سحريا إنما اصبح حقيقة حتى وإن كانت الأرقام متواضعة جدا، لكن القدرات تبدو كبيرة مثلما يحرص على تأكيده الكثير من المتعاملين الذين أدركوا مدى الرهانات في ظل مؤشرات العولمة التي أزالت الحواجز الحمركية وفكّكت منظومة الحماية الاقتصادية لتضع الاسواق على خط المنافسة المفتوحة على كل الاحتمالات، بما في ذلك عودة الهيمنة الدولية على حساب اقتصاديات البلدان الناشئة أو السائرة في طريق النمو بالاخص نظرا لهشاشة اقتصاداتها أمام تراجع الايرادات المالية وارتفاع الطلب الاجتماعي.
وأمام هذه الحقيقة البارزة بدأت تتشكّل قناعة في أوساط المؤسسات الانتاجية العمومية والخاصة في مختلف القطاعات التي تتوفر على مؤشرات مشجّعة بضرورة التحول إلى قوة مصدرة للاسواق الخارجية من البوابة الاقريقية الواعدة، لكن شريطة التزام قواعد التجارة الفعالة المطابقة لمعايير المنافسة من حيث الوفرة والجودة والأسعار، ولكن خصوصا خدمات ما بعد البيع.
وسارعت بعض المؤسسات من القطاع الخاص مثل «كوندور» إلى دخول معترك التحدي بالتوجه الى عواصم افريقية وعربية مثل السينغال والسودان للتموقع في مرحلة إولى تليها عمليات واسعة للتسويق ينتظر إن تتمخض عنها نتائج مالية تعود بالفائدة على المؤسسة نفسها إولا وعلى الاقتصاد الوطني ثانيا، ولذلك من مجموعة جداول مهما كانت قلة تدفقها تشكل نهرا بقوة تدفق معتبرة. ولتجاوز مراحل جزئية واختصار مسافات طويلة، يمكن لإقامة تكتلات جزائرية أو بالشراكة حسب كل قطاع أو مجموعة قطاعات متقاربة أو مرتبطة من تعزيز التموقع في الاسواق الخارجية والتحكم في التكاليف.
ولا يمكن توقع نتائج بقدر المنتظر بلوغه في أجل مقبول دون اعتماد آليات التسويق الحديثة من خلال الماركتينغ واستعمال وسائل الاتصال التكنولوجية الجديدة، في وقت أكدت فيه وسائط شبكة الانترتيت مدى توغلها في الاسواق التجارية عبر العالم، وسيطرتها على حصص كبيرة منها ممّا يضع قطاع البريد وتكنولوجيات الاتصال أمام مسؤولية المساهمة في تعزيز تحسين مناخ الاعمال وتوسيع انفتاح الشبكة باتجاه الجنوب للارتباط بببلدان افريقية يراهن على دخول أسواقها دون التوقف عند مبررات بعد المسافات.
وباجتياز منعرج التصدير، يمكن انجاز الهدف الاستراتيجي للحد من الاستيراد، فتكتمل حلقات ترشيد النفقات في وقت لا يزال تلقي فيه تداعيات اسواق المحروقات بظلالها على المشهد الاقتصادي والمالي، الذي تتزاحم فيه حركيته اليومية تحاليل وتصورات الكقير من الخبراء الذين ينتظر منهم - وعدد منهم يبادر بذلك - تقديم الحلول الممكنة أكثر من البقاء في موقع المشخص، والراصد للمعطيات وإدراجها في سياق رؤية تشاؤمية لا يمكن أن تهيمن على الساحة التي تتطلع لتفجير الطاقات وحشد الامكانيات بمشاركة جميع الشركاء لإنجاز الوثبة الاقتصادية المنتجة للنمو.