طباعة هذه الصفحة

سوناطراك ..تشق طريق التحول الطّاقوي

فضيلة بودريش

 تعميم المحطّات الشّمسية على الحقول البترولية
2017 بداية الانفتاح الحقيقي على  الطّاقات البديلة

لعل التوجه الجديد نحو الانفتاح على الطاقات المتجددة من شأنه أن يرسم معالم المرحلة المقبلة بدقّة وثقة، من خلال السّير بخطى ثابتة نحو إرساء الأمن الطّاقوي، كون سوناطراك انخرطت بشكل عملي في تجسيد برنامج الطّاقات المتجدّدة، ويتعلّق الأمر بمحطة لتوريد الطّاقة الشّمسية مزودة بمخبر ذكي لتحول التكنولوجيا مع شريك أوروبي،  بدأ مجمّع سوناطراك  يشق الطريق نحو الطّاقات المتجدّدة من خلال الطّاقة الشّمسية «الكهروضوئية»، لتغطية كل الاحتياجات في الحقول ومواقع الإنتاج وجميع مرافقها ذات الطابع الاقتصادي بالطاقة الشمسية، وبات المجمّع النّفطي الجزائري الرائد إفريقيا معوّلا على رفع الرهانات المتاحة، حتى يصل إلى مرحلة التنويع الطاقوي، ومن شأن كل ذلك أن يبقي الطاقة كمصدر حي لإنتاج الثروة، مستغلاّ القدرات الكبيرة التي تتمتّع بها الجزائر من شمس ورياح على وجه الخصوص، وبما أنّ هذه المحطّة ستدخل حيّز السريان شهر ديسمبر المقبل، فإنّ سنة 2017 سوف تكون بداية الانفتاح الحقيقي على أفق الطاقات البديلة من دون منازع.
يمثّل المشروع الجديد الذي شرع في إنجازه عن طريق الشّراكة مع الرائد العالمي «إيني»، لإنجاز  محطة لتوريد الطاقة الشّمسية بطاقة إنتاجية تناهز الـ 10 ميغاواط، من خلال تثبيت ما لا يقل عن 32000 لوحة شمسية على مساهة 20 هكتارا ببئر ربع شمال الكائن في ولاية ورقلة، بداية الانفتاح الحقيقي على أفق الطاقات البديلة، ويأتي حجر الأساس كانطلاقة منتظرة لتعميم الطاقة الشّمسية على مختلف الحقول الطاقوية بإشراف من مجمع سوناطراك، الذي سوف يعكف على إنجاز هذا التحول الطاقوي بمساعدة مؤسسات جزائرية، يشترط أن يتّسم أداؤها بالنجاعة، ومن نقاط القوة التي يتضمّنها المشروع تزويده لأول مرة بمخبر بحث وصف بـ «الذكي»، يختص فقط بمهمّة تطوير الطاقات المتجدّدة، ويعول عليه في تطوير وتحويل التكنولوجيات الجديدة على أرض الواقع، طبقا لاتفاقية التعاون والشراكة التي تجمع بين «سونطراك» و»ايني» الايطالية، وتمّ التوقيع عليها بتاريخ 25 نوفمبر 2016، علما أنّ هذا المشروع الطموح والمهم من المقرر أن يتم تزويده بمنشآت تسمح له باقتصاد نحو 6 ملايين متر مكعب سنويا من الغاز. يمكن وصف المحطة بالنموذجية التي ستحمل تجربتها الكثير لقطاع الطاقة، خاصة على صعيد تكوين الإطارات وتأهيل اليد العاملة وتزويد مجمع سونطراك بخبرات جديدة يساعدها على تكثيف استثماراتها في الداخل وفي الخارج، بعد تحقيق الاكتفاء الذاتي وتلبية الحاجة الوطنية، يذكر أنّ مشروع المحطة منعرج مهم في مجال التحول الطاقوي وتنويع مصادر الطاقة.
  توفير 63 مليار دولار
لاشك أنّ هذه الشّراكة الجزائرية الايطالية تندرج ضمن البرنامج الوطني الواعد من أجل تطوير الطاقات المتجددة، حتى يتسنى ضخ في آفاق عام 2030 سقف22 ألف ميغاواط من الطاقات المتجدّدة، بهدف تغطية حاجيات السوق الوطنية، بينما يتم رصد في حدود الـ 10 آلاف ميغاواط للتصدير نحو أسواق خارجية، ويتوقّع الخبراء في هذا المقام النجاح في تقليص نسبة الاستهلاك بأزيد من 9 بالمائة بكل ما يتعلق بالطاقات الاحفورية في آفاق 2030، وبالتالي اقتصاد ما لا يقل عن 240 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي أو ما يعادل 63 مليار دولار، أي غلاف مالي معتبر لن تتكبّد خسارته الجزائر وسوف يضاف إلى رصيدها.
يبدو أنّ الطاقة الشمسية سوف تحتل صدارة الاهتمام بالنظر إلى القدرات الكبيرة التي تتوفر عليها الجزائر، والمطلوب بداية من اليوم التحكم في التكنولوجيا من أجل تجسيد التحول بعيدا عن أي صعوبة أو بطء، انطلاقا من عملية استغلال الطاقات الباطنية والانتقال إلى استغلال ثروة أخرى لا تنضب، والجزائر في المرحلة الحالية عازمة على التواجد في قلب الطاقات المتجددة، بالموازاة مع تنويع اقتصادها بالمشاريع الصناعية والفلاحية والسياحية، تسهر إلى جانب ذلك على تنويع مصادر الطاقة سواء تلك المخصصة للاستهلاك المحلي، الذي مازال مرشّحا للارتفاع أو ذلك الذي ينتظر منها أن يسوق نحو التصدي، بالنظر إلى موقعها الاستراتيجي الذي يتوسط قارتي إفريقيا وأوروبا، ولتنويع منتوجها لزبائنها التقليدين ومن خلال التوسع عبر أسواق أبعد.
وينتظر خلال أسابيع قليلة فقط إطلاق المناقصة المتعلقة بالمشروع الضخم المتمثل في توليد الطاقة الشمسية الضوئية بقدرة لا تقل عن ٠٢٥ . ٤ ميغاواط، كما أعلن في السابق حتى يتم انتقاء أحسن المستثمرين المهتمين بهذه الصفقة، ويتوقّع أن تعرف إقبالا للظفر بها، علما أنّ هذا المشروع الكبير سيسمح بإنجاز العديد من محطات توليد الكهرباء.
ويتضمّن المشروع الذي قسم إلى ثلاث حصص بطاقة إنتاجية تناهز الـ ٣٥٠ . ١ ميغاواط، حيث ينقسم إلى قسمين طاقوي والقسم الثاني صناعي. كما يرتقب انجاز عدة محطات لتوليد الكهرباء بمنطقتي الهضاب العليا والجنوب الكبير، حيث تتوفر طاقة كبيرة جدا من ثروة الطاقة الشمسية بكل من ولاية بشار والوادي وورقلة وبسكرة والجلفة والمسيلة، حيث يحرص أن تصل الطاقة الإنتاجية لكل محطة ما لا يقل عن الـ 100 ميغاواط. ويتطلّب إرساء أسس قاعدة صناعية في مجال الطاقة الكهروضوئية من خلال إنجاز مصنع أو عدة مصانع لإنتاج العتاد والتجهيزات المخصصة لهذه الوحدات، وهذا ما سيسفر عن تقليص حجم استهلاك الغاز المخصص لإنتاج الكهرباء بمحطات توليد الطاقة الشمسية بالتناوب مع محطات الغاز، وهذا من شأنه أن يفضي إلى اقتصاد كميات معتبرة من الطاقة.
تقليص الكلفة ورفع التّنافسية
يمكن القول أنّه حان الوقت كي يدرك أن الطاقة المتجددة تسمح بالوفرة وتقليص الكلفة ورفع التنافسية، وهذا ما سوف ينعكس على الاقتصاد الوطني ويمكن من التصدير إلى الخارج، وبحكم شساعة الإقليم تستبدل الكوابل الكهربائية وبلوحات شمسية تركب في المنازل، وشيئا فشيئا تدرج في قطاع البناء، وأما النجاح  مرهون برفع هذا التحدي، حيث يشترط التحكم في هذه التكنولوجيا وتوسيع الاستثمارات وإقحام القطاع الخاص، ليساهم بدوره في ارساء التحول الطاقوي حيث تتواجد المناطق الصناعية الجديدة المؤهلة للدخول أي تستعمل الطاقة المتجددة بدل الطاقة التقليدية، علما بأن الجزائر سطّرت في البرنامج الوطني للطاقات المتجددة تركيب نحو 22 ألف ميغاواط، ومن شأن ذلك أن يرفع حصة الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة إلى سقف الـ 27 بالمائة من الإنتاج الوطني للكهرباء، في آفاق الفترة الممتدة ما بين 2035 و2040، حيث يعتمد في ذلك وعلى شكل كبير على الطاقة الشمسية والطاقة المستخرجة من الرياح، وإلى غاية اليوم، قطعت الجزائر بعض الأشواط من بينها إنجاز ما يعادل 400 ميغاواط من الطاقة المتجددة عبر 14 ولاية فقط، والمستثمر المحلي مطالب بالانضمام إلى المشروع وتسريع إنجاح المسعى عن طريق صناعة المعدات من ألواح شمسية على وجه الخصوص. والجدير بالإشارة فإنّ الطاقة الشمسية تساهم في انجاز هذا البرنامج في حدود ٥٧٥ . ١٣ ميغاواط وطاقة الرياح بـ ٠١٠ . ٥ ميغاواط والكتلة الحيوية بـ ٠٠٠ . ١ ميغاواط والتوليد المشترك للطاقة 400 ميغاواط، وأما الطاقة الحرارية الأرضية لن تقل عن15 ميغاواط. ولا يخفى أن مشروع إنتاج 4000 ميغاواط من الطاقة الشمسية سوف يمتد تجسيده على مدى الـ 6 سنوات كأقصى حد، ويقسّم على 3 حصص كاملة تنجز بشكل تدريجي.